البرجوازية
الانقسام الحاد في حياة البشر إلى طبقات من الحقائق التي لا يمكن إنكارها. ففي حين نجد، في العالم الذي نعيش فيه، بعض البشر يحيون في ظل أقسى شروط للعمل من حيث عدد الساعات، والإجازات، وفي حين نجد من يعيشون في منازل مشتركة مكدسة، وينالون أقل حماية صحية ممكنة مما يصل بهم إلى أعلى معدلات للوفاة؛ في حين نجد هذا كله، نجد أيضًا آخرين ينالون أفضل رعاية صحية ممكنة، ويحوزون أكبر قدر من الترفيه والثقافة، كما يدخل أطفالهم في مدارس مميزة تقودهم إلى أفضل تعليم عال وإلى مزيد من الثروة.
وبرغم ذلك يخطئ الكثيرون عندما يربطون الوضع الطبقي، في أساسه، بمستوى المعيشة والحالة الاقتصادية والدخل. هذه الأمور هي مجرد مظاهر مهمة. لكن تعريف الطبقة هو أنها علاقة اجتماعية أولاً وأخيرًا. فالتقسيم الطبقي يقوم على أساس موقع البشر من عملية الإنتاج وعلاقتهم الموضوعية بها – ملكيتهم (أو عدم ملكيتهم) لأدوات الإنتاج وتحكمهم (أو عدم تحكمهم) في عملية الإنتاج. وهذه العلاقة يمكن أن تتطور باستمرار، وفق تطور دائم وصراع مستمر حول التحكم في الإنتاج والثروة التي تجني منه.
وفي عالم اليوم تنقسم المجتمعات إلى طبقتين أساسيتين وفقًا لعلاقتهما بعملية الإنتاج والاستغلال تحت الرأسمالية، هما البرجوازية (طبقة الرأسماليين)، التي تملك وتسيطر على وسائل الإنتاج، والبروليتاريا (الطبقة العاملة)، والتي لا تملك شيء سوى بيع قوة عملها من أجل الاستمرار في الحياة.
والاشتراكيين الثوريون، الذين ينطلقون من هذا التعريف الملموس، لا يقعون في الأخطاء التي تربط الوضع الطبقي بنظرة مجموعة من البشر لأنفسهم. كما يساعد هذا التعريف الثوريين في فضح ادعاءات الانتهازيين والإصلاحيين الذين يتحدثون عن انتهاء الطبقات أو انتهاء المفاهيم الكلاسيكية عن البرجوازية، وبدء عصر الرأسمالية الحديثة التي لا تقوم على استغلال العمال!!! وإنما على الوفرة والمعلومات (ما يطلق عليه المجتمع ما بعد الصناعي).
وانطلاقًا من هذه النظرة سنحاول في هذا المقال الرد على العديد من الأسئلة التي تفرض نفسها على الثوريين عن البرجوازية: كالسؤال عن معنى البرجوازية وتاريخها وتطورها؟ وهل يعني تطورها عن تلك الصورة التي رسمها له البيان الشيوعي منذ 150 سنة انتهاء مجتمع الاستغلال الطبقي؟ وما علاقة البرجوازية بالدولة؟ إلى آخر هذه الأسئلة.
ما هي البرجوازية؟
البرجوازية هي، في جوهرها، طبقة الرأسماليين المالكين والمديرين للإنتاج الاجتماعي (أي الذي يشترك في إنتاجه أفراد المجتمع) والذين يتحكمون في هذا الإنتاج ووسائله، وهو ما يعني أنهم يستغلون العمال عن طريق التحكم في قوة عملهم.
والرأسماليون هم مجموعة صغيرة من الأشخاص تتركز في أيديهم الثروة، ويستطيعون بسهولة، بالنظر إلى ما لديهم من سلطة وثروة، إدارة النظام الاجتماعي بما فيه من بشر. والثروة التي يراكمها الرأسماليون لا يحصلون عليها بسبب جهدهم وعرقهم، الذي ربما يلعب أحيانًا دور محدود جدًا في ذلك، إنما يحصلون عليها بسبب سيطرتهم على أدوات الإنتاج التي تتيح لهم نهب عمل الآخرين. ويميل الرأسماليون إلى البحث عن المزيد من الأرباح عن طريق رفع معدلات استغلال العمال وزيادة فائض القيمة المأخوذ من عرقهم. ولذلك نجد أن الرأسمالي يسعى، في أوقات الأزمة، إلى تقليص أجور العمال، وإطالة يوم العمل، ودفع نفس الأجور في مقابل بيع العمال وقت عمل أكبر.
