«وبريات سمنود» على طريق الثورة
منذ عدة أشهر، كانت جبهة طريق الثورة (ثوار) بمحافظة الدقهلية قد شكلت وفداً منها للتضامن مع عمال وبريات سمنود المعتصمين في مقر شركتهم للمطالبة بتشغيل الشركة وصرف مرتبات 9 أشهر متأخرة.
وأثناء اللقاء، ناقشنا العمال في الإجراءات التصعيدية التي من الممكن أن يتخذونها بعد أن اعتصموا بمقر الشركة ووصل الأمر بهم لقطع الطريق وسكة القطار. فطرحنا عليهم خطوة الاعتصام باتحاد عمال مصر؛ فهو مقر نقابي ولا يقع تحت مظلة قانون منع التظاهر.
وساعتها لم يستوعب العمال الفكرة، ووصلت هذه الفكرة في نفس اليوم للأمن، لنجد على شريط قناة التحرير خبراً بـ”زيارة وفد من الحقوقيين لوبريات سمنود لتحريض العمال على اقتحام مبنى اتحاد عمال مصر والاعتصام به وعمال الشركة يرفضون ويستنجدون بأبي عيطة ويجددون الثقة في نقابتهم”. وبالفعل كان أبو عيطة، وزير القوى العاملة في ذلك الوقت، يصرف لهم مرتبات عدد من الأشهر من صندوق الطوارئ لتسكينهم لما بعد الاستفتاء علي الدستور.
وتطير الفكرة إلى عمال طنطا للكتان، فينفذوها ويعتصمون لأيام باتحاد العمال للمطالبة بعودة الشركة للقطاع العام. ثم وبعد شهور طويلة تشتد علينا فيها القبضة الأمنية حتى أننا لم نعد نستطع الدخول للشركة مرة أخرى للتضامن مع العمال في اعتصامهم الأخير، نُفاجئ بتجدد الفكرة في
أذهان عمال الوبريات، والآن هم في اعتصامهم الأول أمام مقر الاتحاد.
حين سمعت الخبر تذكرت مقولة للثوري الروسي ليون تروتسكي عن تاريخ الثورة الروسية واصفاً أن من صنع الموجة الأولى من الثورة الروسية، وشكّل المجالس العمالية (السوفييتات) بطول وعرض روسيا القيصرية عام 1917 هم العمال الذين كانوا قد هُزموا في ثورة 1905 والذين كانوا مُحمَّلين بخبرات هذه الفترة التي قامت فيها مجموعة من المجالس العمالية، كان أبرزها سوفييت بطرسبورج.
وهنا وجب التفرقة بين المعارك الهجومية ومدى تصاعد حدة الصراع الطبقي في روسيا 1905 و1917، والمعارك الدفاعية التي يخوضها عمال مصر الآن للدفاع عن بعض الحقوق أو تحقيق بعض المكاسب الصغيرة. ولكن المقصود أن في الحالتين تظل الأفكار لا تموت بل وتستمر كامنة في جانب خفي من وعي العمال، في أوقات من التراجع كالتي نعيش فيها اليوم، حتى يكون الظرف الموضوعي مهيئاً لاستدعائها مرة أخرى، وأن أي مجهود بُذل ويُبذل مع العمال مهما كان بسيطاً سيصنع فارقاً في المستقبل.