أساطير حول ماركس؟

بعد أن عومل معاملة “الكلب الميت” معظم سنوات التسعينيات، بدأ كارل ماركس يعود للأضواء مرة أخرى. ففي خلال العام الماضي، قام عدد من المعلقين العاملين في دوائر مؤسسات مرتبطة بالنظام مثل جريدة الفاينانشيال تايمز والنيو يوركر، بكتابة مقالات تؤكد العلاقة الوثيقة لفكر ماركس بما يحدث في العالم المعاصر. فالآن، يندر أن يمر أسبوع واحد إلا ونقرأ على الصفحات الاقتصادية بجريدة الجارديان البريطانية إشارة واحدة على الأقل إلى نقدر ماركس للرأسمالية. وقطعا يمكننا تفسير الأمر بالمثل الشهير للرئيس الأمريكي كلينتون عندما قال: “إنه الاقتصاد، أيها الغبي”. إن هذا المثال يمكن أن يفسر إعادة الإحياء الذي يحدث الآن لمكانة ماركس. فعندما بدأ في النصف الأول من التسعينيات أن الرأسمالية قد انتصرت، كان ماركس يعيش في غياهب النسيان. أما الآن عندما أصبح التردي الذي ينحدر نحوه الاقتصاد العالمي واضحا، فإن ماركس يتم إحياؤه من جديد.
ولكن هذا الإحياء – في كثير من الجوانب – لا يعتبر عودة للفكر الماركسي الحقيقي. فبالرغم من معاملة ماركس بالكثير من الاهتمام والاحترام في الوقت الراهن، إلا أن المضمون الحقيقي لفكره لا يزال مهملا. فعلى سبيل المثال، كتب فيكتور كيجان الصحفي بجريدة الجارديان في بداية شهر يناير الماضي بأنه يود أن يتحاور مع ماركس، ثم أضاف “ولكن ما كان حقا سيصيب ماركس بالدهشة الشديدة هو مدى القدرة على التكيف التي يبذلها نظام السوق الرأسمالي، والذي يبدو أنه تجاوز مرحلة أخرى من الأزمة”.
إن وراء هذا الفهم الذي ينكر ماركس تكمن مجموعة من الخرافات السائدة فيما يتعلق بطبيعة الفكر الماركسي. وليس بين هذه الخرافات أي شيء جديد، حيث أن معظمها قد تم طرحه من جانب نقاده الأوائل منذ قرن مضى. ولكن هذه الأفكار يتواصل ترويجها أكثر من خلال النظام التعليمي ووسائل الإعلام – خاصة في مستوياتها الأعلى والتي يفترض أنها أكثر تعقيدا. كل هذه – كما سأحاول أن أفسر الآن – ما هي إلا خرافات، بمعنى أنها تحرف المضمون الحقيقي للفكر الماركسي. وفيما يلي، سوف أطرح خمسة من أكثر تلك الخرافات تأثيرا:
الخرافة الأولى: تصور للطبقات ينتمي للعصر الفيكتوري:
بدءا من البيان أصبح ماركس يصور المجتمع الرأسمالي على أنه منقسم بين أقلية ضئيلة من الرأسماليين الذين تتركز في أيديهم القوة الاقتصادية كلها، وبين الغالبية الساحقة من العمال الذين يعتمد على قوة عملهم النظام بأكمله. ولكن يدعي الكثير من علماء الاجتماع أن المجتمع الحالي لا يتوافق مع الصورة التي طرحها ماركس: معظم الناس، كما في دولة مثل إنجلترا على الأقل، ينتمون للطبقة الوسطى ويعملون في أعمال ذوي الياقات البيضاء مثل قطاع الخدمات ولا يكدحون في مصانع على النمط الفيكتوري.
