بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال وفلاحين

خبرات من المعركة الانتخابية:

1 ـ منهج القادة العماليين في المعارك البرلمانية

حينما تقترب انتخابات مجلس الشعب فإن بعض القادة العماليين يحرصون على التنافس في الحضور الدائم لسراداقات العزاء والسير على رؤوس مواكب الجنازات لأهل الدائرة. البعض منهم يحرص أيضًا على أن يحظى بشرف أن يكون مرشحًا لحزب الحكومة (الحزب الوطني)، أو أحد أحزاب المعارضة، أو يحرص على الارتباط بأحد المنظمات غير الحكومية القائمة على التمويل الأجنبي وذلك لتأمين الدعم المالي لمعركته الانتخابية وغالبيتهم ترى أن كرسي البرلمان هو الطريق لتحرير الطبقة العاملة وأن خسارة الكرسي سوف تكون بمثابة “الكارثة الكبرى”، لذا فإنها تحرص على تكتيك انتخابي وسياسي هادئ ومهادن في المعركة لضمان سلامة الوصول إلى الكرسي تكتيك يركز على عقد التحالفات وإقامة التربيطات الانتخابية – العائلية والقبلية إن أمكن.

وبالطبع يحرص كثير من القادة العماليين الذين يصلون بالفعل لكرسي المجلس أو الذين يحرزون نتائج تصويتية تقترب من حافة النجاح على توسيع نطاق العمل الخدمي بدوائرهم حرصًا على الفوز بكرسي المجلس في المرة القادمة.

لسنا معنيين في هذا المقال بمناقشة الانتخابات في دائرة عمالية بعينها أو التعرض بالنقد لقائد عمالي يعينه، بل نحاول تسليط الضوء على المنهج الثوري الذي ينبغي أن يتسلح به القادة العماليون في خوض المعارك البرلمانية، وعلى منهج الثوريين في خوض المعارك الجماهيرية عمومًا (وهو منهج يختلف بالطبع عن منهج البرجوازيين أو القادة الإصلاحيين).

الثوريون هم أولئك الذين يضعون قضية الثورة الاجتماعية وتنمية حركة الاحتجاج الجماهيري نصب أعينهم دائمًا… في كل موقف سياسي، في كل شكل للحركة، وفي كل مبادرة جماهيرية.

وبالطبع فإنه من وجهة نظرهم لا سراداقات العزاء. ولا السير على رؤوس المواكب الجنائزية، ولا الدعم المالي، ولا التربيط الانتخابي العائلي والقبلي، ولا العمل الخدمي… الخ تقود إلى طريق الثورة الاجتماعية، ولا تعد معابرًا حقيقية إلى طريق التحرر العمالي، ولا حتى يمكننا اعتبارها طريق لتنمية حركة الاحتجاج الجماهيري. ولذلك، فهي ليست المنهج الذي ينبغي أن يحتذيه القادة العماليون الثوريون.

وعلى سبيل المثال، فإن بعض القادة العماليين أو اليساريين الذين يفوزون بكرسي المجلس يرتكزون في عملهم على قاعدة واسعة من العمل الخدمي الذي يسمح لهم بالارتباط بجماهير الدائرة.. طريقهم طريق الإصلاح لا طريق الثورة. يرتكز عملهم البرلماني على “كتلة جماهيرية” تلتف حولهم من أجل أعمال خدمية هنا أو هناك. كتلة جماهيرية خاملة تلتف حول نائب طيب القلب يشاركها بالحضور في المآتم وبالسعي بجدية للحصول على تأثيره من المحافظين والوزراء على طلبات هذه الجماهير البائسة.

إن هؤلاء النواب يبذلون جهودًا مضنية وشاقة في سبيل الاحتفاظ بجماهيريتهم وبكرسي البرلمان، لكنهم لا يبذلون أدنى مجهود في دفع حركة الجماهير إلى الأمام. لذلك لم نشاهد أو نسمع أن نائبًا من هؤلاء النواب “العماليين” و”اليساريين” قد صاغ مع جماهير دائرته العمالية تشرع قانون يهدف إلى تحرير النقابات العمالية من السيطرة والوصاية الحكومية عليها ويدعو إلى استقلالية الحركة العمالية، أو مشروع قانون يتيح حق الإضراب العمالي، أو مشروع قانون يهدف إلى سلم متحرك للأجور مع الأسعار ولم نسمع أن واحدًا من هؤلاء النواب قد خاض بقانون من هذا النوع معركة داخل المجلس وخارجه مع جماهير العمال واستخدام حصانته البرلمانية في عقد مؤتمرات عمالية جماهيرية، وفي الإعداد لحملة دعائية واسعة وسط صفوف العمال من أجل تمرير مشروع هذا القانون العمالي. لم نسمع عن ذلك أبدًا… لأن هؤلاء النواب “اليساريين” كفوا عن أن يكونوا يساريين. فالحفاظ على كريس المجلس أهم لديهم كثير من تنمية الاحتجاجات الجماهيرية.

