الإضراب هو سلاحنا ضد السلطة اللي بتدبحنا
على خلفية الزخم الثوري الكبير الذي تبدّى منذ 25 يناير 2012 ونزول الملايين إلى الشوارع وميادين التحرير لإعلان أن الثورة مستمرة وأن النضال مستمر لاستكمالها، وما أحدثه هذا الزخم من شعور وسط الجماهير بقوتها، وعلى ضوء تشبث المجلس العسكري بالإبقاء على النظام القديم بلا أدنى تغيير للأفضل، وإن كان هناك تغييرات للأسوأ، ثم المذبحة الدامية التي ارتكبها النظام ضد جمهور الألتراس من شباب الثورة والتي فجعت القلوب وفجرت الغضب.
ارتفعت في الأيام الماضية دعوات للإضراب العام والعصيان المدني بين عدد من النشطاء وبين الطلاب، وتلقفت الطبقة العاملة هذه الدعوة ويبدو أنها تسري في صفوف العمال كالنار في الهشيم.
11 فبراير بداية لإضراب عام يرفع المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للثورة.
فهذه الدعوة تأتي والطبقة العاملة بالفعل تبدأ موجة جديدة من النضالات، ففي الأيام القليلة الماضية على سبيل المثال لا الحصر، توقفت حركة القطارات في وجه بحري بسبب لمواصلة الصيانة والبرادين التابعين لقطاع المسافات القصيرة بورش طنطا في اعتصامهم على القضبان مطالبين بمساواتهم بزملائهم التابعين لقطاع المسافات الطويلة في الحوافز.
ومن جهة أخرى نظم عمال وموظفو وسائقو محطة قطارات المنصورة اعتصاما، حيث رفضوا خروج القطارات من محطة المنصورة صباح الثلاثاء، احتجاجا على عدم استجابة المسئولين بالسكة الحديد إلى مطالبهم.
وفي الوقت الحالي دخل عمال مصنع السماد العضوي بسندوب، الدقهلية، في إضراب. كما أعلنت النقابة المستقلة للعاملين بميناء العين السخنة الإضراب يوم الأربعاء 9 فبراير إن لم تستجب الإدارة لمطالبهم.
وأمام مجلس الشعب تظاهر العشرات من أصحاب العقود المؤقتة العاملين بمراكز المعلومات والتنمية المحلية، مطالبين نواب البرلمان بالتدخل لتثبيتهم بعد رفض الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بالموافقة على التعيين.
كما يعتصم عدد كبير من عمال شركة “بتروجت” أمام المجلس احتجاجاً على فصلهم من العمل. وكذلك اعتصم أكثر من ألفي عامل بالشركة المصرية لنقل وتوصيل الغاز “بوتاجاسكو” يوم الثلاثاء أمام المجلس بعد تجاهل وزارة البترول لمطالبهم بعد اعتصام استمر أكثر من 10 أيام أمام الوزارة.
ومن الجدير بالذكر أن هناك قطاعات عمالية كانت قد أعلنت إضراباً عن العمل سيتزامن مع الدعوة للإضراب العام، مثل مفتشي التموين الذين قرروا الإضراب يوم 12 فبراير.
ومن جانب آخر هناك موظفو النيابات والمحاكم الذين كانوا قد قرروا الإضراب يوم 28 فبراير، وهم يقومون الآن بتدارس تغيير تاريخ الإضراب ليتزامن مع الإضراب العام المدعو إليه.
وهكذا توالت في الأيام القليلة الماضية إعلان قطاعات هامة من الطبقة العاملة ومن النقابات المستقلة عن انضمامها إلى الدعوة للإضراب العام.
فنجد الاتحاد الإقليمي المستقل لعمال العاشر ونقابات جنوب الصعيد يعلنون انضمامهم إلى العصيان المدني للمطالبة بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة فضلا عن محاكمة الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك ومعاونيه وكل من تسبب في إراقة دماء الشهداء.
