بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

مركز الدراسات الاشتراكية يعقد ندوة عن “النضال الاجتماعي في مصر”

عقد مركز الدراسات الاشتراكية، أمس الأربعاء، ندوة بعنوان “النضال الاجتماعي في مصر – الخلفية الاقتصادية والمستقبل”، كان ضيفاها الصحفي الاقتصادي وائل جمال، والمحام العمالي خالد علي، لتحليل الحراك الاجتماعي الحالي في مصر وأفقه السياسي والاقتصادي.

بدأ وائل جمال كلمته بالحديث عن لقاء عقده مع أحد القيادات العمالية، اتفقا فيه على وجود فرق مهم بين المظاهرات السياسية ذات المطلب السياسي العريض (مثل إلغاء قانون التظاهر كمثال)، وبين الإضرابات الاجتماعية؛ فالقيادات في الإضرابات العمالية تقاتل على هدف واضح ومحدد لن تتراجع الحركة قبل انتزاعه أو انتزاع أغلب المطالب على الأقل والتي تنعكس بشكل مباشر على حياة العمال، كما أنه يحمل ضرورة تنظيمية في مقابل الحراك السياسي الذي يرفع شعارات عريضة لا يتوقع المشاركون فيه نجاحات مباشرة وفورية.

ثم بدأ جمال في تحليل الوضع الاقتصادي المصري، حيث ارتفع معدل نمو الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة إلى 4,8%، بينما كانت الحكومة قد أعلنت عن استهداف الزيادة إلى 5%، بالإضافة إلى نمو الصناعة بنسبة 9% نتيجة إعادة فتح مصانع كانت قد أغلقها رجال الأعمال خلال الثورة كشكل من أشكال الابتزاز السياسي ليعودوا بعد تغير الأوضاع لصالحهم. ولكن في نفس الوقت، وصلت البطالة إلى ما يقرب من 12,8%، النسبة التي رغم ارتفاعها لا تعبر عن البطالة الحقيقية، إذ تشمل كل من عمل ساعة واحدة خلال الأسبوع السابق للإحصاء، في الوقت الذي وصل فيه إلى قيادة البنك المركزي محافظ بآليات السوق ومعادي بشكل واضح للعدالة الاجتماعية في الوقت الذي وصلت فيه نسبة التضخم إلي ما يزيد على 10% ما يعني زيادة أكثر في الأسعار.

هاجم جمال سياسات الدولة التي كانت سببا في اندلاع ثورة يناير بالأساس، وقال أن الدولة تتبع منهجا اكثر حدة في تطبيق السياسات النيوليبرالية وتخفيض الإنفاق على الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم، في الوقت الذي تجاوز فيه الإنفاق على الدين وخدمته الإنفاق على الأجور الذي تسعى الحكومة لتخفيضه أكثر من خلال قانون الخدمة المدنية وفتح باب استحواذ المستثمرين على خدمات التعليم والصحة.

واصل وائل جمال هجومه على سياسات الدولة الاقتصادية التي وصفها بأنها أكثر تهورا من مبارك الذي كان يتوقف عن الخصخصة عند ظهور بوادر غضب شعبي على عكس أداء الدولة الحالي، الأمر الذي أرجعه جمال إلى تركيبة مصالح الطبقة الحاكمة الحالية التي يسعى السيسى لتوفير الحماية لها من خلال تقليل الشفافية والتضييق على النشر ونشر الموازنة بعد وقت طويل من موعده الدستوري. وأضاف جمال أن تغيير البيان المالي أكثر من مرة سيكون ثمنها باهظا.

وفي نهاية كلمته، شدد جمال على أهمية النضالات الاجتماعية وضرورة دعمها وضرورة رفض التعامل معها بشكل نفعي، فيجب على الثوريين فهم أن الإضرابات العمالية هي سياسية بالفعل مهما كانت درجتها، فقد خلقت هذه الإضرابات مناخا احتجاجيا عاما، وهي الوحيدة القادرة على تفكيك شبكة المصالح الصلبة للطبقة الحاكمة، وبالتالي فعلى الثوريين ربط النضالات الاجتماعية بالسياسة بشكل غير مفتعل وغير نفعي، وأن يدركوا الترابط الواضح والبديهي بين النضالات العمالية وقضية سياسية مثل قانون التظاهر. وأضاف أن على السياسيين فهم التوجس العمالي المبرر من القوي السياسية والأحزاب التي يجب أن يكون دورها هو المشاركة في الحركة ودعمها، وليس الاستحواذ والسيطرة والنفعية عليها.

انتقلت الكلمة إلى المحام العمالي خالد على الذي أشار إلى أن هناك أزمة سياسية واضحة نتيجة لخوف النظام على شرعيته دوليا وشعوره بأنه غير مقبول بسبب سياسات القمع الداخلية، الأمر الذي يسعى النظام إلى إصلاحه من خلال شراء ولاء ودعم الشركات متعددة الجنسيات التي يدرك قدرتها على تغيير موقف وسياسات النظم الحاكمة الدولية، في الوقت الذي تظهر فيه حالة صعود اليسار الديمقراطي في أوروبا بشكل واضح، ما يعني خوض النظام لمخاطرة غير محسوبة العواقب سياسيا.

وصف علي النظام المصري بـ”الضعيف”، الأمر الذي ظهر في تعاطيه مع أزمة الإسكندرية وشرم الشيخ، حيث لم يصدر أي بيانات أو معلومات بخصوصها تاركا تلك المهمة إلي بيانات الحكومات الأوروبية والصحف الأجنبية. لم يستطع النظام الوقوف أمام موجة التضامن مع الصحفي حسام بهجت، التي استمرت لساعات انتهت بالإفراج عن حسام، هو نفسه النظام الذي يحمي مصالح طبقة يمثل اتحاد الصناعات جزءا منها، وقد أصدر الاتحاد بيانا ضد القبض على صلاح دياب بتهم تغيرت أكثر من مرة، ما يدل على حالة الضعف الشديدة التي يعاني منها النظام.

أنهى خالد علي كلمته بالحديث عن أهمية النضالات الاجتماعية التي تخرج من بين قوى كانت تدعم النظام منذ شهور (الموظفون كمثال)، هذه النضالات المرشحة للتزايد مع وضوح إصرار الدولة على اتباع السياسة النيوليبرالية. كما طرح علي الحاجة إلى ضرورة تكوين تنظيمات اجتماعية تمثل مظلة داعمة لهذه الحركات.