بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

مطاردة على سطح الكرة الأرضية

العولمة – مصطلح يستخدم يستخدم لوصف انتشار هيمنة المنظمات المتعددة الجنسيات عبر العالم – يراها البعض شيء جديد على الآذان، ولكن إن كان يقصد بها انتشار الرأسمالية وخلق سوق دولية حرة فإن هذا المعنى موجود بعالمنا منذ أكثر من قرن تقريبا.

إذا كان حديثنا عن نمو الشركات العملاقة متعددة الجنسيات التي تسيطر على التجارة العالمية فنحن بصدد شيء جديد من حيث الكم لكنها كانت جزءاً من اتجاه في الرأسمالية العالمية منذ ما قبل بداية القرن العشرين.

ماكتبه ماركس وانجلز عن العولمة في البيان الشيوعي سنة 1848

أسست الصناعة الحديثة ما يسمى بالسوق الدولية .. وهو ما مهد الطريق لإكتشاف  (امريكا)  وقد حلت البرجوازية الاستحقاق الشخصي إلى قيمة تبادلية  واستبدلت كم الحريات الغير قابلة للاستئجار إلى واحدة غير محكومة بالضمير تسمى بالسوق الحرة

في كلمة واحدة، للاستغلال، محجبة بواسطة الأوهام الدينية والسياسية، واستبداله، وقح عارية، مباشرة، والاستغلال الوحشي…

الرغبة الدائمة في التوسع التجاري حتى يتسع صدر السوق لمنتجاتها تطارد البرجوازيين حول العالم ويجب ان تترسخ في كل مكان وتخلق روابطها في كل رقعة.

في مكان العزلة وانغلاق الأمم على نفسها محققة الاكتفاء الذاتي .. نمتلك روابط في كل اتجاه اي تواكل الأمم على بعضها.

البرجوازية .. تجبر جميع الأمم على تبني الخوف من الانقراض وذلك لتتبنى النمط البرجوازي في الإنتاج وزيادة على ذلك فمن الواضح انها تجبر على  تقديم ما يسمى بالحضارة ليصبحوا برجوازيين انفسهم.. أي انهم يخلقون العالم من وجهة نظرهم.

تحدث ماركس أيضاً عن الطريقة التي يؤدي بها التنافس الرأسمالي إلى تركيز مكثف للثروة (أي تراكم للثروة) في عدد أقل من الأيدي، ويظهر جلياً في نمو الشركات أو المؤسسات الكبيرة نفسها لتسيطر على حجم أكبر من السوق المتنامي. وفي السبعينيات من القرن التاسع عشر، كتب إنجلز عن تحول حرية المنافسة خلال تطور "التروستات" (المؤسسات الاقتصادية) إلى النقيض تماماً من ذلك، ألا وهو الاحتكار.

إن الاقتباس من البيان الشيوعي ليس مفيداً فقط لأنه يوضح كيف كان ماركس وإنجلز يرون ما لا يراه غيرهم في هذا الوقت، إنما يريك أيضاً أن العولمة في المفهوم الماركسي ليست سياسة يمكن تغييرها إنما هي بناء ديناميكي.

جادل ديفيد كورتين، مؤلف كتاب "عندما تحكم الشركات العالم" في آخر كتاب له "عالم ما بعد الشركات" حول حلول لعالم تسيطر عليه الشركات الجشعة العابرة للقوميات، وتوصل إلى تطبيق المبادئ المتعارف عليها في اقتصاد السوق والتي ستخلق مجتمعات من أجل خدمة الحياة.

بالنسبة  لكورتن، فإن العولمة هي سياسة يجب أن تُلغى لصالح سياسات مختلفة. ولكن سوق مكرس من أجل احتياجات الإنسان يعتبر تضارب في المصطلحات .. كمن استخدم قاتل ملتزم بالوصية الخامسة من الكتاب المقدس.

التبادل "الحر" انتج مجموعة من البشر على جانب لا يمتلكون إلى القوى العاملة وعلى الجانب الآخر انتج اناس يحتكرون الأدوات والماكينات  والمصانع و كل مايتبقى مما هو ضروري لابقاء الإنتاج.

منذ بداية الرأسمالية تنتج الأغلبية أرباح وثروات للأقلية. ومن خلال السوق الحر والمنافسة الحرة تأكل السمكة الكبرى الصغيرة ويتطور الاحتكار كلما زاد الإنتاج، ويتوجب على الرأسماليين إنتاج السوق العالمية.

الصدام بين الدول في سبيل السيطرة على الأسواق والموارد يؤدي إلى الصدام العسكري.. حالة انجذاب الثروة نحو جانب واحد في مقابل فقر الملايين. .. كل هذه الأشياء هي في صميم الرأسمالية.. ولا يمكن للرأسمالية التخلص من مثل هذه العيوب .. لأن العيب يكمن فيها وهو اساسها.

تكمن النقطة في ان مهما كانت السياسات اللحظية للحكومات والأعمال.. تكون السياسات الأساسية للنظام الرأسمالي كما هي!

وهذا هو سبب نضال الاشتراكيين واثارة الجدل حول أن هذا النظام لا يمكن اصلاحه بل يجب تدميره من قبل الكادحين الذي يجعل عملهم تحقيق الارباح  امكانية.. وبناء مجتمع ديموقراطي يخطط لصالح الإحتياجات البشرية. 

* تم نشر المقال لأول مرة في 14 أبريل 2000 بجريدة "العامل الاشتراكي" الأمريكية، تصدرها منظمة الاشتراكيين الأمميين بالولايات المتحدة.