هم يرون أن القضاء على بؤس الجماهير طريقة تأشيره المحافظ أو الوزير وليس الثورة الاجتماعية. حتى في مجال التحريض داخل المجلس لم يفعل هؤلاء النواب أي شيء. فلم نسمع لهم صوتًا تحت قبة البرلمان حينما تحركت جماهير عمال الحديد والصلب عام 1989، أو حينما ذبح عمال وأهالي كفر الدوار في عام 1994.

لماذا كان التحريض منعدمًا؟ الإجابة ببساطة:
أن هؤلاء النواب هدفهم تلطيف البؤس لا القضاء عليه. هدفهم الإصلاح لا الثورة. إن النائب العمالي الثوري هو النائب الذي يرتكز أثناء معركته الانتخابية وبعدها على كتلة جماهيرية عمالية تضع مطالب وأوضاع الحركة العمالية نصب أعينها، كتلة عمالية تسعى مع نائبها لانتزاع المطالب وتنمية حركة الاحتجاج العمالية واندفاع عنها.

النائب العمالي الثوري هو الذي يسعى إلى جمهرة الحركة العمالية لا إلى فضها أو الصمت عند احتجاجها. هو الذي يطرح سياسة عمالية ثورية واضحة داخل المجلس وخارجه. هو الذي يكون حريصًا على مخاطبة جماهير دائرته دائمًا بالبيانات والمؤتمرات الجماهيرية، وليس كما نرى دائمًا، حريصًا فقط على فتح مقر له لتلقي الشكاوي وللحصول على التأشيرات هو الذي يرتكز على حركة عمالية تشق طريقها نحو تحرير نقاباتها من يد السلطان ويساعد تلك الحركة بشكل دائم على انتزاع أدوات نضالها العمالي. باختصار، نائب وكتلة جماهيرية لا يعنيهم كرسي المجلس بقدر ما يعنيهم جمهرة الحركة العمالية، ويعنيهم القضاء على البؤس والاستغلال الواقعين على العمال في حين لا يعنيهم بؤس الكراسي البرلمانية.

ولا يعني ذلك بالنسبة لهذا النائب أو بالنسبة لتلك الكتلة الجماهيرية المتحركة معه أي تعالى أو عزوفًا عن العمل الخدمي داخل الدائرة العمالية، وإنما يعنى وضع العمل الخدمي في موضعه الدقيق والصحيح بالنسبة للعمل العمالي، أي أن يكون:

  • العمل الخدمي هو الثانوي في موضوع النضال العمالي.
  • الانخراط في العمل الخدمي فقط بالدرجة التي يساعد بها هذا النوع من العمل على جمهرة وتنظيم صفوف العمل.
  • الإدراك أن نائبًا بدون كتلة عمالية تسعى لجمهرة الحركة العمالية هو قزم يجلس على كرسي الإصلاح البرجوازي.

أما بالنسبة للقادة العماليين الذين يخوضون المعارك البرلمانية اعتمادًا على تمويل الأحزاب التي لا تستند على قواعد جماهيرية حقيقية أو على تمويل مؤسسات تتسول في شارع التمويل الأجنبي تحت اسم لمعاركهم السياسية هو الطريق الفعال لجمهرة الحركة العمالية.

وأخيرًا… فإنه أن نذهب لشراء البفتة والدمور استعدادًا للمعركة الانتخابية، وقبل أن نذهب لسرادقات العزاء، وقبل أن نبحث عن مصادر التمويل للمعركة الانتخابية ينبغي أن يسعى القادة العماليون إلى جمهرة الحركة العمالية، وأن يتسلح هؤلاء القادة بالمنهج الثوري لا الإصلاحي لخوض المعارك البرلمانية.