بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

فلاحو دكرنس.. مواجهة جديدة

يشهد الخامس من مارس الجاري مواجهة جديدة بين الإقطاع وفقراء الفلاحين. المواجهة هذه المرة على أرض عزبة مرشاق بدكرنس، حيث سيتم انتزاع أراضي عشرة فلاحين جدد، على الرغم من تسديدهم لثمنها على مدار أربعين عاما كاملة.

هذه ليست المرة الأولى التى يتعرض فيها فلاحى عزبة مرشاق للاستيلاء على أراضيهم، فلقد شهد يوم الأحد الموافق 21 مايو 2006 مواجهة دامية بين قوات الأمن المركزى وبين الفلاحين الذين استيقظوا ليجدوا أنفسهم فى مواجهة ما يربو على ألف جندى مدججين بالشوم والبنادق وقاذفات القنابل المسيلة للدموع بالإضافه إلى عشرة عربات مصفحة. حاول محامى ورثة الإقطاعي البدراوى عاشور أن يساوم الفلاحين على أرضيهم، لكنهم رفضوا واستبسلوا للدفاع عنها. إلا أن وحشية الأمن والقنابل المسيلة للدموع والعربات المصفحة استطاعت أن تفرقهم وأن تعتدى عليهم بوحشية. ليس هذا وفقط، بل قام الأمن بالاعتداء على عدد من الصحفيين والنشطاء، وبعد معركة عنيفة دامت قرابة الساعتين ألقت الشرطة القبض على 22 فلاح بالإضافة إلى الصحفيين.

احتجز الصحفيين، وبينهم أجانب، لمدة ثلاثة ساعات اتلفت فيها الصور والتقارير التى كانت بحوزتهم. أما الفلاحين والنشطاء فقد تعرضوا للتعذيب، ووجهت الشرطة لهم تهمة مقاومة السلطات وتكدير الأمن العام. بناء على ذلك أمرت النيابة بحبسهم أربعة أيام على ذمة التحقيق، إلا أن قاضي التحقيقات أفرج عنهم فى اليوم التالي.

إن العنف الذى تعرض له الفلاحين والصحفيين الذين حاولوا تغطية الحدث يثير الدهشة. فهناك مئات الآلاف من الأحكام التى لا تنفذ، وإن نفذت فلا تستخدم فيها مثل هذه التجريدات العسكرية. ولكن الدهشة قد تتبدد إذا علمنا أن أحد ورثة البدراوي عاشور قام بتوزيع الأوراق المالية فئة العشرة جنيهات على جنود الأمن المركزي بعد التنفيذ بساعات وصافحهم بحرارة، وبالطبع فمكافأة كبار الضباط لا يمكن أن تقارن بمكافأة “العسكري الغلبان”.

لم تقتصر المحاباة أو بالأحرى التواطؤ على الشرطة، بل شمل أيضاً الإصلاح الزراعي الذى تنصل من مسئولياته ورفض تسليم عقود البيع للفلاحين عام 2004 بعد تمام سداد كامل ثمن الأرض والذى بدأ منذ عام 1964. كما تعمد عدد كبير من موظفي الإصلاح الزراعي حجب أوراق هامه عن الفلاحين، ولم يلعبوا أى دور على الإطلاق فى مواجهة ورثة البدراوى قضائيا. حتى أن الإصلاح لم يستأنف الحكم الصادر ضده، وبالتالي سهل الأمر على ورثة البدراوى فى رفع قضايا فى مواجهة الفلاحين العزل من كافة الأوراق التى تثبت حقوقهم فى الارض.

من المثير للدهشة أكثر هو حصول الفلاحين على مستندات جديدة تنسف الحكم الصادر لصالح عائلة البدرواى من أساسه، لكن للأسف خرجت هذه المستندات من دهاليز الإصلاح الزراعي، بعد صدور أحكام ضد الفلاحين الذين لا يجدون الوقت الكافي للدفاع عن حقوقهم خاصة والتنفيذ سيتم فى غضون أيام .

الموقف الحالي فى عزبة مرشاق هو عشرات الفلاحين الفقراء فى مواجهة جحافل الشرطة والأمن المركزي والتزوير والتدليس.

يوضح هذا الموقف، إذا ما وضع فى إطاره العام، الخيار الذى يتبناه النظام من دعم للإقطاع الجديد وانتزاع لمكتسبات الفلاحين المعدمين، وإعادة تشكيل خريطة الملكية الزراعية فى مصر من جديد. هذه السياسة تحتم على كل القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني أن تنتبه جيدا إلى هذه المعركة وأن تستجيب لها بشكل حقيقي وبسرعة فائقة. فهى ليست معركة بين عائلة البدراوي وفلاحي دكرنس، بل معركة بين الإقطاع الجديد وفلاحي مصر الفقراء لانتزاع حقهم فى الحياة .