إضراب الاطباء و الثوره التى لم تكتمل
زملائى الاطباء
هذا المقال هو خلاصه متابعتى لأراء المئات من الزملاء على المواقع المختلفه على الأنترنت و فى المستشفيات المختلفه و من خلال مناقشات أعضاء اللجنه العليا للإضراب و بالطبع بعض الأراء الشخصيه. و قد حاولت بلوره هذه الاراء فى نقاط متماسكه لتوضيح الرؤيه حول أهدافنا المستقبليه و التكتيكات المختلفه للوصول إليها.
ماذا يريد الأطباء؟
هذا هو الشغل الشاغل للرأى العام المصرى و بالطبع يتم تصدير الاجابه المعروفه ” زياده الأجور” بالطبع أكتشف الأطباء جميعاً من تجربتهم الجماعيه أن الأعلام ليس محايداً بل و يتم أستخدامه كسلاح ضدنا فى كثير من ألأحيان من قبل خصومنا و كما قال أحد السياسيين قديماً” الأفكار المنتشره هى أفكار النظام الحاكم” و كما رأينا فقد أستخدم النظام المسيطر الأن على البلد وسائل الأعلام فى تشويه صورتنا و أستعداء المواطن المصرى علينا. بينما لم تتح لنا الفرصه لتوضيح أهدافنا الحقيقيه الا بعد أن أثبتنا قوتنا على ألأأرض سواء بعد الجمعيه العموميه فى 25 مارس أو 1 مايو و بالتأكيد بعد النجاح الساحق للإضراب فى 10 مايو.
نستنتج من هذا ان الوصول للإعلام و أستخدامه كسلاح فى صفنا لن يكون الا بالأنتصارات على الأرض و التحركات القويه.
أما عن المطالب نفسها من زياده ميزانيه الصحه لى 15% و إقاله وزير الصحه و القيادات الفاسده و المطالبه بهيكل عادل للأجور و توفير الأمن فى المستشفيات , فهى مطالب ثوريه بأمتياز أن تنفيذها يعنى إنقلاب أجتماعى هائل يفوق فى قوته و تأثيره ما حدث فى ثوره 25 يناير كلها , فبينما أستطاعت الثوره تحقيق مكاسب سياسيه هامه من إسقاط رموز النظام و محاكمتهم و كسر النظام القمعى البوليسى و فتح أبواب الحريه للأحزاب و النقابات والصحف و القنوات التليفزيونيه ال أنها لم تمس البعد الأجتماعى بكثير أو قليل و ذلك على عكس ثوره 1952 و التى أغلقت الحيله السياسيه و لكنها حققت تغييرات أجتماعيه هائله غيرت البنيه الطبقيه فى مصر و قضت على الأقطاع و الباشوات و أعلنت التأميم و وزعت الأراضى على الفلاحين.
إذا لكى يحصل الاطباء على مكانتهم العادله فى المجتمع لابد من تغيير أجتماعى شامل فى هيكل الدوله لكى يعطى النظام الجديد من يستحق فعلاً اجره العادل. و لكن لماذا يلزم هذا التغيير الضخم لكى يحصل الأطباء على حقوقهم بينما نرى العديد من الفئات و المهن الأخرى تحصل على طلباتها بسهوله فائقه؟
السبب الاول : أن هذه الطلبات لا تغير فى بنيه النظام و هى مطالب ضيقه انانيه و يمكن ان يطلق عيها فئويه فعلاً و ذلك كمطالب العلميين بالتساوى مع زملائنا من الباثولجيا الاكلينيكيه أو طلب العاملين فى جهه تعيين أبناؤهم فيها.
السبب الثانى: أن بعض هذه الطلبات تكون من احد أجهزه النظام كالشرطه ” سلطه تنفيذيه ” أو القضاء ” سلطه تشريعيه ” و فى هذه الحاله تكون الأستجابه فوريه و بغض النظر عن مدى مشروعيتها أو منطقيتها من عدمه ذلك لأن النظام لابد أن يسترضى كل فروعه لتدعيم نفسه و أستعاده هيبته فى الفتره القادمه بعد سقوط العديد من رموزه و على رأسها الرئيس السابق المخلوع تحت ضغط الثوره.
السبب الثالث : أن بعض الفئات الأخرى من القطاعات الأنتاجيه و المدره للدخل المادى للنظام كقطاع السياحه و البترول و الكهرباء أو الاتصالات لا يمكن أستعدائهم لأن إضراباتهم من الممكن أن تكبد الدوله خسائر ماديه فادحه.
أما الأطباء و ابلرغم من تقديمهم لخدمه حيويه لا غنى عنها و هى المحافظه على الحياه البشريه -أصل كل نشاط انسانى- الا أنهم يظلون قطاع خدمى لا يدر ربح مادى و أنما هو يستنزف جزء من موارد النظام , و هنا يصبح المعيار لما يُصرف على هذا القطاع و اهميه العاملين فيه من مدى أهتمام ذلك النظام بأرواح و أهميه مواطنيه.
