بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

شعار السيسي: لا عودة للقطاع العام

أوقفت الدائرة السابعة استثمار بمحكمة القضاء الإداري، برئاسة المستشار حسونة توفيق نائب رئيس مجلس الدولة، دعوى العمال المفصولين بشركة المنصورة للراتنجات المطالِبة بعودة الشركة للقطاع العام وبطلان خصخصة شركة المنصورة للصناعات الكيماوية والراتنجات، وصدر القرار لحين الفصل في الدعوى المقامة أمام المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية المادتين الأولى والثانية من قرار رئيس الجمهورية المؤقت عدلى منصور رقم 32 لسنة 2014 بتنظيم الطعن على عقود الدولة، هذا التعديل سيء السمعة الذي أصدره عدلي منصور في 22 أبريل 2014، الذي نص وفقا للمادة الأولى والثانية منه على عدم جواز الطعن على عقود الشركات التي تبيعها الدولة للقطاع الخاص إلا من جانب الدولة أو المستثمر فقط، ولا يحق لأي طرف آخر غيرهما الطعن على العقود، والمقصود بهذا القانون قطع الطريق أمام كل القضايا المرفوعة للطعن على عقود الخصخصة الفاسدة من عصر مبارك من جانب عمال الشركات والمراكز الحقوقية الداعمة لهم.

انطوى عقد بيع الشركة على العديد من المخالفات لأن البيع تم لشركة الاستثمارات الصناعية، وهي شركة مساهمة مصرية، بمبلغ 42 مليون جنيه على عدة أقساط، ليستولي عليها المستثمر الهندي من الباطن. كما أن هذا المستثمر لم يدفع  منها سوى 10 ملايين جنيه فقط كمقدم في شركة بها أكثر من 8 وحدات إنتاجية تقدر قيمتها الحقيقية بأثمان باهظة. وكانت الحكومة قبل البيع عام 2004 قد قسمت الشركة إلى شركتين، الأولى للخشب الحبيبي وتمت تصفيتها وبيعها أراض للأهالي، والثانية الراتنجات والتي تمت خصخصتها للمستثمر الهندي.

وكان قد تم تقييم سعر الأرض وقت البيع وفقا لسعر الأرض في أقرب منطقة صناعية، وهو من القرارات الفاسدة التي أصدرها عاطف عبيد لتقنين الفساد، ففي هذه الصفقة إهدار رهيب للمال العام حيث أن سعر المتر في المكان الذي تقع فيه الشركة يتجاوز 10 آلاف جنيه للمتر، والشركة تمتلك أرضا مساحتها 18فدان في منطقة مميزة بمدخل المنصورة، بينما كان سعر المتر في أقرب منطقة صناعية وهي جمصة وقت البيع لا يتجاوز 25 جنيها للمتر.

كما أن هذه الشركة عام 2004 عندما تم بيعها كانت قد حققت أرباح تقدر بـ5 ملايين جنيها، أي حوالي نصف المقدم الذي دفعه المستثمر. وكان عمال الشركة المفصولين قد شكلوا لجنة شعبية لمكافحة الفساد بعد إضراب الشركة في ديسمبر 2011، وقاموا برفع دعوى لعودة الشركة للقطاع العام، أي منذ ما يزيد علي 3 سنوات، وبالفعل حصل العمال على توصية من هيئة مفوضي الدولة ببطلان عقد خصخصة الشركة لما شابه من فساد.

لا يصح النظر لهذا الحكم بمعزل عن السياق العام والتوجه العام للدولة الداعم للمستثمرين والمعاد للعمال، فالحكم هو جزء من مسار كامل للتسوية تتخذه الدولة مع المستثمرين، وقطعها الطريق أمام عودة شركات جديدة للقطاع العام هو جزء من مسار التسوية اليوم (بتضييق المنبع وتوسيع المصب)، حيث  يدخل عدد من الوزارات وأجهزة الدولة الآن في مفاوضات مكثفة لإجراء مصالحات على نطاق واسع مع عدد من رجال الأعمال ومسؤولين سابقين يواجهون مساءلات وتهما قانونية أمام نيابة الأموال العامة وجهاز الكسب غير المشروع  بعد ثورة يناير، وأعدت الحكومة قائمة بها حوالي 50 من رجال الأعمال والمستثمرين والمسؤولين المتقدمين للتصالح في ما يزيد على 10 مليارات جنيه.

وبالفعل نجح  وزير الاستثمار في تسوية 21 قضية خلال أكتوبر الماضي كانت تواجه حلولها صعوبات بالغة ارتبطت بعلاقات دولية وفقا لتعبير وزير الاستثمار، مستندا في ذلك إلى مواد قانون الأموال العامة التي تجيز التصالح مع المسؤولين  الفاسدين وإسقاط التهم عنهم حال رد المبالغ المنهوبة، وتعديلات القانون رقم 62 لعام 1975 للكسب غير المشروع التي أقرتها حكومة محلب في نوفمبر 2014 بعد أن ناقشتها حكومة قنديل وكانت في الطريق لإقرارها، تجيز التعديلات الجديدة التصالح مع الفاسدين عند أية درجة من درجات التقاضي، وبموجبها يحق لأي رمز من رموز نظام مبارك أن يتقدم بطلب تصالح ويقوم بتسديد المبلغ والغرامة الموقعة عليه واعتبار التهمة “خطأ إداري”!، وفي هذا السياق تنوي الحكومة حل 190 خلافا مع المستثمرين قبل نهاية ديسمبر الحالي.

ومن الصفقات التي تم التصالح عليها عقد تنمية 6 كيلومتر مربع بالمنطقة الاقتصادية بشمال غرب خليج السويس مع مستثمرين صينيين، ونزاع مجموعة الفطيم الإماراتية، ونزاعين مع المستثمر السعودي عبد اللاه الكعكي حول شركتي نوباسيد وطنطا للكتان، كما أن هناك نزاعات لا تزال في الطريق للتصالح على رأسها أزمة شركة  “أنوال” السعودية الخاصة ببطلان بيع 90% من محال “عمر أفندي” لرجل الأعمال جميل القنبيط، وشركة جنوب الوادي للأسمنت المملوكة للمستثمر السعودي عبد الرحمن الشربتلي، وشركة «سيمكس» المكسيكية المختصة بصناعة الأسمنت وغيرها من الصفقات.

وتحتل الاستثمارات السعودية المركز الأول من حيث عدد الشركات العاملة في مصر، فيصل عددها إلى حوالي 2300 شركة تليها دولة الإمارات، وتقدر الاستثمارات السعودية المتعثرة بنحو 400 مليون دولار من إجمالي الاستثمارات المتعثرة في السوق المصرية ممثلة في نحو 34 شركة سعودية، وتتجاوز الاستثمارات الخليجية في مصر الـ 50 مليار دولار مقابل 45 مليار دولار إجمالي الاستثمارات الأجنبية الأخرى.

الحكومة الحالية للسيسي تسعى لإيجاد حلول سريعة لأزمات الاستثمارات الراهنة بإصدار القوانين والتعديلات اللازمة لتحسين مناخ الاستثمار المصري حتي تتمكن من جذب استثمارات جديدة  خلال مؤتمر القمة الاقتصادية في مارس المقبل، وحتى لا يلقي المؤتمر نفس مصير المنتدى الاستثماري المصري الخليجي، الذي طرحت فيه مصر نحو 60 مشروعا على المستثمرين الخليجيين ولم يتم منه شيء حتي الآن.