بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

الفاشية تطل برأسها.. اقطعوا هذا الرأس

وقعت في شهر إبريل الماضي ثلاث انفجارات في بريطانيا قامت بها جماعات نازية، وقد أودت الانفجارات بحياة عدة أشخاص وأصابت العشرات في حملة عنف يقوم بها النازيون الجدد في بريطانيا، وقد سبقت هذه الحملة حملة من التهديدات قامت بها هذه الجماعات ضد الأقليات الآسيوية والسود واليهود، وحملة من رسائل التهديد وجهت إلى برلمانيين سود وإلى يهود بارزين تضمنت تهديدات بالقتل والإبادة.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية شهدت إحدى المدارس الثانوية مذبحة بشعة قامت بها مجموعة من الطلبة يسمون أنفسهم “عصابة المعاطف السوداء”، وقد تمت المذبحة في يوم 20 إبريل، وهو يوم ميلاد هتلر. وقد استهدف القتلة بشكل أساسي السود والرياضيين والمتدينين من أنصار التسامح المسيحي.

وفي تركيا، في أعقاب موجة “الهوس القومي” التي أعقبت القبض على عبد الله أوجلان، فاز حزب الأمة الشعبي القومي المتطرف بـ 128 مقعدا في البرلمان الجديد بينما كان له في البرلمان السابق مباشرة 3 مقاعد فقط، وهذا الحزب يحمل خليطا من الأفكار القومية المتطرفة والأفكار الفاشية، وعدد كبير من كوادر الحزب كان مشتركا في الميليشيا اليمينية المسلحة المسماة “فرق مكافحة الانفصال الكردي” المدعومة من الجيش والحكومات التركية المتعاقبة منذ منتصف السبعينات.

ولكن على أي أساس تنمو الفاشية؟

إن تصاعد مد اليمين المتطرف في العالم من الولايات المتحدة وأوروبا العربية إلى تركيا والهند، هو تعبير عن احتدام الأزمة الاقتصادية للرأسمالية العالمية وضغط هذه الأزمة على الطبقة المتوسطة والتي إما أنها تتجه نحو اليسار إذا كان يملكم قوة كافية ونشاطا متزايدا ووضوح فكري وعزيمة حقيقية على تغيير المجتمع، أو تتجه نحو المجموعات الفاشية التي تجذب شباب الطلبة وشباب الطبقات الوسطى بالعنف الاستعراضي، حيث ترضي عند هؤلاء الشباب الرغبة الملحة في فعل شئ ضد هذا الواقع الذي يسحقهم، وتقدم لهم إطارا مناسبا للعمل غير المنضبط، وهو الانضباط الذي يفترضه الانتماء إلى اليسار أو الانتماء إلى حركة تغيير طبقية عريضة.

وأهم عاملين يدفعان شباب الطبقات الوسطى نحو الفاشية هما نمو الأفكار الوطنية والقومية المتطرفة، ونمو الصراع بين الطبقة العاملة والرأسماليين، فكلما اشتدت الأزمة الاقتصادية الرأسمالية بدأ العمال في تنظيم أنفسهم والعمل النشيط للدفاع عن مستوى معيشتهم، وبدأ الرأسماليون في الهجوم مرة بعد أخرى على مستويات معيشة العمال.