وقال اتحاد عمال العاشر في بيانه إنه “يدعو كل شركات ومصانع العاشر من رمضان إلى المشاركة في الإضراب العام مطالبين برحيل العسكر وتسليم السلطة إلى مجلس رئاسي مدني ومحاكمة رموز النظام السابق محاكمات ثورية بعيدا عن عبث المحكمات الجارية ..
ومحاسبة كافة المسئولين عن إراقة دماء أبنائنا على مدار العام الماضي ..
وإعلان برنامج وسياسات حكومية واضحة تجاه عمال مصر الذين هم بناة هذا الوطن الحقيقيون.”
كما أعلن رئيس الاتحاد المصري لعمال النقل، محمود ريحان، أن الاتحاد سيشارك في الإضراب كخطوة للضغط من اجل تحقيق مطالب الثورة، ولكن لم يصل الاتحاد إلى تحديد حجم المشاركة والفعاليات التي سيقوم بها حيث تجرى عدة اجتماعات لدراسة هذا.
ودعا ريحان إلى عمل غرفة عمليات لإدارة الإضراب تكون على اتصال دائم بالأماكن المضربة والمشاركة في يوم 11 فبراير بحيث تستطيع التعرف على كل ما هو جديد وما يتعرض له العاملون المواقع المضربة من محاولات لمنعهم وربما تهديدهم المتوقع وتصعيده إعلاميا والاشتباك معه إذا لزم الأمر.
واقترح أن تضم تلك الغرفة إعلاميين وممثلين عن الحركات السياسية المختلفة ورموز وقيادات العمال.
كذلك أعلن مجمع شركات أبو رواش لصناعة الصلب انضمامه للدعوة إلى الإضراب، بالإضافة إلى جبهة “عمال في مواجهة تسلط أصحاب الأعمال” (تحت التأسيس) والتي تضم ما يقرب من 25 موقعاً عمالياً.
كذلك دعا مجلس نقابة المهن السينمائية كل أعضاء النقابة إلى العصيان المدني التام يومي 11 و12 فبراير.
وفي كفر الدوار أعلنت “الرابطة الثورية لعمال الغزل والنسيج” الانضمام إلى دعوة الإضراب العام، وذكر بيان لها: “نعلن التزامنا بالإضراب العام مع كل الشركات والجامعات دعماً لمطالب الثوار الشرفاء في الميادين.
وليكن 11 فبراير خطوة على تشكيل المجالس الثورية في كل شركة وجامعة ومحافظة ومدينة وقرية لتنجح ثورتنا الشعبية بعيداً عن الصفقات مع المجلس العسكري الذي قتل أبناءنا.”
وفي تطور هو الأهم دعا اتحاد النقابات المستقلة، والذي يضم في عضويته مليونين من العمال، إلى الإضراب العام في 11 فبراير.
وقال كمال أبو عيطة رئيس الاتحاد إنه تم تجاهل مطالب الثورة، وفيما يتعلق تحديدا بالعدالة الاجتماعية وتطبيق الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور، فضلا عن استمرار نزيف استغلال أصحاب الأعمال للعمال وفصلهم وتشريدهم دون احترام إرادتهم ولا كرامتهم أو حتى النظر إلى مستقبلهم المهدد بالضياع مشيراً إلى الموقف السلبي الذي انتهجته الحكومات المتعاقبة على السلطة عقب الثورة المصرية.
وفي حوار له على قناة “أون تي في” طرح أبو عيطة أن التحركات الجماهيرية الكبيرة هي في الواقع ضمان للسلمية فقال إنه في المليونيات عندما يأتي عدد كبير يكون في هذا حقن للدماء ويختفي البلطجية وتعود الثعابين إلى جحورها.
وقال إن عجلة الإنتاج ليس المضربين هم من يعطلونها، فما يعطلها هو هروب قوات الشرطة.
وقال عن مبررات الإضراب: ماذا تحقق من أهداف الثورة في سنة كاملة؟
مثلاً مطلب الحد الأدنى للأجور والمعاشات وخفض الحد الأقصى، ما تحقق منه مانشيتات في الجرايد.