إن هذا النقد قائم على سوء فهم تام لمفهوم ماركس عن الطبقات. بالنسبة لماركس، الطبقة لا تتحدد بطريقة حياة الفرد أو بمهنته أو – في بعض الحدود – بدخله. ولكن الموقع الطبقي للفرد يعتمد على علاقته بوسائل الإنتاج، وهي تلك الموارد التي تستخدم في عملية الإنتاج مثل الأرض والمباني والماكينات والتي بدونها لا يتم أي نشاط اقتصادي. والعمال ليس لديهم سيطرة على تلك الموارد، فيما عدا الاستثناء الهام وهو قوة عملهم، أي قدرتهم على العمل. فمن أجل العيش، يضطر العمال لبيع قوة عملهم للرأسماليين الذين تسمح لهم ثروتهم بالسيطرة على وسائل الإنتاج. وموقف العمال الضعيف في المساومة مقارنة بأصحاب العمل يعني أنهم يبعيون قوة عملهم بشروط ليست في صالحهم. فهم يعملون تحت السيطرة المحكمة للمدراء وأصحاب العمل في مقابل أجور تسمح لأصحاب العمل بأن يربحوا من عمل العمال.
وهكذا، فإن الطبقة بالنسبة لماركس هي علاقة اجتماعية. ففي تعريف ماركس، الفرد العامل يمكن أن يكون عاملا في مكتب أو سوبر ماركت أو مستشفى وليس فقط في المصنع. فالعامل يمكن أن يقوم بنوع من أعمال ذوي الياقات البيضاء أو يساهم في تقديم خدمة ما – مثلا تعليم الأطفال الصغار أو العمل في مطعم – وليس فقط في إنتاج السلع المادية. ووفقًا لهذا التعريف، فإن الغالبية العظمى من القوى العاملة في دولة مثل بريطانيا مثلا تنتمي للطبقة العاملة، ويتضح هذا الواقع أكثر من خلال استفتاءات الرأي – التي تسبب خيبة أمل لعلماء الاجتماع – حيث تعتبر الغالبية العظمى من السكان نفسها من الطبقة العاملة.
الخرافة الثانية: القانون الحديدي للأجور:
يُتهم ماركس أيضًا بتبنيه للاعتقاد القائل بأن الطبقة العاملة سوف تزداد فقرا في مجرى عملية التطور الرأسمالي، وهذا ما يطلق عليه أحيانا بنبوءة ماركس المسماة بـ”الإفقار المتزايد” للجماهير. ولكن بما أن الأجور الفعلية، في الدول المتقدمة، قد ارتفعت بشكل كبير على مدار المائة عام المنقضية، فإن ماركس بالتأكيد كان مخطنا.
في واقع الأمر، تعتبر هذه الأطروحة تشويها صارخا لفكر ماركس. فلقد كان ما يسمى بـ”القانون الحديدي للأجور” – والذي وفقا له لا يمكن للأجور بأن ترتفع عن الحد الأدنى للبقاء البيولوجي – كان أحد العقائد الجامدة الأساسية لعلم الاقتصاد التقليدي خلال القرن التاسع عشر. واعتمد هذا القانون على نظرية توماس مالثس عن السكان، القائلة بأن السكان يزدادون بسرعة أكبر من معدلات إنتاج الطعام، وبالتالي، فإن أي ارتفاع في الأجور عن الحد الذي يسمح بالبقاء سوف يشجع على ازدياد السكان مما سيؤدي في النهاية إلى الإفقار على نطاق واسع.
لقد قام ماركس بمهاجمة هذه النظرية بشراسة، كما أنه سعى لإقناع الاشتراكيين بألا يقبلوها. وفي كتابه الأجور والأسعار والربح تحدى ماركس طرح واحد من أتباع الاشتراكي الطوباوي روجر أوين الذي قال أن “القانون الحديدي للأجور” يعني أن النقابات العمالية لن تستطيع على الإطلاق أن تحسن من أحوال العمال. أثبت ماركس أن تقسيم الناتج بين العمل والرأسمال يعتمد على توازن القوة بينهما، وهو ما يعني أنه يعتمد بالضرورة على الصراع الطبقي.
