بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أ ب اشتراكية: الحزب الثوري.. حياة أو موت

يناضل الاشتراكيون الثوريون، منذ سنين طويلة، من أجل بناء حزب ثوري في مصر. لماذا إذن كل هذا العناء طالما أن الثورة نفسها بدأت دون أن ينجح الاشتراكيون في بناء مثل هذا الحزب؟ لماذا يجب بناء حزب ثوري، وما هو دوره؟ إن اللحظة الراهنة للثورة تستطيع تقديم إجابات شافية لمثل هذه التساؤلات.

فلقد بدأت الثورة في مصر بانتفاضة عملاقة استطاعت فيها الجماهير، بصمودها وتضحياتها، الإطاحة بديكتاتور من أعتى وأشرس الحكام في العالم. وصحيح أن الانتفاضة انتهت بالانتصار على الديكتاتور، لكن الانتفاضة نفسها ليست إلا بداية لثورة شاملة؛ فالنظام الذي رسخ قواعده طوال ثلاثين عاماً لازال قائماً إلى الآن، والطبقة الحاكمة بكل ما تملكه من قوة ونفوذ لا يمكن أن تختفي بسهولة في بضعة أيام أو أسابيع. لذلك فهي تحاول بكل الطرق الممكنة إيقاف الثورة ومنعها من التقدم، حتى تستطيع هي البقاء والاستمرار بأقل قدر من الخسائر. هذه الطبقة لا يزال لديها أدوات قمع هائلة مستعدة لاستخدامها ضد الثورة، ولا تزال تتحكم في أجهزة إعلامية سريعة النفاذ وشديدة التأثير.
أما الجماهير، فليس لديها في مواجهة كل ذلك سوى وحدتها، وهذه الوحدة فقط هي التي ستمكنها من الصمود أمام نظام الطبقة الحاكمة الذي يشن اليوم ثورته المضادة، وهي التي ستمكنها من التقدم بهذه الثورة تجاه إصلاحات جذرية عميقة في حياتها، كما مكنتها من قبل من إسقاط رأس النظام –مبارك.

لكن هل تقف كل الجماهير المصرية عند مستوى واحد من الوعي؟ بالطبع لا.

فلقد عاشت الجماهير طوال عمرها في ظل قمع أمني مخيف وتوجيه إعلامي وتعليمي فج، مما يخلق نوع من التفاوت في مستوى الوعي بين قطاعات الجماهير وبعضها، تبعاً لدرجة التأثر بأفكار ودعاية الطبقة الحاكمة. وإذا افترضنا أن الجماهير لديها نفس الدرجة من الوعي، فلم يكن مبارك ليستمر طوال كل تلك الفترة. إلا أن هناك بالتأكيد قطاعات كبيرة من الجماهير على مستوى متقدم من الوعي الثوري الذي اكتسبته نتيجة طبيعة حياتها أوالضغوط التي تعيشها أو خبرات النضالات التي خاضتها في الماضي ضد سلطة القمع والاستبداد.
هذا التفاوت في الوعي هو أحد أهم الأسباب التي تستلزم وجود حزب ثوري يوحد بين الجماهير كلها خلف القطاعات المتقدمة منها، والتي لديها من الإصرار والمثابرة ما يجعلها عازمة على استكمال الثورة حتى النهاية.

ومن ناحية أخرى، تنتشر اليوم في مصر الكثير من الاحتجاجات “الاجتماعية” الهائلة، والتي تهدف لاقتلاع النظام من جذوره ولانتزاع المزيد من المطالب الجذرية للثورة. وبالرغم من اتساع الاحتجاجات الاجتماعية وضخامة عددها، إلا أنها ليست متوحدة هي الأخرى في حركة واحدة تضرب ضربتها لنظام وسلطة رجال الأعمال التي لا تزال قائمة. لن يتم ذلك في ظل غياب حزب ثوري يتبنى مشروع الثورة الاجتماعية، وقادر على توحيد الجماهير في طريق هذه الثورة دون تماهي، ودون انخداع في الأشكال والرموز الجديدة للطبقة الحاكمة والتي تنفذ نفس السياسات القديمة في ثوب جديد. اليوم، تمد قطاعات ضخمة من الجماهير المصرية، عمالاً وطلاباً، الثورة على استقامتها ويأبون الحياة التي كانوا يعيشونها في ظل حكم الديكتاتور المخلوع.

هذه الطاقة الثورية الجبارة، إن لم تتوحد في اتجاه واحد، سوف تتبخر في الهواء كالبخار. وفقط الحزب الثوري المنغرس في قلب الجماهير الثورية المناضلة، وفي مقدمتها الطبقة العاملة، هو الذي يستطيع توحيدها من أجل هدم النظام الحالي وبناء نظام جديد ينحاز لأغلبية المجتمع من عمال وفلاحين وفقراء ومهمشين.. هذه هي الثورة: عملية هدم وبناء.. والطبقة الحاكمة تمتلك كل الأسلحة، أما الجماهير فستنتصر وتبني نظامها الجديد إذا امتلكت سلاحها الحاسم.. وسلاحها هو الحزب الثوري الذي يرشدها ويشق طريقها للنصر.