حصاد الحركة العمالية 2022: 5- لا لقانون تسييد العمل المؤقت وحظر الإضرابات

جولة جديدة شهدها العام المنصرم لتمرير مشروع قانون العمل الجديد، المطروح منذ 9 أعوام كاملة، والمنحاز لرجال الأعمال على حساب العاملين بأجر من عمال ومهنيين، في إطار سعي النظام لتشجيع المستثمرين وتنفيذًا لإملاءات صندوق النقد الدولي.
الحكومة أخذت خطوة للأمام لتمرير القانون حيث وافق عليه بالفعل مجلس الشيوخ، ويُناقش حاليًا في لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، في غيبة ممثلي العمال الحقيقيين، حيث طالبت نقابات مستقلة عديدة تشكيل لجان استماع لكي تتمكن من اعلان رفضها لهذا القانون ولكن المجلس، الذي تم تشكيله في أروقة الأجهزة الأمنية رفض لأنه، ببساطة، لا يعترف سوى بالمستثمرين ولا يتحرك إلا إذا حصل على الضوء الأخضر.
وتعاقب على إعداد مسودة قانون العمل الجديد ومحاولة إقراره ثلاث حكومات في الفترة من 2014 حتى العام الحالي. ولم يحظى سوى بمباركة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، المعادي لحقوق العمال، والذي رأى أن المشروع يحقق التوازن في علاقات العمل. ويحقق مكاسب للعمال، بينما مجالس إدارات النقابات المهنية لم تصدر بيانا واحدا للتعليق على القانون الذي يضر بحقوق أعضاءها.!!!
ومشروع القانون، حسب نقابيين وتقرير لدار الخدمات النقابية، أبقى على الغالبية العظمى من أحكام القانون الحالي، الذي عانى منه العمال الأمرين وكان سببا في تفجير الاحتجاجات في مواقع عديدة.
وبينما تئن جماهير العمال من غلاء فاحش تنتقص المادة 3 من مشروع القانون من مكتسبات العمال بعدم وضع العلاوة الدورية 7%. والتي كانت موجودة في المادة الثالثة بقانون 12 لسنة 2003. بينما خفضت بالمشروع الجديد إلى 3% من الاشتراك التأميني بالمخالفة للمادة الثانية والمادة 12 من مشروع القانون.
كما ميّز القانون بين عمال خدم المنازل المصريين والأجانب. إذ إن المادة (4) من الأحكام العامة بالقانون لا تسري على خدم المنازل ومن في حكمهم. بالمخالفة للمادة 53 من الدستور.وبالتالي تم حرمان خدم المنازل من مظلة القانون، ليعملوا دون حماية قانونية، ويتعرضون لانتهاكات واسعة من أصحاب المنازل يصل بعضها للضرب والتعذيب ناهيك عن الإهانة المتواصلة.
وجاء “عقد العمل الفردي” في المادة 69 من مشروع القانون لتنص على أن يبرم العقد غير محدد المدة أو لمدة محددة لا تقل عن سنة. وبذلك أطاح المشرع بأحلام العمال بالأمان الوظيفي. والأصل أن يكون العقد غير محدد المدة. فيما البند 3 من المادة 70 لا يحقق الاستقرار والأمان الوظيفي.
بينما جاءت المادة 28 من مشروع القانون لتنص على أن العقد المبرم لإنجاز عمل معين يجوز تجديده لمدة ست سنوات كاملة قبل ان يتحول الى عقد دائم. ولا يجوز للعامل إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز هذه الأعمال. وقد جعلت علاقة العمل سخرة للعامل ليستمر لمدة 6 سنوات دون استقرار في العمل.
اكتفى مشروع القانون في شأن العمالة غير المنتظمة التي زادت اعدادها بشكل كبير لتصل الى حوالي 14 مليون بالنص في المادة 31 منه على أن “تتولى الوزارة المختصة رسم سياسة ومتابعة تشغيل العمالة غير المنتظمة. وفي المادة 32 منه على أن “ينشأ صندوق لحماية وتشغيل العمالة غير المنتظمة تكون له الشخصية الاعتبارية العامة ويتبع الوزير المختص”.
تقييد حق الإضراب
كما يحظر المشروع ممارسة الإضراب في “المنشآت الاستراتيجية أو الحيوية التي يترتب على توقف العمل بها الإخلال بالأمن القومي. أو بالخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين. ولم يحدد القانون ماهي تلك المنشآت ليترك تحديدها في يد رئيس مجلس الوزراء.
وتنص المادة 121 من مشروع القانون في البند 8 على أنه يجوز فصل العامل إذا لم يراعِ الضوابط الواردة في المواد من 200 إلى 202 -الخاصة بالإضراب.
ولم يواكب المشروع التغيرات الكبيرة والجذرية في سوق العمل خلال العشرين عاماً الماضية، منذ صدور قانون العمل الحالي عام 2003، من تقلص عمال القطاع العام إلى 250 ألفاً فقط، يتم التعامل معهم بآليات التعامل في القطاع الخاص، واكتساح العمالة غير المنتظمة لكل قطاعات العمل، حتى في داخل القطاعين العام والحكومي، بإسناد أعمال دائمة بطبيعتها لعمالة بعقود مؤقتة يتم جلبها عبر شركات توظيف (مقاولي أنفار) لتسهيل سلب حقوق هؤلاء العمال، والتخلص منهم عند اللزوم، ناهيك عن العمالة غير المنتظمة في القطاع الخاص بكافة مستوياته.
كما لم يحل المشكلات التي كشف عنها تطبيق القانون الحالي خلال عشرين عاماً، وفي مقدمتها ومنها تضمن القانون، والمشروع الجديد أيضاً، على بابين لتسريح العمال يسهلان لصاحب العمل التلاعب في المحاكم والتحايل على القضاء، حيث توجد نصوص خاصة بفصل العامل، إذا ارتكب مخالفات محددة في القانون على وجه الحصر، ولا يجوز فصله في غيرها، وفي نفس الوقت يوجد باب لإنهاء خدمة العامل متى أراد صاحب العمل.
إننا ندعو كل الفئات المضارة من إصدار هذا التشريع الجديد من عمال ومهنيين لإعلان رفضها له.. بكل الطرق المتاحة.
علما بأن خبرة الحركة العمالية تشير إلى أن مقاومة القانون الحقيقية خصوصًا في غيبة النقابات المستقلة القوية، ستكون في مواقع العمل حينما يتم تطبيقه بالفعل على الأرض في ظل أوضاع معيشية بالغة الصعوبة.