وعلى الرغم من أن بحث الرأسماليين باستمرار عن الأرباح، وروح المنافسة التي هي شيمة المجتمع الرأسمالي – الحر!! – تخلق تقسيم وصراع مصالح بين الرأسماليين. إلا أن هذا التضارب في المصالح لا يزعزع أبدًا وحدتهم في مواجهة العمال. فهذه الطبقة تعي جيدًا مصلحتها الواحدة. تتمثل هذه المصلحة المشتركة في ضرورة تعظيم الربح وتقليل الخسائر وضرورة الحفاظ على نظام الملكية الخاصة لأدوات الإنتاج وصيانته. والدولة الرأسمالية – كما نعلم جميعًا – هي التي تحقق، عمليًا، وحدة الطبقة الرأسمالية، وهي التي تصون مصالحها الأساسية؛ ربما أحيانًا حتى ضد مصالح جناح أو آخر من الطبقة ذاتها.
وفهم الثوريون الطبقي يقودهم إلى التأكيد على أن الرأسماليين، الذين هم أقلية ضيقة في المجتمع، لا يشكلون وحدهم الطبقة البرجوازية، وإنما تشتمل البرجوازية أيضًا على عائلات هؤلاء الرأسمالية وعلى المديرين وقادة الجيش والشريحة العليا والوسطى من القضاة والحكام الذين يديرون المجتمع من وجهة نظر المصالح الاجتماعية للرأسماليين، هذه الفئات تلعب دورًا رئيسيًا في إدارة والمحافظة على المجتمع الرأسمالي وهو ما يعني أنهم يساهمون في استغلال الطبقة العاملة. وبالتالي فهم جميعًا ينبغي أن يضافوا إلى البرجوازية لكونهم جزء لا يتجزأ من مشروعها الواحد، متفقين في المصلحة الواحدة وفي الموقع الطبقي الواحد. ومن ناحية أخرى فأجور هؤلاء جميعهم ليست مقابلاً لعملهم وإنما هي مقابل المشاركة في نهب فائض القيمة، المأخوذ من عرق العمال.
وتوجد العديد من القطاعات في المجتمع تلعب أحيانًا أدوارًا بارزة في مساعدة البرجوازية في إدارة المجتمع الرأسمالي كالشرائح العليا من الإداريين في الجهاز التعليمي، وكالصحفيين الكبار في المؤسسات الصحفية الحكومية. تساهم هذه الفئات في تشكيل وعي جماهير الفقراء والعمال، وتبث الأفكار التي تساعد على تدعيم استقرار المجتمع الرأسمالي. كما يساعد في إدارة هذا المجتمع الشرائح العليا من المهنيين، كالأطباء والمهندسين والمحامين. وبالرغم من ذلك، فإن القضية، فيما يتعلق بالوضع الطبقي لهؤلاء، تتمثل أولاً وأخيرًا في علاقتهم – المباشرة أو غير المباشرة – بعملية الإنتاج وبالطبقات الأخرى إذ يعمل العديد منهم بأجر محدود (الأطباء الصغار مثلاً) وبالتالي لا يمكن اعتبارهم من البرجوازية، ويعمل آخرين كرأسماليين (الأطباء مالكي المستشفيات)، وهؤلاء هم جزء من الطبقة البرجوازية.
