بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال وفلاحين

في ندوة بمركز الدراسات الاشتراكية:

آفاق الحركة العمالية.. التنظيم والتسييس

نحو 350 إضرابا واعتصاما نظمهم عمال مصر منذ تولي الرئيس محمد مرسي مقاليد الأمور في الأول من شهر يوليو الماضي، ولم يلتفت العمال كثيرا إلى دعاوى التنظيم الرسمي (الأصفر) الذي وصف إضرابات العمال في رمضان “بالحرام”، ولم تدفعهم تصريحات ممثلي القوى الإسلامية في اللجنة التأسيسية عن ضرورة تقييد الإضراب في الدستور الجديد للتراجع، بل واصلوا معركتهم من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية وانتزاع حق العمل (الدائم)، ولم تقف معاركهم عند حدود المعارك الاقتصادية بل امتدت إلى ميدان المعارك السياسية، فناضلوا من أجل تطهير المؤسسات والوزارات من الفاسدين، وقاوموا رفض الدولة عودة الشركات التي تم نهبها، ويواجهوا تلويح رجال الأعمال بإغلاق الشركات بطرح الإدارة الذاتية للمصانع، واليوم يخوضون معارك عديدة لوقف تعيين وزراء فاسدين أو فلول أو عسكريين في التشكيل الحكومي الجديد.

وبالمقابل تعرض العمال طيلة الفترة الماضية إلى حرب منظمة شملت استخدام أسلحة متعددة أخطرها استئجار ميلشيات مسلحة لإرهاب العمال وإجبارهم على العودة إلى العمل بالإضافة إلى التلويح بسياسة التصفية وإغلاق الشركات فضلا عن  قطع أرزاق القيادات العمالية والنقابية عبر الفصل والنقل والتشريد في حين واصلت السلطة الحاكمة ممارسة سياسة التجاهل لمطالب العمال وترفض الاستجابة إلى مطالبهم الرئيسية وتكتفي بإلقاء الفتات لهم.

في هذا السياق نظم الاشتراكيون الثوريون ندوة عمالية تحت عنوان: “آفاق الحركة العمالية.. التنظيم والتسييس” مساء الجمعة 3 أغسطس، بحضور قيادات عمالية من قطاعات مختلفة، كسبيل لتوحيد الحركة العمالية ككل ضد محاولات الالتفاف ومعاداة الثورة.

الحزب الثوري حياة أو موت
في البداية أشار هيثم محمدين، المحامي العمالي وعضو حركة الاشتراكيين الثوريين، إلى أن الحركة العمالية استطاعت تحقيق مكاسب نوعية بكسر سيطرة الدولة على الاتحادات العمالية من خلال تكوين نقابات أو روابط تحاول التنسيق بعضها ببعض، إلا أنه لم يحدث حتى الآن توحيد مطالب عمالية مشتركة قد تجمع المطالب الاقتصادية الخاصة بزيادة الأرباح في مصنع أو بدل الوجبة في مصنع آخر بالمطالب الاقتصادية العامة مثل الحد الأدنى للأجور. فمع أهمية المطالب الاقتصادية التي يرفعها العمال داخل مصانعهم، إلا أن تلك المطالب دائما تعاني التشتت وقد تعتبر مسكنات للحركة العمالية إذا تمت على نحو وقتي، في حين تلك المطالب يرتفع سقفها عند ربطها بمطالب أكبر مثل حد أدنى للأجور يتناسب مع معدل التضخم، حيث أكد محمدين أن الحصول على زيادة بالحافز أو الأرباح وحدها لن يكون فعالا مع زيادة الأسعار كل عام وهو ما يتطلب عودة العمال لنفس الكرًة برفع ذات المطالب كل مرة.

كما أوضح محمدين أن هناك أيضا مطالب عمالية عامة يمكن توحيد الحركة العمالية على أساسها بالإضافة إلى الحد الأدنى للأجور مثل مطلب تطهير المؤسسات بالقطاع العام كذلك الخاص كما في سيراميكا كيلوباترا، الغزل والنسيج، الصناعات الغذائية والصناعات المعدنية لتنحية رؤسائها المتورطين بفساد منذ النظام السابق.

