بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال وفلاحين

ندوة مركز الدراسات الاشتراكية:

كيف ينتصر إضراب الأطباء؟

في يوم الخميس 8 نوفمبر تقبل شباب الأطباء العزاء في الصحة المصرية بعد إضراب يمتد لشهره الثاني على التوالي ومازال مستمراً للمطالبة بتحسين أوضاع المستشفيات وزيادة ميزانية الصحة في مصر لتوفير خدمات صحية افضل للمواطنين وتحسين أوضاع الأطباء دون أي استجابة من الوزارة، مما يدفعنا إلى التساؤل عن أولويات الحكومة الحالية وأهمية صحة المواطن المصري في سياسات مرسي وحكومته.

ولأهمية إضراب الأطباء أولاً لمطالبه التي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة إلى المواطن المصري الفقير، وثانياً لأنه إضراب ضخم في قطاع استراتيجي حيوي تتعارض مطالبه بشكل رئيسي مع مصالح رجال الأعمال المسيطرين على قطاع الصحة نظم مركز الدراسات الاشتراكية ندوة بعنوان “كيف ينتصر إضراب الأطباء”.

افتتحت الندوة بكلمة من الدكتور “عمرو الشوري”عن بعض الإحصائيات عن الإضراب والظروف المحيطة به. فقد ذكر أن اعلى نسب للإضراب تحققت في محافظات القاهرة وسوهاج والدقهلية ومطروح والغربية والاسكندرية وذلك لاستقلال النقابات ووجود لجان تنسيق للإضراب وارتفاع مستوى الوعي الشعبي وتواجد للنشطاء وهو ما ظهر بوضوح في محافظتي الدقهلية والغربية فرغم عدم استقلال النقابة إلا أن تواجد النشطاء جعل الإضراب قويا.

أما الأقصر وأسوان والمنوفية والشرقية وأسيوط وبني سويف والمنيا فكان الإضراب أقل قوة لعدم نشاط القيادات المستقلة رغم تواجدها وصعوبة الاتصال بين اللجنة العليا وبين هذه المحافظات وصعوبة الاتصال بين قرى المحافظة. أما كلا من الجيزة والفيوم فوصلت نسبة المضربين الى حوإلى 40% وهي الأضعف بين المحافظات لسيطرة النقابة الإخوانية تماماً.

ثم تحدث “الشوري” عن تاريخ نضال الأطباء والذي بدأ في مارس 2008 حين عقدت جمعية عمومية من 4 إلى 5 آلاف طبيب ونظمت مسيرة لمجلس الشعب وتم إجهار الإضراب ولكن قبل الإضراب بأسبوع استطاع مجلس النقابة واللجان المحلية بقيادة حمدي السيد عضو الحزب الوطني إجهاض الإضراب.

وفي مايو 2011 اقرت الجمعية العمومية إضرابا مفتوحا يومي 10 و17 مايو إلا أننا لم نستطع إتمام الإضراب وتم عقد جمعية عمومية أخرى في 10 يونيو كانت من أغلبية إخوان واتخذت قرار بتعليق الإضراب وعدم عقد جمعية عمومية حتى الانتخابات في 10 2011.

وأخيراً عقدت جمعية عمومية في 21 سبتمبر 2012واتخذت قرار بالإضراب الجزئي ليرفع الإضراب ثلاث مطالب: زيادة ميزانية الصحة من 4% إلى 15% في فترة من 3 إلى 5 سنوات، إقرار مشروع الكادر ليشمل جميع العاملين في مجال الطب من الفنيين والتمريض والصيادلة والأطباء.تأمين المستشفيات عن طريق تأمين فعلي بقوات شرطة متخصصة وتغليظ عقوبة الاعتداء علي المستشفيات.