وفي حقيقة الأمر، فرق ماركس بين الإفقار المطلق والإفقار النسبي. إن الأجور الحقيقية من الممكن أن ترتفع، ولكن في نفس الوقت ربما تنخفض حصة العمال من ناتج العمل بالمقارنة بالحصة التي يحصل عليها أصحاب العمل على هيئة ربح. وبالتالي، فإذا أصبح عمل العمال أكثر إنتاجية فإن مستوى معيشتم يمكن أن يرتفع، ولكن معدلات استغلالهم ستظل في تزايد لأن أصحاب العمل يحصلون على ربحية أكبر من خلال استنزاف عمل العمال.
لقد طرح ماركس أيضًا فكرة أن هناك حدود للإصلاحات التي يمكن أن تحققها النقابات العمالية. فسيطرة أصحاب العمل على وسائل الإنتاج يمكن أن تضعف قدرة العمال على المساومة لأن المدير بيده أن يفصل العامل. وهذا ما يحدث في فترات الركود، حيث تفرض البطالة المتزايدة على العمال الذين يظلون في أعمالهم بأن يقبلوا العمل بسرعة أكبر وبأجور منخفضة وشروط عمل أسوأ. وفي خلال الخمس وعشرون عاما الماضية التي تفشت فيها الأزمة الاقتصادية، انخفضت الأجور الفعلية في الولايات المتحدة، وهي أغنى دولة في العالم، بشكل حاد، مما يعني أن ماركس لم يكن مخطئا في طرحه.
الخرافة الثالثة: الانهيار الاقتصادي الحتمي:
يقول النقاد أيضًا: ولكن ألم يدّعى ماركس أن الرأسمالية سوف تنهار حتما كنتيجة لتناقضاتها الاقتصادية؟ وبما أنه لم يحدث هذا الانهيار الرأسمالي حتى الآن، ألا يعني هذا أن ماركس كان مخطئا؟
لقد قدم ماركس بالفعل نظرية حول الأزمة الاقتصادية في عمله الكبير رأس المال. فقبل الاقتصادي جون ماينار دكينز بفترة طويلة، نسف ماركس فكرة أن اقتصاد السوق المنظم يمكنه أن يحقق التوازن الذي بموجبه تكون جميع الموارد المتاحة مستغلة بشكل كامل – وهي الفكرة المركزية في التيار الرئيسي في علم الاقتصاد والتي يروج لها الوزير البريطاني جوردون براون على سبيل المثال. كما قام ماركس أيضًا بتوضيح أن هناك قوى عميقة في النظام ارأسمالي تجعله يتجه نحو الأزمة. ومن أهم هذه القوى هي ميل معدل الربحية للانخفاض. فمعدل الربح – وهو العائد الذي يجنيه الرأسماليون كنتيجة لاستثماراتهم – هو المقياس الرئيسي لنجاح الاقتصاد الرأسمالي. ولكن أصحاب العمل يمثلون طبقة منقسمة على نفسها، فهم يتنافسون مع بعضهم البعض ويحاول كل منهم أن يحصل على حصة أكبر من الأرباح التي يعتصرونها من العمال.
الرأسمالي الفرد يستثمر أمواله في تحسين أساليب الإنتاج لكي يكتسب مساحة أكبر من غيره في السوق، وبالتالي، فإن المنافسين له يتعاملون بنفس الطريقة من أجل البقاء في السوق مما يؤدي إلى ارتفاع معدل الاستثمار، وخاصة في الماكينات، أسرع من قوة العمل. ولكن، على الجانب الآخر، فإن قوة عمل العمال هي مصدر الربح. ولذلك، فإن الربح الكلي ينمو أبطأ من الاستثمار الكلي، ونتيجة لذلك ينخفض معدل الربح. وعندما ينخفض معدل الربح تحت نقطة معينة فإن الاستثمارات الجديدة تتوقف ويدخل الاقتصاد في أزمة.