قانون الحريات النقابية أيضا هو مطلب عام استطاع العمال تفعيله عمليا بتأسيس أكثر من 400 نقابة مستقلة، ذلك القانون الذي عانى التفاف النظام حوله والتعنت في إصداره من أجل السيطرة على الحركة العمالية والرجوع لاتحاد حسين مجاور، وهو ما يظهر في تمثيل أحد أعضاء الاتحاد العام المنحل في اللجنة التأسيسية للدستور كذلك مقابلة رئيس الجمهورية لوفد منهم باعتبارهم ممثلين عن العمال. هنا يظهر أهمية التوحد حول مطلب قانون الحريات النقابية الذي ناضل العمال من أجله.

وعن التحديات التي تواجه توحيد مطالب العمال وجد محمدين أن تلك المطالب الاقتصادية لا يمكن أن تنفصل عن المطالب السياسية، فتنظيم العمال في شكل نقابات ساهم في الدفع باتجاه تحقيق المطالب الاقتصادية، إلا أن الشكل النقابي وحده لن يحقق مشاركة سياسية حقيقية للعمال في ظل أحزاب سياسية تنظر إلى 23 مليون عامل باعتبارهم أصوات في الصناديق الانتخابية وبالتالي فهي لا تعبر عن مصالح العمال سواء في برامجها أو مواقفها. ومع ظهور مسودة من أعضاء اللجنة التأسيسية تقضي بنقل القيود على حق الإضراب إلى الدستور كسبيل لتحصينها، ظهرت عدم النية في استجابة النظام أيضا للمطالب العمالية مستقبلا بل ومواجهتها بسلاح البلطجة حاليا كما حدث لعمال السامولي بغزل المحلة وعمال الوطنية للصلب كذلك عمال سيراميكا كيلوباترا.

وهنا أكد محمدين أن العمال إذن يحتاجون لحزبهم المستقل في مواجهة التحديات القائمة من السلطة أو الأشكال المختلفة للأحزاب السياسية التي سعت لإلغاء نسبة 50% عمال وفلاحين داخل البرلمان، فبدون حزب عمالي قادر على توحيد العمال من خلال تضامنهم حول قضايا محورية لن تتحقق أهداف الثورة في العدالة الاجتماعية، وستواجه السلطة ثورة عمالية ترفع قرار الإدارة الذاتية للمصانع عند تهديد صاحب العمل بالإغلاق. الحزب الثوري سيفرض إرادة الطبقة العاملة في مطالبها الاقتصادية والسياسية على حد سواء.

الأرض لمن يفلحها.. والمصانع للعمال 
وفي كلمة للحضور وجد كمال الفيومي من عمال الغزل والنسيج أن عمال المحلة يعزي لهم دورا كبيرا في إشعال شرارة الثورة المصرية، إلا أن الأوضاع لم تتغير بعد الثورة، فمازال هناك التفاف رئيسي حول مطالبهم في معركة تقودها كل أجهزة الدولة سواء الداخلية أو الإعلام أو الأمن القومي ضد العمال وحقوقهم كان آخرها الضغط بحرمانهم من أرباح شهرين. كما حاول الإخوان فض الإضراب الأخير وسعوا إلى اقتحام المصنع في ظل تمثيل نقابات أمن الدولة لعمال الغزل والنسيج. وفي الوقت الذي وصفت فيه السلطة الحاكمة المطالب العمالية بالفئوية ازدادت مرتبات الشرطة والجيش أكثر من مرة، هنا لابد من تكوين تنظيم نقابي مستقل يعبر فعليا عن مصالح العمال في معركة لابد من الاستعداد لها جيدا.