وفي البلاد التي تتمتع بديمقراطية سياسية يتخذ الصراع شكل الضغط والضغط المضاد من خلال المؤسسات الشرعية والطرق القانونية، وعندما يتمتع العمال بقوة تنظيمية كافية يفشل الرأسماليون في حل أزمتهم على حساب العمال ويفقدون الثقة في المؤسسات الشرعية التقليدية، ومن ثم يلجأ الرأسماليون وأحزابهم، وأحيانا الحكومات، إلى دعم المجموعات الفاشية للقضاء على مقاومة العمال، ومن أجل ترجيح كفة الصراع الطبقي لصالح الرأسمالية، ومن ثم يستخدم الفاشيين، هؤلاء الشباب المدربون على العنف والذين يحركهم الهوس القومي ويقودهم أشخاص متعطشون للدماء، يستخدمونهم للقضاء على مقاومة العمال عن طريق تنظيم حملات عقابية ضد العمال المضربين تحت دعاوى وهمية مثل حماية الاقتصاد الوطني، ويستخدمونهم في تدمير المنظمات العمالية تحت دعاوى حماية المجتمع من الشيوعية، وعندما يفتقد العمال لحزب ثوري قوي قادر على تنظيم مواجهة قوية ضد الفاشيين وقادر على قيادة العمال من أجل تغيير المجتمع تغييرا جذريا وإقامة سلطة العمال، فإن مستقبل وجود الطبقة العاملة السياسي يكون في خطر، وتصبح النقابات العمالية والأحزاب العمالية وحتى نوادي العمال عرضة للهجوم الفاشي الذي يتزايد خطره مع كل نجاح للفاشيين، ومع كل تخاذل في المواجهة من قبل العمال واليسار.

المواجهة

إن الحديث عن مواجهة الفاشيين ليس مجرد حبر على ورق أو مجرد إرشادات قدمها تروتسكي لثوريين يعجزون عن العمل بها، فاليسار الثوري في أوروبا يخطو خطوات قوية على طريق مواجهة الفاشية والنازية، ففي بريطانيا نظمت “رابطة مكافحة النازية” مظاهرة صبيحة يوم الانفجار الثالث بها أكثر من 5 آلاف شخص احتجاجا على نشاط المجموعات النازية، وأعلنت الجبهة – التي يقودها اليسار الثوري – أنها تعد، بالتعاون مع قوى أخرى، لمظاهرة كبيرة تنطلق من حي “بريكستون” بلندن الذي تسكنه أغلبية سوداء، مرورا بحي “سوهو” الذي حدث فيه الانفجار الأخير لتصل إلى مقر رئاسة الوزراء، واليسار الثوري في إنجلترا يعمل بشكل دائم على ضرب النازيين وتدمير مسيراتهم ومظاهراتهم، وقد أدى هذا الضغط الدائم إلى تشتيت النازيين في بريطانيا وتفتيتهم إلى عدد من المجموعات الصغيرة جدا وعدم قدرتهم على التجمع في حزب واحد وعمل جماعي كبير.

وفي فرنسا يقود اليسار الثوري حملة ضد الفاشيين الذين تقودهم “الجبهة الوطنية” بقيادة لوبان، وأجبرت هذه الحملة اليمين التقليدي على إدانة ومهاجمة الفاشيين (على صفحات الجرائد فقط بالطبع) بعد أن كان اليمين التقليدي يفكر في التحالف معهم في الانتخابات المحلية السابقة، وقد نظم اليسار في فرنسا مظاهرة من مائة ألف شخص احتجاجا على نشاط الفاشيين، وعلى وجودهم، وقد أدى هذا الضغط المستمر إلى انشقاق “الجبهة الوطنية” الفاشية مما زاد من ضعفها وحد من قدرتها على العمل.

وفي تركيا كان يوم أول مايو يوما للاحتجاج على حزب الأمة الشعبي اليميني المتطرف، حيث تجمع عشرات الآلاف في المدن التركية لإعلان رفضهم لوجود هذا الحزب وتأييدهم لحق الأكراد في تقرير المصير وللاحتفال بيوم عيد العمال.

وهكذا فما زالت المعركة ضد الفاشية في بدايتها، وكل تحرك جماهيري ضد الفاشية يجعل الرأسماليين يعيدون التفكير في جدوى دعم الفاشية وكل رد قوي وعنيف على أي تحرك فاشي سوف يهز الفاشيين ويضعفهم ويفتت قواهم وسوف يزيد من ثقة جماهير العمال بجدوى العمل في الشارع، وكلما كان اليسار الثوري في قلب هذا العمل سوف تزيد قوته وتزيد قدرته على قيادة الجماهير العمالية من أجل السير على جثث الفاشيين للوصول إلى مواجهة العدو الحقيقي، وهم الرأسماليين، والإطاحة بهم ووضعهم في مزبلة التاريخ بجانب أصدقائهم السفاحين من نازيين وفاشيست.