بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أبو عيطة: رحلة الصعود إلى الهاوية

كمال أبو عيطة

شرف لا ندعيه ما قاله الوزير كمال أبوعيطة على موقع «البديل» الإلكتروني أن اليسار “الطفولي” هو المسئول عن تظاهرات العمال، وآخرها الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها حملة “نفذ يا نظام” أمام وزارة القوى العاملة الأحد الماضي للمطالبة بعودة المفصولين تعسفياً من أكثر من 27 شركة ومصنع بسبب نشاطهم النقابي إلى العمل، بل وبعضهم معه أحكام قضائية ترفض إدارات الشركات تنفيذها.

ولمن لا يعلم فإن هؤلاء العمال أنفسهم توجهوا للوزير أبو عيطة بعد أن تولى منصبه مباشرةً ليهنئوه على منصبه ويطالبونه بتنفيذ وعودة بعودة المفصولين، وأخذوا وعوداً حلموا بأن تتحقق، بالعودة لعملهم قبل عيد الفطر الماضي، ولكن الوعود ذهبت أدراج الرياح، فذهب اليه العمال هذه المرة محتجين؟

بالتاكيد يدرك أبو عيطة أن اليسار أضعف من تحريك عمال مصر، كما أن دوافع الحركة العمالية في النضال هي الأوضاع المتردية التي يحيا العمال في ظلها في ظل كل الأنظمة التي جاءت بعد الثورة، من فقر وتشريد، ولكن مياه كثيرة جرت في النهر.

أبو عيطة، منذ أقل من عام، كان يجلس إلى العمال لينظم تحركاتهم ويحرضهم على الإضرابات والاعتصامات كطريق وحيد لنيل حقوقهم، ولكنه عندما أصبح وزيراً، بعد أن أصدر بياناً يدعو العمال إلى وقف الإضرابات، ظن أن هذا كاف لإخراس صوت العمال.. وأن عليهم، الآن، أن “يبوسوا إيديهم وش وضهر”؛ فواحد منهم اعتلى كرسي الوزارة!

ولكنه يتناسى، عمداً، أنه وزير في حكومة معادية بالأساس للجماهير الشعبية، وتريد أن تظهر بمظهر المنحازة للغلابة بدون أن تقدم إصلاحات حقيقية، ولنا في خدعة الحد الأدنى للأجور خير مثال، فالعمال لن يأكلوا وعوداً ولن يشربوا ابتسامات يجيد توزيعها على كل من حوله.

ولذا فقد تعالت هتافات العمال أمام القوى العاملة بعد اقل من 6 شهور على توليه المنصب: “يا أبو عيطة فينك فينك، حق العامل بينا وبينك، و”أبو عيطة في التكييف، والعمال على الرصيف”.

كما أن اسطوانة “اليسار المراهق” الذي يحرض العمال على الاحتجاجات، ليست جديدة على أبو عيطة فقد صرح من قبل أن الإخوان المسلمين هم الذين يحركون الاحتجاجات العمالية، وبالمناسبة هي ذاتها اسطوانة الفلول التي اخترعها الإخوان لتشويه صورة العمال المناضلين في عهد مرسي بدلاً من الاستجابة لمطالبهم، فكان مصيره أن وضعته الجماهير في مصاف أعدائها بعد أن توسمت فيه خيراً في البداية بل صوت له الملايين منها بالذات.

أبو عيطة باختصار يمثل رحلة “صعود إلى الهاوية” من قائد عمالى ينام على رصيف مجلس الوزراء وسط زملائه في الضرائب العقارية، إلى رئيس لاول اتحاد مستقل خرج من رحم الثورة، إلى نقابي بيروقراطى معزول عن القواعد العمالية، وعلى استعداد للتضحية بمصالح العمال لصالح مشروعه، إلى جزء من سلطة تنفيذية تعمل بكل دأب على إجهاض تحركات العمال عبر فصل القيادات العمالية، واقتحام الإضرابات بالدبابات كما جرى في السويس للصلب، وذلك في إطار مخطط أوسع لإعادة الدولة البوليسية، وقمع الحريات بما فيها حق الإضراب والتظاهر وإلا فأين قانون الحريات النقابية؟ ولماذا لم يصدر مرسوماً رئاسياً بعودة المفصولين؟ ولماذا لا تعود الشركات التي صدرت بحقها أحكام قضائية إلى الدولة فعلاً؟

وأخيراً وليس اخراً.. أين هو موقف أبو عيطة من عمليات القتل التي نفذتها الأجهزة الأمنية ضد خصومها السياسيين في رابعة والنهضة والتي راح ضحيتها الآلاف؟ لم نر سوى صمت القبور من أجل الحفاظ على كرسي في التحالف الحاكم الذي تديره عملياً القوات المسلحة.

هذه الأسئلة وغيرها على الوزير أبو عيطة أن يجيب عليها، قبل أن يتهم الآخرون بتهم هي في واقع الحال شرف لكل مناضل ثوري وعمالي. ولكن السلطة بالفعل مفسدة كما يقول هو متهكماً في تصريحاته الصحفية، لكن يبقى السؤال؛ من الذي تحول بالفعل؟ القابضون على جمر النضال وسط العمال والجماهير الشعبية أم القابعون على كرسي الوزارة؟