الإضراب العام خطوة للأمام لتحقيق مطالب الثورة
“إذا كان هناك من ينوي التظاهر في هذا اليوم فهذا حقه، غير أن ذلك ينبغي أن يكون بطريقة سلمية حضارية، وأن يتم استبعاد كل من يريد التخريب والهدم من صفوف الثوار المتظاهرين الوطنيين، فلا يمكن أن تجتمع الوطنية والتخريب في شخص واحد”.
هل يذكرنا هذا الوصف لمن يطالبوم بحقوقهم بما كان يردده النظام السابق (الذي يبدو ما زال قائما) .. لأ كان هذا بيان جماعة الإخوان المسلمين على دعوة الإضراب العام فى مصر يوم 11 فبراير القادم، للمطالبة:
- تسليم السلطة لحكم مدني.
- استقالة النائب العام واسقاط المجلس العسكري.
- محاكمة رموز النظام السابق.
- إحالة المدنيين المحاكمين عسكريا للقضاء المدني.
- إلغاء العمل بقانون الطوارئ بشكل كامل.
ياله من تخريب كما يرى التيار السياسى الرئيسى الذى أستفاد من الثورة التى كانت ترفع نفس المطالب ضد نظام مبارك، بل أن وسيلة اسقاط النظام كانت هى نفس “التخريب” من خلال التظاهر والأضراب، والأحتجاجات الجماهيرية.
لم يكن الإخوان وحيدين فى ذلك، فقد أتفق معهم فى الرأى “مفتي نظام مبارك” علي جمعة، الذى أعلن بشكل واضح “الإضراب العام حرام” وأنه “يجب الضرب بيد القانون لكل من تسول له نفسه إشاعة الفوضى والإفساد” وهى نفس الفتوى التى قدمها لنظام مبارك لعشرات السنين تبريرا للقمع والأستبداد.
اصطفت كل قوى الثورة المضادة مسخرة كل أجهزتها الإعلامية للهجوم على الإضراب ومطالب الثورة والمشاركين فيه، فالتليفزيون الرسمى ومعه قنوات “الثورة” لا ضيوف لها غير “دعاة الأستقرار” والاستقرار هنا يعنى بقاء الوضع على ما هو عليه، بل أن كل من خرجوا على الهواء من “المواطنين” كانوا “بالصدفة” ضد الأضراب العام.
لكن السؤال هو إذا كان كل “الشعب” كما قدمته الفضائيات، كما القوى السياسية البرلمانية، ضد الإضراب، فلماذا هم مفزوعون، يبدو أن الإضراب لا يحظى بأي تأييد كما وضحت لنا الخريطة السياسية، كما أعلن كل الشعب على الفضائيات، فلماذا الفزع والتحريم والترهيب؟.
من جانب أخر أعلنت قوى الشعب “المندسة” تأييدها للأضراب ومشاركتها فيه، فالطلاب ممثلين فى جامعاتهم أعلنوا المشاركة، كما أنضم للدعوة أتحاد النقابات المستقلة، بل أن الكثير من المدارس أعلنت تأجيل الدراسة بها والتى كان من المفترض استئنافها يوم 11 فبراير، للمشاركة فى الإضراب العام.
يستخدم الجميع نفس حجج نظام مبارك، فالأضراب يهدد الأستقرار، يذهب بالأستثمارات، يسقط الدولة، يهدد بإنهيار البورصة.. الخ.
لكن نفس الأبواق التى سخرت نفسها لمناهضة الاضراب، تتجاهل الأرقام التى تنشرها الحكومة حول زيادة الصادرات، فقد أعلن البنك المركزى أن الصادرات المصرية سجلت ارتفاعا بلغ نحو 10٪ لتصل إلي 6.76 مليار دولار خلال الربع الأول يوليو – سبتمبر من العام المالي 2011/2012 مقابل 6.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2011- 2012.
كما أعلن صندوق تنمية الصادرات أن الصادرات المصرية زادت بنسبة 18.5% خلال عام 2011 مقارنة بما كانت عليه فى 2010، كما أعلنت وزارة الصناعة والتجارة الخارجية ان الصادرات المصرية لشهر يناير 2012 بلغت 9.374 مليار جنيه بزيادة قدرها 7% عن نفس الشهر للعام الماضي والذي كانت قيمته 8.780 مليار جنيه.
فالاقتصاد المصرى يحقق أنتعاشاً بالأرقام حين تعلن الحكومة أنجازاتها، لكنه يعلن إفلاسه حينما يطالب العمال والفقراء بتحسين مستوى معيشتهم، وتطبيق الحد الأدنى للأجور، وتحسين الخدمات. الصادرات البتروليه تتزايد، وخط الغاز يجرى الأسراع فى اصلاحه كلما تعطل، لكن الشعب يتقاتل على أنابيب البوتاجاز ويعانى من أزمة فى البنزين والسولار.
فأى دولة هذه التى يسعون لاستقرارها، دولة رأس المال ورجال الأعمال، نفس دولة مبارك ونظامه، الذى كان يحقق نمواً فى ثروات الأغنياء ويزيد الفقراء فقراً.
والثورة التى قامت ضد هذا النظام لم يكن مطلبها أن تذهب للتصويت كل أربع أو خمس سنوات لاختيار ممثليها البرلمانيين فقط، بل شعارها “عيش.. حرية.. كرامة إنسانية” وإضراب 11 فبراير هو خطوة هائلة فى طريق تحقيق هذه المطالب .. ولهذا تفزع منه الطبقة الحاكمة، وترتعش خوفا مع ممثليها السياسيين الجدد من إخوان وسلفيين.