وإذا كانت البرجوازية كطبقة قد ظهرت للوجود مع ظهور الرأسماليين، فهي قد تطورت مع تطور الرأسمالية. حيث أدى التطور والتثوير المستمر لأدوات الإنتاج إلى تطور في النظام الرأسمالي، وبالتالي إلى تطور أشكال الملكية. كان من نتيجة هذا التطور أن اختفت صورة الرأسمالي القديم المالك لمصنع أو مصنعين ويعمل عنده مئات قليلة من العمال وعدد من المديرين، وهي الصورة التي كانت واضحة في القرن 19. وبدلاً من هذه الصورة القديمة ظهرت الشركات المساهمة والشركات الضخمة عابرة القومية ومتعددة الجنسية. هذه الشركات، بالرغم من إننا يمكن أن نجد فيها مساهمين (ملاك) كثيرين وليس مالك واحد، وبالرغم من أن إدارتها يقوم عليها متخصصون منفصلون – نسبيًا – عن المالكين (يحصلون على حصة من فائض القيمة نظير قيامهم بالإدارة) إلا أن هذا الاختلاف في الأشكال لا يمكن أن ينفي الطبيعة الرأسمالية والوحشية لتلك الشركات. والحقيقة أنه كانت من نتائج هذا التطور أن ازدادت أهمية شريحة هامة وهي شريحة المديرين الكبار – المتحكمين المحترفين – الذين يديرون شركات ضخمة ويلعبون دور بارز كشركاء للبرجوازية، وتجمعهم معها وحدة المصلحة. هذه الشريحة، بدون شك، تدخل في تعريف البرجوازية، فهي تلعب دورًا في السيطرة واستغلال العمال، وتحصل في مقابل عملها على جزء من الأرباح. وتختلف هذه الفئة عن هؤلاء المديرين والموظفين المتوسطين الذين يلعبون دور خدم محدودي السلطة للرأسماليين يبيعون قوة عملهم.
وفي أحيان كثيرة تدخلت الدولة لتؤمم بعض الصناعات أو انتزعت لنفسها احتكار العمل في بعض المجالات، خاصة البنية الأساسية – كالطرق مثلاً. ويعتبر المديرين الكبار لهذه الصناعات والشركات جزءًا من الطبقة الرأسمالية. ويرتكب أدعياء الاشتراكية مغالطات انتهازية قذرة عندما يفرقون بين الرأسماليين في القطاع العام والقطاع الخاص، ففي الحقيقة لا توجد هذه التفرقة. ففي العديد من الدول لا يمكن أن نعتبر هؤلاء الذين يلعبون دور بارز في استغلال العمال باسم الدولة – في مجتمعات رأسمالية الدولة – إلا رأسماليين. ذلك أن تطور البرجوازية في هذه المجتمعات قادها إلى اتخاذ شكل البرجوازية البيروقراطية، كما هو الحال في مجتمعات مثل روسيا ستالين، وكوبا كاسترو، ومصر عبد الناصر.
ويتحكم في الأمر التطور الرأسمالي الذي بموجبه يتطور المجتمع في مراحل معينة، ولا يعرف الحدود الجامدة بين الطبقات، ويجعل قطاعات معينة تعيش نمط حياة الرأسمالي وتشارك في نهب فائض القيمة، كما يحول آخرين إلى عمال مأجورين.
تطور البرجوازية وسماتها:
نشأت البرجوازية بعد أن تطورت وسائل الإنتاج والتبادل داخل المجتمع الإقطاعي، وبعد أن بلغت هذه الوسائل حدًا معينًا من التقدم والرقي لم تعد فيه العلاقات الإقطاعية للملكية تتفق مع القوى المنتجة، وأصبحت تعرقل الإنتاج عوضًا عن تطويره، فجاء المجتمع البرجوازي الحديث وخلق وسائل الإنتاج والتبادل المناسبة له في عالم المنافسة الرأسمالية حيث توطدت الصناعة الكبرى وتأسست السوق العالمية.
ومن السمات الأساسية للبرجوازية، بالإضافة إلى وحدة مصلحتها، أنها في طريق إحداثها لتغييرات مستمرة على أدوات وعلاقات الإنتاج، تقوم بقلب العلاقات الاجتماعية ذاتها رأسًا على عقب. في عالم الرأسمالية المتوحش تصبح سمة العلاقات الاجتماعية كلها عدم الأمان. لا تبقى البرجوازية في هذا النظام (بكل ما يشتمله من مؤسسات كالأسرة، وقيم كالأخلاق… التي تخدم البرجوازية)، إلا على ما يتفق مع مصالحها، ومع هدف تحقيق الاستقرار الذي تجلب بواسطته مزيد من الربح.