ولكن ما يتم الحديث عنه هو فقط “ميل” لمعدل الربح للانخفاض. إذ يرصد ماركس “التأثيرات المضادة” التي تدفع بمعدل الربحية أن يرتفع مرة أخرى. يقول ماركس: “إن التأثيرات التي تؤدي بمعدل الربحية العام أن يميل للانخفاض هي نفسها التي تستدعي تأثيرات مضادة تعرقل الانخفاض وتشله جزئيا.” أهم هذه العوامل هي الأزمة ذاتها. ففي فترات الأزمة الاقتصادية، تفلس الشركات وتباع بسعر رخيص، مما يخفض من القيمة الإجمالية للرأسمال في الاقتصاد. وفي نفس الوقت، وكما وضحنا سابقًا، يضطر العمال تحت ضغط البطالة أن يرضوا بالاستغلال بشروط أسوأ. وتساعد هذه القوى أن تجعل معدل الربحية أن يعود إلى المستوى الذي يسمح للاستثمار وبالتالي النمو لأن يبدأ من جديد. ولذلك، وكما وضح ماركس، فإن الأزمات الدائمة ليس لها وجود. “فالتذبذب في معدل الربح يؤدي بالرأسمالية إلى الدخول في دورة من الانتعاش ثم الركود، وهي الدورة التي كان ماركس من أوائل من حللوها. في المراحل التي يتدهور فيها الاقتصاد في “دورة الأعمال” تلك تضع العمال في معاناة كبيرة. فعندما يكون النظام في أزمة، يصبح الصراع الطبقي أكثر شراسة وكثافة. ومن داخل هذا الاستقطاب يمكن أن تبزغ طبقة عاملة لديها التصميم السياسي على أن تقضي على الرأسمالية. ولكن هذا لا يعني أن الرأسمالية سوف تنهار اقتصاديا بشكل حتمي.
الخرافة الرابعة: الحتمية الاقتصادية:
إن هذا التشويه لنظرية ماركس الاقتصادية هو جزء من إساءة فهم أعمق لفكره، فهو كثيرًا ما يوصف بأنه من أنصار الحتمية الاقتصادية، وبأنه كان مؤمنًا بأن التغير التاريخي هو النتيجة الحتمية لتطور قوى الإنتاج. وبشكل أخص أنهم اتهم ماركس بأنه مؤمن بأن الاشتراكية ذاتها هي شيء حتمي.
بالتأكيد، هناك نزعة في التراث الماركسي – وخاصة أثناء السجالات الدائرة بين الأحزاب الاشتراكية التي كانت منضمة للأممية الثانية التي ظهرت بعد وفاة ماركس – تطرح أن التاريخ يتطور كنتيجة للقوانين الاقتصادية الحتمية. ولكن، على الرغم من بعض الصياغات لماركس التي ساندت هذه الفكرة في أحيان ما، فإن لب فكره مختلف تمام الاختلاف. “إن البشر يصنعون تاريخهم، ولكنهم لا يصنعونه وفق هواهم ولكن تحت ظروف يواجهونها، أو معطاة أو منقولة لهم من الماضي. هكذا كتب ماركس في عبارته الشهيرة وهذا يوضح أن البشر بالتأكيد مقيدون بظروفهم المادية، ولكن هذه القيود لا تحرمهم من الاختيار أو المبادرة.
وأيضًا، يقول ماركس في البيان الشيوعي أن كل أزمة كبيرة في المجتمع الطبقي قد انتهت “إما بإعادة بناء ثورية للمجتمع ككل، أو بتدمير الطبقات امتصارعة.” بمعنى آخر، فإن الأزمات تطرح بدائل، ولكنها لا تحدد مسبقا النتائج. فأسلوب رد فعل العمال لحالة من الركود الاقتصادي الهائل لا يعتمد فقط على ظرفهم المادي ولكن أيضًا على قوة تنظيمهم الجماعي، وعلى الأيديولوجيات المختلفة التي تؤثر عليهم، وعلى الأحزاب السياسية التي تتنافس من أجل قيادتهم.
