بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

حصاد الحركة العمالية 2022: 3- وثيقة “بيع مصر وعمالها” المعروفة بسياسة ملكية الدولة

في يونيو الماضي أطلقت الحكومة وثيقة سياسة ملكية الدولة معلنةً عن سياسة جديدة بشأن ملكية الدولة للأصول الرأسمالية في القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة، وهي الوثيقة التي أوردت بوضوح اعتزام الحكومة خصخصة قناة السويس، بينما تغاضت كالعادة عن حقوق العاملين بأجر.

ورغم أن طرح سياسة جديدة للدولة في شأن ملكيتها أمر شديد الأهمية ويمس مصالح فئات وقطاعات الشعب المصري، وفي مقدمتهم العمال والفلاحين، فقد أصدرتها الحكومة ابتداءً، ثم اكتفت بتنظيم نقاش حولها لم تشارك فيه سوى منظمات رجال الأعمال والمستثمرين.

والمعنى أن الوثيقة، التي تعد بمثابة دستور اقتصادي للبلاد، لم تخرج عبر حوار اجتماعي، بل جاءت تلبية لإملاءات المؤسسات المالية الدولية وقسم من كبار رجال الأعمال الاحتكاريين الساخطين على تنامي دور البيروقراطية العسكرية في الاقتصاد واقتسامه جزء كبير من كعكة الأرباح، كشرط لتقديم قروض جديدة للحكومة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تسببت فيها سياسات النظام الكارثية.

وحددت الوثيقة السياسة الخاصة بملكية الدولة خلال المرحلة المقبلة في ثلاث محاور رئيسية:

1- التخارج من بعض الأنشطة الاقتصادية خلال ثلاث سنوات أبرزها قطاع الزراعة والنقل والاتصالات وإنتاج المياه المحلاة وجزئيًا من قطاع التشييد والبناء.

2- تخفيض الاستثمارات الحكومية مع السماح بمشاركة القطاع الخاص في قطاعات أبرزها قطاع الكهرباء والنقل البحري وإنتاج المياه والتعدين والملكية العقارية.

3- زيادة الاستثمارات الحكومية مع السماح بمشاركة القطاع الخاص في قطاعات أبرزها قناة السويس والتعليم وقطاع الوساطة والتأمين (صناديق المعاشات أو التقاعد).

ووفقا للوثيقة فإن الدولة سوف تخرج من ما يقارب 79%من النشاط الاقتصادي وتستهدف بيع أصول بما يقارب 40 مليار دولار.

موجة ثانية من الخصخصة
لا يمكن فهم الوثيقة سوى أنها موجة ثانية من الخصخصة تتخارج فيها الدولة وتدخل في شراكة مع القطاع الخاص في أنشطة الخدمات والمرافق العامة ، فمسار الخصخصة الجديد يعكس مجمل أزمات منظومة الاقتصاد الهيكلية.

بينما لم تتطرق الوثيقة لخطط الحكومة فيما يخص الخدمات العامة لاسيما الصحة والتعليم والنقل -وهي المجالات التي تستأنف الدولة التدخل فيها– وتظل خطط تطوير هذه الخدمات وزيادة عدد المستفيدين منها غائبة في ظل خطاب رسمي وحكومي تسيطر عليه المزاعم المتهافتة التي تعتبر الخدمات العامة عبئًا.

واللافت للانتباه ما أعلنته الوثيقة من تخارج الدولة خلال ثلاث سنوات من الزراعة بنسبة 83% (النسبة من إجمالي ما تستحوذ عليه الدولة من أنشطة القطاع الزراعي)، ورغبتها التخارج من أنشطة الصناعات الغذائية مثل المجازر والألبان والعصائر، والتي تعد مطمعًا كبيرًا لرجال الأعمال نظرًا لربحيتها، ولكن هذا التخارج سيؤثر بالتأكيد على قدرة الدولة المحدودة بالفعل في التحكم في الأسعار أو إدارة منظومة مناسبة لدعم الغذاء وبل علي الإمكانية العملية لهذا التخارج أصلًا.

وبطبيعة الحال لم تعتن الوثيقة بحقوق العمال في الشركات التي سوف تُباع للمستثمرين بشكل كلي أو جزئي، خاصةً أن تجربة القطاع الخاص لم تشر إلى أي تحسن في أحوال العمال على صعيد الحق في أجر عادل أو الحق في تعليم مجاني حقيقي أو الحق في العلاج والصحة ووجود فرص عمل حقيقية.

هذا علاوة على أن النزاعات القضائية في هذه الأحوال بين العمال وأصحاب الأعمال وبخاصة الشركات متعددة الجنسيات ستجعل تنفيذ الأحكام على ممثلي هذه الشركات أمرا من المستحيل .

وكانت الحكومة قد استبقت الوثيقة بإصدار تشريعات تمهد لها والتي من أهمها القانون 185 لسنة 2020 وهو القانون المعدل لقانون 203 (قانون قطاع الأعمال العام).

والواقع أن السياسات الاقتصادية الكارثية وشروط الإفقار الخاصة بصندوق النقد الدولي التي نفذها نظام السيسي خلال السنوات السابقة هي سبب الأزمة وتزيد من معدلات الفقر للعمال والمواطنين بشكل عام.

نجدد رفضنا لوثيقة البيع ونرفض تجريد الجماهير من أدواتهم -النقابات والأحزاب والصحافة المستقلة، إلخ- التي يدافعون بها عن أنفسهم في مواجهة حملة النظام المسعورة على معيشتهم.