بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أ ب اشتراكية: الأممية

“العالم قرية صغيرة”.. هذا ما يخبرنا به مفكري الرأسمالية عبر العالم، إذ أن العولمة الرأسمالية قد خلقت وشائج وارتباطات اقتصادية وسياسية عديدة بين مختلف البلدان، كما أوجدت بينها تقسيم عمل عالمي؛ فالبلدان المتقدمة تعتمد على العمالة الرخيصة والمواد الخام والأسواق في البلدان المتأخرة، والأخيرة تعتمد على الصناعات المتطورة والاستثمارات الكبرى لدى الأولى. وعند انتصار ثورة اشتراكية تعيد هيكلة الاقتصاد لصالح الجماهير الفقيرة لا لصالح الشركات الرأسمالية الكبرى، في أحد البلدان، فإن هذا يعني ببساطة فك الارتباط والتبعية للرأسمالية العالمية. وهنا لا يمكن للرأسمالية أن تصمت على تهديد مصالحها وأطماعها، بل ستواجه الثورة بكل الوسائل التي تضمن إعادة فرض سيطرتها ومصالحها.

هذا ما حدث في أعقاب انتصار الثورة الاشتراكية في روسيا عام 1917، حين توجهت جيوش 18 دولة أوروبية لضرب السلطة العمالية المنتصرة لإجهاض الثورة وإعادة سيطرة الرأسماليين الروس والأوروبيين على الاقتصاد الروسي.

لكن الثورة ضد الرأسمالية، والفقر والقهر الملازمين لها، لا تقوم بشكل منعزل في بلد واحد أو بعض البلدان بعيداً عن باقي العالم. لكنها، على العكس، تقوم في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية عميقة كسلسلة من الثورات التي تهز أركان النظام الرأسمالي العالمي. فنتيجة للأزمة العميقة التي شهدتها الرأسمالية العالمية قبل وأثناء الحرب العالمية الأولى، اندلعت الثورة في روسيا عام 1917، ومهّد انتصارها لقيام موجة ثورية عملاقة في مناطق متفرقة من العالم (وفي مصر قامت ثورة 1919).

وفي الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، انطلقت موجة ضخمة من الثورات استطاعت أن تجبر الرأسمالية على تقديم إصلاحات اجتماعية هائلة لقطاعات واسعة من الجماهير، كما انتعشت حركات التحرر الوطني في المستعمرات بشكل هائل (وفي مصر انطلقت انتفاضة 1946 ضد الاستعمار البريطاني وانتشار الفقر والبطالة).

موجة أخرى من الثورات زلزلت النظام الرأسمالي في غرب وشرق أوروبا وأمريكا اللاتينية ومناطق متفرقة من العالم في الفترة بين 1968 وحتى منتصف السبعينات (وفي مصر قامت احتجاجات طلابية واسعة إلى أن اندلعت انتفاضة يناير 1977 ضد الفقر والغلاء). هذا بالضبط ما نشهده اليوم؛ فبينما تستمر الثورة في تونس ومصر لاقتلاع النظام من جذوره ولتحقيق المزيد من الإصلاحات الاجتماعية الجذرية، تشتعل الانتفاضات في اليمن وسوريا والبحرين، وغيرها. كما أن استمرار الثورة في المنطقة العربية وانتصارها هو ما سيحمي الثورة في مصر ويدفعها إلى الأمام.

كل ذلك بالإضافة إلى الحركة العمالية العملاقة التي تشهدها أوروبا في مواجهة خطط التقشف الاقتصادية التي تنفذها الحكومات الأوروبية في محاولة لتحميل الأزمة الرأسمالية على أكتاف العمال والفقراء.

أما الثورة الاشتراكية فهي لن تستطيع بناء المجتمع الاشتراكي كجزيرة صغيرة في بحر من الرأسمالية، لكنها تستطيع فعل ذلك طالما أن ثورات أخرى تتقدم وتنتصر لتقويض النظام الرأسمالي العالمي.. وهذا ما نسميه نحن الاشتراكيون الثوريون: “الثورة الاشتراكية الأممية”.