الأستنتاج : لأن الاطباء يخدمون و يعبرون عن مصالح و طموحات الملايين من بسطاء و الفقراء من هذا الشعب و لأن النظام الحالى لا يهتم بحياه و صحه و طموحات البسطاء و الفقراء من هذا الشعب , فإن مقدمى هذه الخدمه من الأطباء و مطالبهم لا تهم النظام الحاكم حالياً.
الإضراب
ماذا عن استخدام سلاح الإضراب لتحقيق مطالبنا فى هذا التوقيت؟
الواقع العملى يقول أننا أستخدمنا كل الوسائل و الأساليب من وقفات أحتجاجيه و أعتصامات و وفود للتفاوض بدون فائده و هذا يؤكد الفكره السابقه عن أننا نعبر عن مصالح شريحه لا يهتم بها النظام و لاتضغط على مصالحه المباشره. و ربما لو كنا قررنا الأعتصام أمام مجلس الوزراء او فى التحرير لوزعوا علينا البونبون و الشيكولاته بلا مشاكل.
أما الإضراب فبه فارق جوهرى عن أى وسيله أحتجاج أخرى و هى كالأتى:
الإضراب هو توقف طوعى عن العمل بهدف تكبيد الدوله خسائر فى الانتاج لا تستطيع تحملها فتضطر للتفاوض و زياده الأجور أو تحسين ظروف العمل ليستمر العمل من جديد و تتوقف الخساره و هذا ما يحدث فى أى شركه أو مصنع ينتج او ينقل بضائع أو منتجات ماديه.
أما إضراب الاطباء فلابد أن يكون بالضروره ذو هدف مختلف و شروط مختلفه و ذلك لان الخسائر الناجمه عن إضرابنا لن تكون ماديه و أنما هى خسائر فى الأرواح و هو ما يعتبر بكل المقاييس جريمه لا يمكن السكوت عليها , لذا فإضراب الأطباء لابد أن يكون جزئى لا يشمل الطوارىء و الحالات الحرجه. و لكونه جزئى و لا يهدد بخسائر على الدوله و لكنه يضغط على تقديم الخدمه للمواطن و يقللها , فلابد أن يكون إضراب الأطباء وسيله للتواصل مع المواطن و المريض البسيط المقهور لكسبه الى صفنا للضغط على النظام.
لابد لإضرابنا ان يكون وسيله أبناء هذا الشعب من الأطباء المتفوقين و النوابغ لتوعيه أبناء هذا الشعب من البسطاء و الفقراء بمدى الظلم و التجاهل الذى يتعرضون له فى أبسط و أول حقوقهم الأنسانيه الا و هو الحق فى الصحه و العلاج اللائق.
مما سبق يمكنك الأستنتاج أننا لن ننتصر بمفردنا على النظام و لكن سننتصر إذا ما حشدنا كل هؤلاء البسطاء للدفاع عن حقهم فى الحياه و العلاج الى جانب حقنا فى الحياه الكريمه.سننتصر إذا ما تحملنا بصبر إهانتهم و شتائمهم و إعتدائتهم علينا , سننتصر إذا ما ذهبنا جميعاً الى مستشفياتنا و وحداتنا الصحيه و تواصلنا بدون تعالى معهم , سننتصر إذا ما فضحنا أكذوبه العلاج المجانى و الخدمات المتهالكه وكشفنا التمثيليه الرخيصه التى تمثل عليهم , سننتصر إذا ما مددنا أيدينا إليهم و توحدنا معهم ضد هذه الوزاره الفاسده و النظام الذى لا يهتم بأمراضهم و الالامهم , سننتصر عندما يصبح الطبيب المصرى المثقف و المتعلم و الواعى يد واحده مع المريض الجاهل و الأمى البسيط.
هؤلاء الجهله و الفقراء و المرضى هم أهلنا , هؤلاء هم اهل مصر و هذا هو قدرنا أن يحملنا الله مسئوليه أرواح و صحه هؤلاء جميعاً. معركتنا هى معركه كل من لا يملك العلاج سوى فى مستشفيات عامه تحولت الى خرابات , معركتنا الأن ضد بقايا النظام و ليست ضد أهلنا , ومن واجه الصاص الحى و الأسلحه البيضاء لن يخشى الجزاءات و التهديدات الأداريه , فمصير صحه و حياه شعب بين أيدينا.
هذا هو قدرنا و هذه هى رسالتنا.
أطباء مصر لقد كتب الله لكم أن تكونوا صوت من لا صوت له وعقل من لا يفكر بعمق و يد من أعجزه المرض عن رفع يده , فعسى أن نكون على قدر المسئوليه.
لا تنازل و لا تهاون عن كل مطالبنا بلا أستثناء – مع سياسه النفس الطويل – مع تحمل الأهانه و الصبر على أهالينا حتى يفهمونا – مع أداء دورنا الأنسانى و الطبى و عدم الإضرار بالمرضى – مع الإضراب الجزئى المفتوح.
و عن نفسى مع اللجنه العليا للإضراب.
موعدنا 17 مايو
محمد شفيق – عضو اللجنه العليا للإضراب