واستكمل”الشوري” كلمته بالحديث عن دور القوى المختلفة في مساندة ودعم الإضراب. فعن دور مجلس النقابةأشارالدكتور عمرو الشورى إلىهروبه قبل استكمال الجمعية العمومية ليستمر 1151 عضو وتم تشكيل لجنة لإدارة الإضراب بعد هربه والتي لم يعترف بها ولا بقرار الإضراب المتخذ ليعلن فيما بعد أن الإضراب اختيارياً. كما أصدر المجلس عده بيانات متخبطة وبالطبع لم يوافق على أي خطوات تصعيدية للإضراب. وعلى سبيل المماطلة شكل مجلس النقابة العامة لجنة لدراسة مشروع الكادر.

على النقيض كان دور اللجنة العليا للإضراب والتي ساندت الإضراب وحذرت من كسره وشكلت لجنة قانونية بمساعدة لجنة الحقوق في نقابة المحاميين لحماية الإضراب والأطباء المضربين وأصدرت بيانات يومية عن نسب الإضراب وبيانات مضادة لبيانات مجلس النقابة ولكنها عانت من عدم وجود لجان متخصصة لكل ملف.

أما عن دور الوزارة ومؤسسة الرئاسة فقد تفاوضت اللجنة العليا للإضراب مع مستشار الرئيس محمد جاد الله يوم 24 سبتمبرورد قبل الإضراب بيومين وقال أن كل المطالب تحت الدراسة وحتى الآن لم يرد علينا. كما أصدرت الوزارة بيانات خاطئة عن نسب الإضراب ففيما بلغت نسبة الإضراب في اول يوم الى 80% أصدروا بياناً بأن الإضراب وصل إلى 3,5% فقط. كما أعلنت الوزارة وفاة بعض المرضي والادعاء أن سبب الوفاة هو الإضراب بالرغم من أن الإضراب لم يكن قد بدأ بعد.

وعن دور الإعلام المحلي الحكومي، ففي البداية كان ينقل وجهة النظر الحكومية فقطعن ضعف الإضراب إلا أنه فيما بعد استضاف بعض أعضاء اللجنة العامة للإضراب مع استمرار النشرات في نقل فقط نسب الإضراب التي تعلنها الوزارة. بينما تنقل نسبة قليلة جداً من الإعلام الخاص وجهة نظر الحكومة فقط ولكن الأغلبية تنقل وجهتي النظر مع التركيز على وجهة نظر اللجنة العليا للإضراب.

فيما أكد الدكتور “طاهر مختار” على أن الإضراب جزئي لا يشمل الطوارئ وأنه يتم معالجة المرضي بالمجان وبذلك فهو لا يضر المرضى بل يهدف الى تكبيد الوزارة خسائر للضغط لتحقيق المطالب وهو ما يتم الفعل، فاليوم الواحد يكلف الوزارة 25 مليون جنية خسائر وبالرغم من ذلك نجد تجاهلا تأما للمطالب.

كما أشار “طاهر مختار”إلى أن ميزانية الصحة الآن تصل إلى 27 مليار جنية يصل نصيب ديوان الوزارة من هذه الميزانية 8,4 مليار جنية أي ثلث الميزانية بالرغم من أنه لايقدم أية خدمات صحية كما أشار إلى أن ميزانية الأجور تصل إلى 13 مليار جنية وفي حال تقسيمهم على جميع العاملين في مجال الصحة ويبلغ عددهم 413 ألف عامل سيصل نصيب الفرد منهم إلى 2500 جنيهاً، وهو ما يثبت أن الوزارة تمتلك الموارد لتحقيق مشروع الكادر إلا أنها ترفض تطبيقة لتعارض المصالح.

ووجهه “طاهر مختار” سؤالاً إلى الوزير، “ما الذي يضيرك منزيادة ميزانية الوزارة لتحسين خدماتها وتوفير رعاية طبية حقيقية للمواطنين؟ أم لأنك شريكا في دار الفؤاد ومراكز الاشعة فتجد استثماراتك اهم من صحة المواطن المصري؟ ولماذا تدافع عن مصالح مستشاريك في أجور غير العادلة؟”.