يوضح ماركس الفرقة بين القاعدة الاقتصادية للمجتمع وبنيته الفوقية السياسية والقانونية والأيديولوجية. وهو يصف القاعدة الاقتصادية بـ”الأساس الفعلي” للحياة الاجتماعية. ولكن هذا لا يعني، كما يدعى نقاده، أن ماركس لا يرى أهمية للبنية الفوقية. فعلى عكس ذلك، فإن ما يحدث في البنية الفوقية للمجتمع خلال فترات الأزمة – عندما “يصبح البشر واعين لهذا الصراع ويحاولوا أن يحاربوه” كما كتب ماركس – يصبح في غاية الأهمية لتحديد النتيجة التي ستتبع من الأحداث.
الخرافة الخامسة: اشتراكية الدولة:
وأخيرًا، يقال لنا أن رؤية ماركس للاشتراكية هي رؤية استبدادية تحقق فيها الدولة السيطرة على الاقتصاد وتنظم حياة الأفراد في أدق التفاصيل. وهكذا، فإن انهيار المجتمعات الستالينية في أواخر الثمانينيات قد جاء كنتيجة مباشرة لتصورات ماركس الخاطئة للمستقبل.
ومرة أخرى، فإن هذا الكلام يعتبر تشويها تاما لأفكار ماركس الفعلية. لقد رأى ماركس أن فكرة اشتراكية الدولة تعتبر تناقضا في حد ذاته. “الحرية”، كما قال، “تتضمن تحول الدولة من كونها جهاز مفروض على المجتمع إلى جهاز خاضع له بشكل تام”. وفي كتاباته عن فرنسا، هاجم ماركس نمو دولة بيروقراطية مركزية تضرب بعصاها المجتمع من أجل مصلحة الرأسمالية. ولذلك، فلقد رحب ماركس بكميونة باريس في عام 1871 بالضبط لكونها “ثورة ضد الدولة ذاتها”. كما أنه أشاد بعمال باريس لأنهم استطاعوا أن يحطموا جهاز الدولة البيروقراطي ويقيموا بدلا منه مؤسسات عامة تحت سيطرتهم الديمقراطية المباشرة.
إن الاشتراكية، كما أصر ماركس، لا يمكن أن تفرض على الجماهير بواسطة نخبة مستنيرة. إن الاشتراكية تعني “التحرر الذاتي للطبقة العاملة” – هي عملية يحرر الناس العاديين أنفسهم فيها من خلال تنظيم أنفسهم ديمقراطيًا من أجل انتزاع القوة من الأقلية الرأسمالية المستغلة. ولذلك، فالمجتمعات الستالينية، بكل ما تعنيه من مركزة هائلة للقوة في قمة المجتمع، كانت تمثل بالضبط عكس ما طرحه ماركس عن الاشتراكية. وهذا هو السبب في انهيار تلك المجتمعات لم ينفي صحة أفكار ماركس.
وكلما ازدادت حدة اللامساواة وغياب المنطق فيما يحدث في المجتمعات الرأسمالية الليبرالية التي تحكم عالم اليوم، كلما أصبح من الضروري الرجوع إلى ماركس – ليس ماركس المحاط بالخرافات التي تم دحضها في هذا المقال – ولكن ماركس الحقيقي بنقده العميق للنظام القائم وبرؤيته للبديل: التحرر الإنساني.
ـــــــــــــ
* ترجمة مقال: “ماركس: النجاح والخرافة” المنشور في مجلة: السوشياليست ريفيو عدد فبراير 1999 بقلم: أليكس كالينيكوس