هتفوا أمام مجلس الوزراء «يا نظيف قول الحق.. إحنا فقرا ولا لأ»
فعلها الإداريون الأجراء لدى وزارة التربية والتعليم وانتفضوا لأول مرة ونفذوا اعتصاما دام ليوم واحد أمام مجلس الوزراء تزامنا مع إضراب جزئي مستمر عن العمل في بعض المحافظات، عمره أسبوعان. الإداريون يطالبون بصرف حافز الـ50 % إثابة و50 % من الراتب الأساسي كبدل يعادل بدل المعلمين والأخصائيين الاجتماعيين.
هؤلاء الإداريون أجورهم متدنية ومستوى معيشتهم لا يختلف أبدا عن مستوى معيشة معظم العمال المستغلين فى المناطق الصناعية، بل قد يكون أسوأ، وهو مستوى حياة لا إنساني سوف يزداد سوءا فى السنوات المقبلة مع اصرار الطبقة الحاكمة على المضي قدما فى سياسات الإفقار، فالمؤكد هو انهيار القيمة الحقيقية لأجورهم مع توسع الليبرالية الجديدة فى سياسات التحرير الإقتصادي والغاء الدعم عن الفقراء والارتفاع الهائل فى أسعار السلع الأساسية. وهو ما عمق من أزمة ما يعادل 526 ألف إداري في المدارس والإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية، تحولوا بالفعل إلى ضحايا لهجمات النظام الحاكم، رافضين أن يكون تحسين أحوالهم عن طريق تلقي الرشاوي وفتح الأدراج، رغم أنهم شريحة واسعة تتحمل أعباء العملية التعليمية وتأمينها وتسييرها، وتحمل على أكتافها مسئولية توفير وسائل الراحة للمعلمين والطلاب مقابل ملاليم، حيث لا يتعدى راتب أقدم إدارى 300 جنيه شهريا، وهو مبلغ يبقي الإداري على قيد الحياة الكريمة ليومين فى الشهر. هذا كله فى مقابل مرتبات وحوافز خرافية يحصل عليها وكلاء وزارة التعليم وكبار المسئولين فى الوزارة، تصل لكل واحد منهم إلى عشرات الآلاف من الجنيهات شهريا من النسب المخصصة لهم من مجموعات التقوية والرسوم الدراسية، وهي رواتب تعادل تقريبا جملة الحوافز التي يمكن أن يحصل عليها الإداريون!!
المعتصمون الذى تجمعوا من محافظات السويس والدقهلية والجيزة، وكانت فى قلبهم وجوه من الإداريات اللائى طبع الفقر و الإرهاق على وجوههن النحيلة فى يوم المرأة العالمى، بتاع الست سوزان مبارك وهوانم الطبقة الحاكمة، رفعوا لافتات ورقية و قماشية تطالب بالمساواة مع المعلمين، هاتفين فى صوت واحد: “يانظيف قول الحق.. احنا فقرا ولا لأ“ و “ياوزير التعليم.. مش قادرين نجيب تموين“ و “يادى الذل ويادى العار.. سرقوا فلوسنا يادى العار“، و”الإضراب مشروع ضد القهر وضد الجوع“، قاموا بتعليق اعتصامهم الذى كان مقررا أن يستمر لأيام بع تقدمهم بمذكرة مطالب مكتوبة لمجلس الوزراء على أن يعاودوا الاعتصام بكثافة وتماسك كبيرين حال عدم استجابة المجلس لمطالبهم خلال الساعات القليلة المقبلة.
وقال القيادي فوزي عبد الفتاح رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الإداريين بالسويس لـ“الاشتراكي“: إن الإداريين يواجهون ظروفا اقتصادية واجتماعية صعبة للغاية، هم أفقر عناصر العملية التعليمية الذين يتحملون العبء الأكبر داخل المدارس والإدارات التعليمية، من غير المنطقي أن يتعايش الإداريون بـ250 جنيها، وهم يواجهون أعباء معيشية قاسية، فى الحقيقة نطالب بإقالة وزيري التربية والتعليم والمالية لتسببهما فى أزمة الإداريين، اعتصامنا علقناه لفترة من الوقت حتى نلتقط أنفاسنا، ونعاود الكرة. لكن إضرابنا عن العمل فى المحافظات مستمر حتى نحصل على كل مطالبنا، وحركتنا وليدة وفئوية تعبر عن مطالب فئة مقهورة فى وزارة التعليم، وهي قائمة على الجهود الذاتية للإداريين المخلصين لقضيتهم فى كل المحافظات شأنها شأن حركة موظفي الضرائب العقارية، التي قال فوزى إنها حركة يتعلم الإداريون من نجاحاتها ويمشون على خطاها لافتا الى أن الإداريين فى طريقهم لتشكيل روابط قوية فى المحافظات تكون بداية لتحركات أوسع وأكثر تنظيما على مطلب الأجر العادل “.
وقال عدد من عمال المدارس الذين شاركوا فى اعتصام مجلس الوزراء إنهم يحصلون على 200 جنيه مقابل أكثر من اثنتي عشر ساعة فى المدارس والإدارات، يتحملون فيها عبئا ثقيلا فى حماية المدارس من السرقات، وتأمين الحجرات الدراسية والفصول، مقابل مكافأة شفهية من مدير المدرسة أو الإدارة التعليمية هى: “ شغلكم جميل، الله ينور عليكم“! ، مؤكدين أنهم يتضامنون اليوم مع الإداريين لأنهم أصحاب حق مشروع، ويعانون نفس معاناتهم، مشيرين الى أن التحرك المقبل للمطالبة بأجر عادل سوف ينفذه العمال فى المدارس الذين يمثلون أفقر عنصر فى العملية التعليمية.
المواجهة بين الإداريين ووزارتي المالية والتعليم قد تحسم قريبا لصالح الإداريين بصرف حافز الإثابة، لكن هذا لا يعنى أن فرص تجدد المواجهة بينهما قد توقفت. فهي في الحقيقة بدأت خاصة أن الزيادة التي سيحققها حافز الإثابة لن تتعدي السبعين جنيها في أحسن الأحوال، مع العلم أن هذه الزيادة وأضعافها خمس مرات تلتهمها الزيادات المتوحشة فى الأسعار، والمقابل المدفوع للعلاج والمسكن والملبس والدروس الخصوصية. كل هذا يعني أنه حتى مع إقرار صرف الحافز، فإن لا شيء سيتغير بالنسبة للإداري، لا ظروف العمل الصعبة ولا مستوى المعيشة المتدهور الذى تعانيه هذه الفئة المظلومة. بالطبع يخلق هذا مناخا منطقيا وخصبا لتحركات مطلبية جديدة للإداريين، ويؤكد ضرورة توحيد الصف وتقوية الروابط بين العناصر الفاعلة والمخلصة لحركة الإداريين فى كل محافظة بحيث تتشكل رابطة قوية فى محافظة أو محافظتين على الأقل، تحقق مكاسب وتكون لديها قدرة ما على الحشد والتنسيق بين إداريي هذه المحافظة أو غيرها وذلك على مطلب محدد، بحيث تكون نواة، ونموذج مرشد لتشكيل روابط أخرى يمكن أن تتشكل فى محافظات أخرى، وترفع مطلب واحد هو الحد الأدنى للأجر العادل.