بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أ ب اشتراكية: الليبرالية الجديدة

الليبرالية الجديدة هي سياسة ظهرت بداياتها في منتصف السبعينات، وتبنتها حكومات غربية كبرى في آخرها، وتحولت إلى سياسة عالمية في الثمانينات والتسعينات. وهي بالتأكيد لم تُبتكر لحل أزمات الفقراء. على العكس، الليبراليون الجدد كانت مهمتهم أن يقدموا وصفة لإنقاذ الرأسمالية المأزومة في معظم بلدان العالم. جوهر هذه الوصفة هو زيادة معدلات استغلال الكادحين والفقراء لإنقاذ أرباح رجال الأعمال!

حتى مطلع السبعينات كانت العادة في كثير من بلدان العالم هي أن التعليم والخدمات الصحية يُقدمان لمعظم السكان بالمجان، وأن توفير العمل (أو معونة بطالة مناسبة) التزام على الحكومات، وأن المعاشات المجزية نسبياً حق لكل العاملين عند سن معين، وأن الخدمات العامة مجانية ومتوفرة، وأن كثير من السلع والخدمات مدعومة، وأن الأجور كافية. لم يكن هذا يعني أنه قد تم القضاء على الاستغلال أو الفقر. ولكنه كان يعني أن توزيع الدخل كان أكثر توازنا، وأن الدولة كانت تلعب دوراً هاماً لمصلحة الطبقات الأكثر فقرا.

ارتبطت هذه السياسة ـ التي أسمتها بعض البلدان “سياسات الرفاهة” واسمتها بلدان أخرى خطأ “الاشتراكية” ـ بانتعاش الرأسمالية العالمية وبالارتفاع النسبي لمعدلات الأرباح. الأرباح الكثيرة والوفيرة سمحت للرأسماليين (وللدول الرأسمالية) بإعطاء الفتات للفقراء في صورة دعم وأجور معقولة وخدمات عامة مجانية واسعة الانتشار.

في ظل أزمة الرأسمالية في السبعينيات. اتجهت الحكوما الرأسمالية نحو تقليص أي دعم للطبقات الفقيرة، علاوة على تعرية العاملين من أية حقوق. في المقابل دافعت الليبرالية الجديدة عن دعم الأغنياء: لابد من تقليل الضرائب على أرباح الرأسماليين؛ لابد من تقليل الضرائب على ثروات الأثرياء؛ لابد من إعطاء أصحاب الأعمال فرصة لطرد العمالة إذا اقتضت الظروف الاقتصادية ذلك؛ لابد من السماح لهم بتشغيل العمال أوقات أكثر بضمانات أقل .. وهكذا. بقدر ما كانت الفجوة في التطور بين دولة كمصر والدول الأكثر تقدما هائلة، بقدر ما كانت معدلات اعتصار العمال وكل الفقراء هائلة. الرأسمالية المصرية كان مطلوبا منها أن تقطع من اللحم الحي للعمال حتى تستطيع أن تنافس في سوق الرأسمالية. وبعدما عاش المصريين في أوهام الرخاء، استيقظوا على حقيقة مرة، وهي ازدياد رهيب في الفقر والمعاناة، مقابل إثراء قلة ثراء فاحشا.