مطلب الثوار بالمحاكمات، كم حكماً صدر في حق قتلة الثوار والشباب؟
ليس لنا في النقابات المستقلة مطلب فئوي، لنا مطالب عامة، هي مطالب الثورة: عيش حرية عدالة اجتماعية. هتافات الثوار التي هزت ميدان التحرير وهناك من ماتوا يقولونها.
وقال أبو عيطة إن هذه الثورة لم تطرق أبواب الفقراء، بالعكس عمال اليومية، العاملون في السياحة مثلاً اتخربت بيوتهم. “ما فيش حد فينا عايز يقعد في البرد، ولكننا مضطرون. هناك أمانة في رقابنا جميعاً هي دماء الشهداء الذين نادوا عيش حرية عدالة اجتماعية.”
ومن جانبها، أبدت فاطمة رمضان القيادية باتحاد النقابات المستقلة تخوفها من حدوث إحباط إذا لم يأتِ الإضراب العام شاملاً، فقالت إنه بالتأكيد ستحدث إضرابات في قطاعات عمالية سواء كان فيها نقابات مستقلة أو لا.
المهم أن الطلبة أو العمال يجب ألا يحبطوا إذا لم يكن الإضراب إضراباً عاماً شاملاً. جزء مهم من الطلبة سيقوم بالإضراب بالفعل، وهناك عدد من المواقع العمالية ستبدأ إضراباً ولا نعرف من سيقودون وراءهم.
وقالت إن مجلس إدارة الاتحاد انتخب من أسبوع واحد فقط، وعمر الاتحاد كله لا يتعدى 9 أو 10 أشهر.
والمجلس رأى أن هناك دعوة للإضراب سبقتنا، سواء من الطلاب أو بعض المواقع العمالية، وتوصلنا إلى أنه حتى ولو لم نكن مستعدين لا يمكن أن يعلن هذا وأن لا نكون معه.
فإما نكون مع حق الإضراب بشكل عام أو ضده، ولا يمكن أن نكون ضده. وقرار الدعوة إلى الإضراب العام أُخذ يوم الجمعة وتأكد رسمياً يوم الأحد.
وقالت إن الاتحاد عاكف الآن على تفعيل هذا القرار وتنظيم الإضراب من خلال عقد اجتماعات مع النقابات، وفي هذا السياق عُقد اجتماع لعشر نقابات يوم الثلاثاء لتنسيق المواقف.
وقالت القيادية العمالية إنه يجب على القوى السياسية أن تتوجه إلى العمال والموظفين وتتصل بهم وتحدثهم عن أهمية الإضراب العام وعن مطالبهم التي لم تتحقق ومطالب الثورة التي لم تتحقق، أي ربط السياسي بالاقتصادي.
يجب شرح أن الإضراب العام هو الوسيلة الوحيدة لاستكمال الثورة.
ومن جانبه شرح كمال الفيومي القيادي العمالي بالمحلة الكبرى أن هناك احتجاجات بالفعل في مدينة المحلة. ففي الجمعة الماضية خرج 10 آلاف شخص في المحلة احتجاجاً على مذبحة بورسعيد يطالبون بالقصاص ويرفعون مطالب الثورة. وقال إن هناك نسبة كبيرة من العمال مع الإضراب. وسنخرج كعمال وأهالي المحلة يوم 11 رافعين مطالبنا ونقول إن المجلس العسكري لم يحقق شيئاً، وإن الإخوان والعسكر عقدوا صفقة قذرة على حساب الشعب المصري. لقد أصبح الحال أسوأ من أيام مبارك، فأيام مبارك لم نشهد مذبحة كمذبحة بورسعيد.
وقال إنه من المتوقع أن يتم يوم الجمعة تكوين لجنة إضراب لتنظمه وتحافظ على سلميته. ومطالب الإضراب ستكون: تحقيق الحد الأدنى والأقصى للأجور، والقضاء على الفساد، وتشكيل حكومة ثورية للإنقاذ الوطني، وإجراء محاكمة جادة لمبارك ورجاله.