إضراب عمال مصنع «سانتامورا» بين طمع رجال الأعمال وفساد الحكومات

دخل إضراب عمال مصنع سانتامورا بالعاشر من رمضان يومه الخامس عشر على التوالي، هذا المصنع الذي يعمل به قرابة 1300 عامل، ويقوم بتصنيع البطاطين، والمفارش والألحفة، وتتركز مبيعاته في السوق المحلية.
وصل عدد المضربين لأكثر من 80% من العمالة، وبمجرد سرد أسباب الإضراب يظهر الواقع الأليم الذي يعيشه العمال في هذا الوطن:
أول مطالب العمال، هي زيادة المرتبات، فعدد سنوات عمل العمال بالمصنع تترواح من 11 – 22 سنة، ويصل أعلى مرتب لهم لـ 1500 جنيه لمن قضى 22 سنة في المصنع، وأقل مرتب 700 جنيه لمن قضى 11 سنة.
السبب الآخر للإضراب هو الاعتراض على الفصل التعسفي لبعض زملائهم بعد اعتراضهم على المعاملة غير اللائقة التي يتعرض لها العمال من قِبَل الإدارة، وبالأخص من مدير أمن المصنع.
كما تبين للعمال عند حصولهم على الرقم التأميني الخاص بكل منهم للمطالبة بمكافأة نهاية الخدمة، أنه كان يتم إنهاء تعاقدهم ثم إعادة تعيينهم بدون علمهم على الإطلاق، وبالتالي فإن المكافأة تُحسب من آخر فترة تعيين، وحدث هذا لأن العمال قاموا بالتوقيع على العديد من الأوراق عند تعينهم، ولم يتاح لهم قراءتها ومراجعتها بشكل كامل، وتضمنت هذه الأوراق أوراق بيضاء يتم وضع استقالات فيها.
وما زاد الوضع تعقيدا هو قيام صاحب المصنع باعتبار كل قسم داخل المصنع كمصنع باسم وهيئة قانونية مستقلة منفصلة، فهذا النوع من المصانع يوجد به أقسام: كرد وغزل ونسيج وتسدية وطباعة وتجهيز وحياكة، ومن الممكن أن يكون كل قسم من الأقسام السابقة مصنعا منفصلا، ووجودها داخل أسوار مكان واحد فإنه من الناحية الهندسية طريقة مثلى للإنتاج عالي الجودة والأقل هدرا، وقيام صاحب المصنع باعتبار كل قسم مصنع منفصل ومستقل هو بغرض الحصول على إعفاءات ضريبية ودعم من مركز تحديث الصناعة والوزارة لكل مصنع على حدا، وهذا بالطبع ممنوع قانونا لأن كل كيان له نسبة محددة من الإعفاءات والدعم.
أيضا تم استغلال هذه “المصانع” المتعددة في إهدار حقوق العمال، فعند إنهاء التعاقد الأول، يتم إعادة التعيين في قسم مختلف، ويصبح العامل أمام القانون في مصنع وهيئة قانونية جديدة.
ويؤكد العمال أن كل هذا كان يتم دون أن يلاحظ أو يتدخل مكتب العمل، وهو ما فسره – حسبما يروي العمال – رد مدير شئون العاملين عليهم عند تهديدهم له بإبلاغ مكتب العمل: “أنا أشتري أي هيئة حكومية ببطانيتين”!
ويفسر العمال الفصل التعسفي، والذي طال عددا كبيرا منهم، لتقليل العمالة وتقليل إنتاج المصنع، بأنه يتردد وبقوة أن المالك يقوم باستيراد منتجات من الصين، وبيعها في محلاته على أنها تصنيع مصري من إنتاجه، وبالتالي فإن العائد التجاري المرتفع أدى إلى رغبته في خفض قوة عمل المصنع، وربما إغلاقه تماما والاكتفاء بالاستيراد والتشغيل الخارجي في مصانع هنا وهناك.
كما يطالب العمال كذلك بالرعاية الصحية اللائقة، فعلى أساس قوانين التأمين الصحي، فإن المالك يدفع ثلثي التأمين ويدفع العامل الثلث، ولكن مع مرتبات ضئيلة وصناعة تؤثر صحيا بقوة على الصدر (حيث لا يوجد أية شفاطات من أى نوع داخل المصنع لشفط الوبرة)، وعلى الظَهر لنقل الإنتاج من مكان لآخر (يعاني الكثير من العمال من مشاكل صحية بالظَهر)، فإن العلاج أو العمليات الجراحية التي قد يحتاجها العامل لا يمكن توفيرها من خلال التأمين الصحي، والمالك لا يتعاون بأي شكل في هذا الموضوع، بل إنه في حالة وفاة أحد العمال، فإن زملاءه هم الذين يقومون بدفع 20 جنيه من مرتباتهم لتوفير مبلغ ما لأسرة المتوفي، والمثير للسخرية، كما يقول العمال، أن الشيك يخرج باسم الشركة رغم أن الشركة لم تدفع أي شيء، ودور الإدارة يتمثل في خصم المبلغ من العمال فقط.
وفي نفس السياق، فإن بدل الوجبة للعامل يصل إلى 25 جنيه في الشهر، ولا يتم صرف أي لبن رغم أنه من الضروريات في مصانع الوبرة.
ولا تتوقف معاناة العمال عند هذا الحد، فأجازات نهاية الأسبوع يتم خصمها من رصيد الأجازات، والأرباح لم يتم صرفها منذ عام 1992، والسُلف يتم رفضها مهما كانت الظروف، كما يتم نقل العمال من قسم إلى آخر بغرض الإهانة و”التطفيش”، وقيم التأمين تنخفض من فترة لأخرى بسبب إعادة التعيين بمرتب أقل من السابق.
بينما يراهن صاحب المصنع على الوقت في كسب هذه المعركة، وخاصة أن الغالبية العظمى من العمال من الأقباط، ويترقب فضهم للاعتصام مع اقتراب العيد، مازال العمال في مصنع سانتامورا مصرين على الاستمرار في إضرابهم، والنضال من أجل انتزاع حقوقهم المهدرة.