وفي ختام كلمته أكد “طاهر مختار” على أهمية التضامن الشعبي مع الإضراب وتضامن كافة الأحزاب – وهو ما يحدث بالفعل باستثناء حزب الحرية والعدالة – لدعم الإضراب وتحقيق مطالبه كاملة والوقوف ضد محاولة تمرير مشروع التامين الصحي الاجتماعي الشامل وهو مشروع كارثي يحاولون تمريره في الخفاء.

وشدد الدكتور “خالد عبد الرحمن” عضو حركة الاشتراكيين الثوريين على أهمية وجود كيان منظم يستطيع قيادة الحركة الاحتجاجية في مصر وعلى دور الإضراب في توضيح التباين بين قواعد الإخوان وقيادتهم. فالإخوان جزء من مجتمع الأطباء والإضراب يطالب بمطالب يعاني منها جزء كبير من قواعد الإخوان وشبابهم ولذلك فنجد بعض شبابهم يدعمونه بينما كلما ارتقينا في السلم الاجتماعي نجد تعارضاً في المصالح بين مصالحهم الشخصية ومطالب الإضراب؛ فنجد مدير مركز التحاليل الإخواني يحاول كسر إضراب المستشفى التي أمامه.

واختتم “خالد عبد الرحمن” كلمته في الإشارة إلى تأثير نوع المطلب على حجم الدعم المطلوب، فمثلاً مطلب تأمين المستشفيات مطلب إداري يمكن تحقيقه بالضغط من الأطباء بداخل المستشفى الواحدة لذلك نجد بالفعل تخصيص بعض قوات الشرطة لتأمين المستشفيات في حوال 10 مستشفيات. وإقرار مشروع الكادر فيحتاج ضغط من جميع الأطباء وإضرابهم في جميع المستشفيات لتحقيقه، أما زيادة موازنة الصحة فهو مطلب يحتاج ضغط شعبي واسع من المجتمع ككل لتنفيذه.

وتحدث “هيثم محمدين” عن مدى “شرعية” الإضراب قائلا أن الإضراب هو حق تم انتزاعه بنضال طويل وأن هناك اتجاه قوي في وزارة القوى العاملة وحزب الحرية والعدالة ورئاسة الجمهورية لحظرالإضراب ليتضمن الدستور هذا الحظر بدلا من القانون حتى يكون نهائيا وهي معركة يخوضها الآن كلا من النقابات المستقلة والعمال للوقوف ضد دستور معاد لحقوق العمال. كما أناستمرار العمال في إضرابهم والاصرار على تحقيق مطالبهم هو مواجهة مباشرة لرفض هذا الحظر والدفاع عن حقهم في الإضراب.

وأكد “هيثم محمدين” على استمرار سياسات النظام القديم في التعامل مع الإضراب بالتهديد ونقل تعسفي وحملة تحريض ضد الأطباء المديرين كما اقترح “هيثم محمدين” أن تصدر هيئة الإضراب ورقة بعنوان “يوميات طبيب مضرب” عن كيفية التعامل مع المرضى وتقديم جميع الخدمات الطبية مجاناً للمرضى لكسب تعاطف الجماهير وفي نفس الوقت الاستمرار في الضغط علي الحكومة.

أما عن القوى السياسية والأحزاب، فقد أشار “هيثم محمدين” إلى أن مجهوداتهم ضعيفة للغاية متجاهلة أهمية الإضراب والتي إن فشلت في تحقيق أهدافها ستصيب العمال والأطباء بحالة من الإحباط مما يسهل علي الحكومة الانقضاض على الحقوق التي انتزعها العمال نتيجة لنضال طويل مثل حق الإضراب، كما سيترك للحكومة فرصة لتطبيق سياسات تقشفية مثل تقليل الأجور والخصم منها. بينما إذا استطاع الإضراب تحقيق مطالبه فسيعطي ذلك دفعة للنضال الاجتماعي نحو العدالة الاجتماعية، ولذلك فعلى القوى الثورية بذل مجهود أكبر لدعم الإضراب مثل السلاسل الشعبية في المناطق الشعبية، وليس فقط أمام المستشفيات، وتوزيع منشورات تشرح أسباب وأهداف الإضراب.