أما أحمد فهيم من مجموعة بشاي للصلب فقد تعجب من محاولات الشرطة العسكرية لاقتحام المصنع مرتين من أجل الحفاظ على مصالح رجل واحد في نهب مليارات الجنيهات على حساب 9 آلاف أسرة تطالب بحقوقها المعيشية. وكيف يمكن لشخص واحد إلحاق تلوث بيئي بالغ الأثر للملايين في حين تقابله الحكومة بدعما كبيرا من الطاقة والكهرباء؟. بشاي حاول إثارة الفتنة الطائفية بين العمال من أجل تفريق قوتهم والرجوع عن وعوده بعد حجب التأمينات والحقوق الوظيفية كبقية المستثمرين الذين اعتادوا مص دماء الشعب.

ووجد فهيم أنه قبل التحدث عن نقابات أو روابط على العمال أن يقوموا بتطهير نقابة عمال مصر أولا.

ومن غزل ميت غمر فقد أكد أحد العمال أن الحزب الوطني مازال يحكم بعد حبك المناورات ضد العمال بمجرد انضمامهم لإضراب غزل المحلة، ولا يمكن للعمال اختراق شبكات الفساد إلا بالتوحد في كيان قوي يكون قادرا على تهديد الحكومة بوقف الإنتاج، حيث ضرب مثل أول إضراب بمصر قامت به واحدة من شركات الدخان والسجائر في حين تضامنت 39 شركة أخرى بالمساندة والتبرع.

ومن شركة المراجل البخارية تسائل حسن حامد ماذا نتوقع من وزير الصناعة في حكومة قنديل وهو رجل الأعمال وأحد رؤساء شركة بيتي للألبان ومدمر المراجل البخارية والتي تعتبر الشركة الوحيدة في تصنيع أجزاء المفاعل النووي، ووجد مصطفى المصري من تكتل شباب السويس أن نظام مبارك الذي يحميه الجيش هو نفسه الذي يتدخل في الفصل بالقضايا العمالية. أما أحمد محمود من النقل العام فقد أكد أن مصر دولة مؤسسات وليست لرجال الأعمال المستثمرين الأقلية الذين يمصوا دماء الأغلبية من العمال والفقراء ثم يتهموا مطالبهم بالفئوية!

مؤتمر عمال مصر.. خطوة للتوحد
وفي ظل تأكيد العمال على أن التضامن بين القطاعات العمالية هو الوسيلة الناجحة لمواجهة بطش رأس المال، اتفق العمال على العمل معا من أجل انتزاع مطالبهم المشتركة من حكومة قنديل والمتمثلة في عودة الشركات التي تم خصخصتها والسعي لتكوين لجنة لإلزام الدولة بتنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها، والعمل على تطهير الشركات القابضة وعلى رأسها الشركة القابضة للغزل والنسيج، كما شدد العمال على تعديل تشريعات العمل بما يعطي العمال الحصانة ضد الفصل والتشريد في إطار تثبيت العمالة المؤقتة وحظرشغيل العمال بدون عقود كذلك عودة القيادات المفصولة.

وتأتي على رأس مطالب عمال مصر قضية الحد الأدنى للأجور بما لا يقل عن 1500 جنيه وحد أقصى للأجور بما لا يزيد عن عشر أضعاف أمثاله، كذلك تسديد التأمينات الاجتماعية وفقا للأجور الحقيقية بما يضمن معاش كافي لا يقل عن نصف الحد الأدنى للأجور وتوفير الرعاية الصحية الكاملة للعاملين وأسرهم.

وفي نهاية الندوة قرر العمال تشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر عمال مصر، الذي سيتم عقده في غضون شهر، لوضع خطة تنطلق من خلالها مطالبهم في الدستور القادم كذلك لتكوين كيان عمالي قوي من الطبقة العاملة ككل يدافع عن حقوقهم على أساس التوحد والتضامن ضد رجال أعمال مازالوا، بعد ثورة طالبت بالعدالة الاجتماعية، يقومون بالنهب المنظم للشعب المصري ككل.