غير أن السمة الأساسية جدًا للبرجوازية، والتي ترتبط بموقعها، وبتطور الصراع الطبقي أيضًا، هي أنها أضحت ضد التغيير الثوري لإنهاء مجتمع الاستغلال.
فهذه الطبقة صعدت في الغرب في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وخاضت حربًا سياسية عاتية ضد القوانين الإقطاعية التي قيدت التراكم الرأسمالي واستبعدت شرائح برجوازية عديدة من المشاركة السياسية. وقاد احتياج هذه الطبقة للتغيير وثوريتها إلى استدعاء تأييد الجماهير الشعبية ضد خصومها، أمام المقاومة العنيدة من جانب الطبقة الحاكمة القديمة (الإقطاع). وهكذا فإن الثورة البرجوازية اتخذت شكل الصراع من أجل الحقوق السياسية العامة، من أجل أنظمة “ديمقراطية”، وصدرت إعلانات الماجنكارتا في إنجلترا، وأعلنت الثورة الفرنسية وثيقة حقوق الإنسان والماطن، وأكدت إنها ثورة الحرية والإخاء والمساواة. لكن الحقيقة أن هذه الديمقراطيات لم تنته بانتصار الفقراء وحكمهم. إذ شهدت الثورة البرجوازية الجمع بين طرح المساواة بين الجميع علنًا، وطرح حق المواطن في المشاركة في إقرار السياسة العامة (المساواة والديمقراطية السياسية) من جانب، وبين استمرار علاقات الاستغلال (اللا ديمقراطية والظلم الاجتماعي والاقتصادي) من جانب آخر. وكل ما تغير على صعيد الاستغلال هو حلول العلاقة بين الرأسمالي والعامل بدلاً من العلاقات بين الإقطاعي والفلاح.
ومن هذه الفترة غدت البرجوازية تقدر جيدًا المعنى الثمين للاستقرار، وهو الأمر الذي لا يعني سوى بقائها، وبقاء اعتصار العمال والفقراء. فأصبحت تعادي التغيير الثوري الذي سيسلب منها هذا الذهب المنهوب من عرق المستغلين.
البرجوازية والدولة:
يرتكب الإصلاحيون خطأ يليق بإصلاحيتهم، عندما يروجون الإدعاء الكاذب بأن الدولة تلعب دور محايد بين الطبقات. ويدللون على كذبهم بأن الدولة أحيانًا تتورط في صراع مع قسم من البرجوازية. هذا الكذب تفضحه طبيعة الرأسمالية ذاتها، حيث تلعب الدولة دور واسع، لا تقوم بموجبه فقط بحماية الرأسمالية والرأسماليين وأرباحهم عن طريق إرساء أسس الشكل والنظام الاجتماعي المناسبين لضمان هذه الحماية، بل يتجاوز ذلك إلى تنظيم عملية الاستغلال ليكون في أفضل صورة.
ولم يخطئ البيان الشيوعي عندما وصف الدولة بالجهاز التنفيذي للطبقة الرأسمالية فيقول: “البرجوازية بعد أن استولت على كل السلطة السياسية في الدولة التمثيلية الحديثة، قد جعلت هذه الحكومات الحديثة ليست سوى مجرد لجان إدارية تدير الشئون العامة لصالح الطبقة البرجوازية بأسرها”.
إن هذا الدور للدولة هو الذي يقودها أحيانًا حتى للتدخل بالتأميم لصالح حماية الرأسماليين من المنافسة الخارجية، وكرد فعل لضعف رأس المال المحلى. وفي هذه الحالة تقوم الدولة ذاتها بدور الرأسمالي بكل ما يحويه هذا من استغلال ونهب. ولذلك، فلا ينبغي تأويل التأميم مثلاً على أنه اشتراكية، أو على أنه عداء من جانب الدولة لرأس المال، وإنما على أنه سياسة من جانب الدولة لحماية نظام الاستغلال الرأسمالي، حتى ولو كان هذا على حساب الرأسماليين الأفراد.
