بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال وفلاحين

مع أول أيام العام الجديد..

الإضراب الرابع للأطباء منذ انطلاق ثورة يناير

اليوم هو أول أيام العام الجديد، وهو أيضا بداية إضراب آخر للأطباء، حيث نظم الأطباء 4 إضرابات على المستوى القومي منذ انطلاق ثورة 25 يناير، كان أولها في 10 و17 مايو 2011، وكان إضرابا جزئيا، لا يشمل العناية المركزة والطوارئ، وتم الدعوة له في جمعية عمومية حاشدة عُقدت في مارس 2011، ورسخت هذه الجمعية العمومية بداية تبلور مطالب الأطباء المحددة في نقاط واضحة، وضمنت لهم حق ممارسة الإضراب لأول مرة منذ عقود.

ربط هذا الإضراب بين مطالب الأطباء ومطالب المجتمع وحقوق المرضى، ورفع شعار زيادة ميزانية الصحة لـ 15% لضمان تحسين الرعاية الصحية، بجانب مطالب الأطباء في تحسين أوضاعهم المادية والمهنية.

جاء الإضراب الثاني في سبتمبر وأكتوبر 2011، وكان إضرابا كليا توقفت فيه العناية المركزة والطوارئ، واقتصر على بعض المستشفيات في 5 محافظات، أهمها الإسماعيلية والغربية والإسكندرية، وكان بدون قرار جمعية عمومية، وترتب عليه وفيات وخسائر بشرية، وكان بقيادة أحد شباب الأطباء  الانتهازيين الذي كان في ذلك الحين من رموز الحركة النقابية الطبية، بالإضافة لبعض النشطاء الآخرين الذين استغلوا حالة السخط لدى الأطباء، وكان فشل الإضراب ونبذه شعبيا ونقابيا هو الضربة القاضية لمستقبلهم النقابي، على الأقل حتى الآن.

الإضراب الثالث كان هو الأقوى والأطول في تاريخ الأطباء المصريين، وامتد من أكتوبر حتى ديسمبر 2012، في ملحمة استمرت 82 يوما بثبات وصمود يثيران الإعجاب، وقفت النقابة العامة بشكل صريح ضد الإضراب، وتعمد الإخوان محاولة كسره لكونه يتعارض مع مصالحهم السياسية (كان محمد مرسي في الحكم في ذلك الوقت)، وكان هذا الإضراب هو الكاشف الحقيقي لخيانة مجلس النقابة ذو الأغلبية الإخوانية أمام جموع الأطباء، كما كان أحد أكبر عوامل سقوطهم الذريع بعد ذلك في انتخابات النقابة في ديسمبر 2013.

اليوم يبدأ الإضراب الرابع في ظروف شديدة الالتباس والتعقيد؛ فالجمعية العمومية التي دعت لهذا الإضراب كانت مسيّسة إلى درجة كبيرة، ولم تصل إلى النصاب اللازم قانونا لانعقادها (1000 عضو)، وهو ما أجَّل انعقادها أسبوعا لتُعقد بالنصاب القانوني الأقل الذي لا يزيد عن 300 طبيب. كان الإضراب في هذه الجمعية مطلب للإخوان، بينما كانت الانتخابات هي مطلب أطباء بلا حقوق وقائمة الاستقلال، وخرج كلاهما بما سعى إليه، فحصلت “بلا حقوق” على الانتخابات وفرصتها في السيطرة على النقابة العامة في ظل الكراهية لمجلس النقابة الإخواني لخيانته الإضراب ولظروف الشحن السياسي الواسع ضد الإخوان بشكل عام، أما الإخوان فقد تمكنوا من الحصول على قرار الإضراب ليساعدهم في معركتهم السياسية ضد السيسي والانقلاب العسكري*.

 يزداد الأمر تعقيدا عندما نستمر في تحليل المشهد الحالي؛ فالمناضلون النقابيون السابقون في أطباء بلا حقوق هم من يتصدرون مجلس النقابة العامة الآن، وحلفاؤهم في قائمة الاستقلال يحتلون معظم مقاعد النقابات الفرعية، ومنى مينا رمز نضال الأطباء الأكثر شهرة تشغل منصب الأمين العام ومعها أغلبية مريحة في مجلس النقابة العامة، أما الإخوان فهم الآن على رأس المعارضين والمطالبين بالإضراب، ولكنهم يطالبون به من أرضية غير مهنية تسعى لتسخير مطالب الأطباء العادلة لحساب أجندتهم السياسية.

أما واقع الحركة الاحتجاجية للأطباء فهو في وضعية سيئة، فبعد إحباط فشل الإضراب الجزئي الكبير في أواخر 2012، وتخلي الحركة المطلبية الأشهر (أطباء بلا حقوق) عن موقعها الطليعي في قيادة الحركة وتحالفاتها الانتخابية غير المبدئية مع النظام القديم في قائمة الاستقلال، بالإضافة لاحتدام الاستقطاب السياسي بين جموع الأطباء، يصعب تصور تحقيق الإضراب القادم لنجاح تنظيمي يقارب مع حققته الإضرابات الماضية.

ومع تبني مجلس النقابة/ أطباء بلا حقوق لسياسة تذيُّل الحركة المطلبية، وإلقاء المسئولية بالمبادرة والتنظيم على عاتق عموم الأطباء، والاكتفاء بالادعاء أنهم ممثلين عن الحركة وليسوا قادة لها، وتنصلهم من مسئوليتهم عن الإضراب، فإنه من الصعب تصور إمكانية تكوين لجان إضراب حقيقية في المستشفيات والمحافظات تقوم بإدارة وتنظيم الإضراب، ومواجهة وزارة الصحة والإدارات الفاسدة في المستشفيات بشكل فعال.

ولكن في النهاية يظل الأمل في أن يكون إضراب الأول من يناير هو بداية لكشف الكوادر النقابية الحقيقية التي ستسعى لتحويل الإضراب (الورقي لأطباء بلا حقوق، والسياسي لجماعة الإخوان) إلى إضراب حقيقي، تكون لجان إضرابه في المستشفيات والمحافظات هي نواة بديل ثالث جديد يُعبِّر بشكل حقيقي عن جموع الأطباء.

* يمكن الاطلاع على تفاصيل أكثر عن تلك الجمعية العمومية من مقال الزميل الدكتور طاهرمختار على الرابط التالي: http://revsoc.me/_19593