بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أ ب اشتراكية: الثورة الدائمة

في ثمانية عشر يوماً، أسقط الشعب المصري الطاغية العجوز، لكن ثلاثين عاماً من الفساد والاستبداد لا يمكن أن يمحوها فقط ثمانية عشر يوماً من الثورة. فالفساد متغلغل في النظام من مراكزه إلى أطرافه، والاستبداد أصبح العمود الفقري لكل سياسة يتبعها. لذا فإن إسقاط مبارك ليس إلا مقدمة لإسقاط النظام بكل رموزه وسياساته. كما أن الديكتاتورية لم تكن ديكتاتورية مبارك منفرداً، بل كانت ديكتاتورية نظام كامل كان مبارك على رأسه. فلم يكن النظام قادراً على تنفيذ سياسات الإفقار والخصخصة، أو سياسات التحالف مع الكيان الصهيوني وخدمة المصالح الأمريكية، دون ديكتاتورية يحتمي بها من غضب الجماهير على سياساته تلك.

لذا، فإن إسقاط الديكتاتورية والقوانين الاستثنائية التي تستند إليها، لا يمكن أن يستوي دون النضال ضد جملة السياسات التي كانت سبباً في ممارسة القمع والطغيان السياسي. ومن ناحية أخرى، لم يخرج الملايين من المصريين ثائرين في الشوارع وفي مواقع العمل، فقط من أجل الإطاحة بالطاغية أو من أجل حفنة من المطالب الديمقراطية التي حتى لم يتم تنفيذها. ففي النهاية لا يمكن للملايين الذين يعيشون تحت خط الفقر أن يعودوا إلى بيوتهم بعد الثورة ليطعموا أولادهم حرية وديمقراطية. بل أن الفقر والغلاء والبطالة كانوا من الأسباب الرئيسية التي دفعت المصريين في هذه الثورة.

أما الإعلام الحكومي – والمستقل أيضاً – فهو اليوم يروّج لفكرة زائفة وهي أن الثورة قد انتهت بإسقاط مبارك. وبعد أن كان الإعلام يهاجم الثورة قبل إسقاط الديكتاتور ويدعو الثوار للعودة إلى بيوتهم، يظل إلى اليوم يقوم بنفس الدور ويدعو نفس الثوار من العمال والطلاب وغيرهم للكف عن الإضرابات والاعتصامات.

لكننا إذا لم ننتزع تلك الحقوق وإذا لم تستمر الثورة لإجراء تغييرات جذرية فيما يخص الهيكل الاقتصادي وتوزيع الثروة الاجتماعية، وبكلمات أخرى، إذا لم تمتد الثورة من المطالبة بالحقوق الديمقراطية إلى المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية أيضاً، سوف تُعيد الديكتاتورية إنتاج نفسها في أشكال مختلفة، وسيصبح الحال وكأننا أسقطنا مبارك ليصعد خلفه مائة وألف مبارك يتغنون بالثورة وبالديمقراطية والإصلاح لكنهم في الوقت نفسه يتميزون في الاستبداد والطغيان والإفقار. ولا يمكن أن ننسى هنا أن الثورة في مصر ليست جزيرة منعزلة، بل ثورة في موجة من الثورات التي تجتاح المنطقة العربية. هذه الثورات، في حال انتصارها واستمرارها كما يحدث في تونس ومصر، بالتأكيد ستكون سنداً لنا.. فالثورة التونسية ألهمت المصريين، والمصرية أعطت الجماهير في ليبيا واليمن والجزائر والبحرين، الثقة في أنفسهم وفي قدرتهم على صنع التغيير بالثورة.

استمرار الثوار في ثورتهم ضد رموز الفساد وضد سياسات الإفقار وضد سياسات التبعية، هو الضمانة الوحيدة أن نحافظ على مكتسبات الثورة التي أنجزها النضال الجماهيري إلى الآن، وإضافة المزيد من المكتسبات عليها أيضاً. أما استمرار الثورة في المنطقة العربية ضد الأنظمة الديكتاتورية فهو ما سيحمي الثورة المصرية ويدفعها للأمام.

فلتكن ثورتنا في مصر دائمة.. لتكن ثورتنا في المنطقة العربية دائمة.. أيها القابضون على جمر الثورة في المصانع والأحياء والجامعات: لتكن ثورتنا دائمة.. دائمة حتى تحقيق كافة المطالب.