وأدعياء الاشتراكية عندما يتحدثون عن الدور المحايد للدولة، أو يتحدثون عن التوفيق بين الطبقات في الدولة البرجوازية – التي ليست سوى تنظيم للقوة وللعنف بقصد قمع الطبقة المستثمرة (البروليتاريا) – لا يتخلون فقط عن النضال الطبقي وعن هدف تحطيم الدولة، بل يتصورون إمكانية تحقيق الاشتراكية بصورة خيالية، ليس بصورة إسقاط سيادة الطبقة المستثمرة. تعتمد هذه الصورة المثالية والرجعية على أن الأقلية (البرجوازية) سوف تخضع حتمًا وبشكل سلمي للأكثرية (البروليتاريا).
ويؤكد لينين في الدولة والثورة أن هذه المثالية البرجوازية الصغيرة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالاعتراف الخيالي بوجود الدولة – المحايدة – التي تقوم فوق الطبقات، وأنها تقود حتمًا إلى خيانة مصالح الطبقات الكادحة، وهو الأمر الذي تبينه خبرة ثورتي 1848 و1871 الفرنسيتين، والذي يثبت أيضًا من خبرة الاشتراك “الاشتراكي” بالوزارات البرجوازية في إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وغيرها من البلدان في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وحتى الآن، وهو الأمر الذي يحبه تمامًا الاشتراكيين الديمقراطيين أنصار الإصلاح لا الثورة.
البرجوازية والبروليتاريا:
لم يقض عالم الرأسمالية على التناقض بين الطبقات الذي أصبح الشيمة الأساسية لجميع المجتمعات. فقد أقام المجتمع البرجوازي الحديث، والذي ولد من أحشاء المجتمع الإقطاعي، طبقات جديدة وظروف جديدة للاضطهاد وأشكالاً جديدة للنضال بدلاً من القديمة. غير أن عصر الرأسمالية جعل التناقضات الطبقية أكثر حدة ووضوحًا، وتنقسم المجتمعات فيه إلى الطبقتين الأساسيتين البرجوازية والبروليتاريا.
وطريق التطور الرأسمالي خلق طبقة العمال التي تضطر لبيع نفسها لتعيش، ولا تجد عملاً إلا إذا كان عملها هذا ينمي رأس المال ويعني ربحًا للرأسمالية، والعمال المجبرين على بيع أنفسهم هم بضاعة تتعرض لكل تقلبات المنافسة والسوق.
تقف الطبقة العاملة دائمًا في مواجهة البرجوازية وتتناقض مصالحهم على طول الخط. حتى تنمو البرجوازية وتنتعش وتحقق أرباحًا، تحتاج لاستغلال واعتصار العمال، وبالتالي فمن مصلحتها استمرار النظام الرأسمالي كما هو ليكفل لها هذا. وحتى يحصل العمال على حقوقهم، وحتى يتخلصوا من القمع والاستغلال المستمر، يحتاجون للقضاء على النظام الرأسمالي الذي يحيا على دمائهم.
وفي طريق الرأسمالية الوحشي، فإن البرجوازية كثيرًا ما تواجه أزمات. وفي اندفاعها للتغلب على هذه الأزمات كثيرًا ما تدمر بعض قوى الإنتاج وتستولي على أسواق جديدة وتزيد استثمار أسواق قديمة، وباختصار تحضر باستمرار أزمات أعم وأهول. وفي هذا الطريق الذي فيه خلقت الرأسمالية الطبقة العاملة لتستغلها وتنهبها باستمرار يمكن أن يستخدم العمال ذات الأسلحة التي صنعتها – وخلقتها قبل ذلك – البرجوازية.
حيث يستطيع هؤلاء المستثمرين المنهوبين، فقط إذا ما اتحدوا بقيادة حزبهم الثوري، تحطيم هذا العالم الوحشي وإنهاء الاستغلال وبناء الاشتراكية.