بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال وفلاحين

دراسة المرصد النقابي والعمالي المصري شهر ديسمبر 2009..

الفصل والحرمان من الحقوق لعمال الغزل والنسيج في المحلة

تتسم أوضاع عمال الغزل والنسيج (الذي يصل عددهم حسب بعض التقديرات لمليون عامل) بالتدني الشديد، حيث تعتبر أجورهم من أدني الأجور في قطاع الصناعة، كما تصل ساعات عملهم إلي 12 ساعة يومياً، لا يتمتعون بأي حقوق سواء في التأمينات، أو العلاوات، أو الأمن الصناعي أو الإجازات وغيرها من الحقوق التي تقرها القوانين، وخصوصاً في القطاع الخاص.

وسوف نلقي الضوء علي هذه الأوضاع من خلال مقابلة مع عدد من عمال الغزل والنسيج بمدينة المحلة.

وكانت المقابلة الأولي مع عمال شركة مصر الوطنية بالمحلة، والبالغ عدد عمالها 100 عامل،  التي انقسمت بين شركائها لشركتين، والتي يعمل بها العمال منذ أكثر من 25 سنة، وما زالوا يحاسبون باليومية حتي الآن، ويتم فصلهم في شهر أغسطس من كل عام كلما حان موعد العلاوة الدورية حتي لا يطالبون بحقهم فيها، ويمارس التمييز بين العاملين بها، ففي الوقت الذي يتقاضي فيه من هم موالين للإدارة 35 جنيه أجرهم اليومي، فإن بقية العمال يتقاضون 26 جنيه فقط، وتحدث العاملين عن أن هذا الأجر ثابت منذ عشرة سنوات، وقبلها كان أجرهم 18 جنيه عن اليوم الواحد، وعندما فكر كل العمال قبل عشرة سنوات في ترك المصنع والبحث عن مكان عمل آخر تمت زيادة أجورهم هذه الزيادة.

ويتحدث أحد العمال فيقول:” صاحب المصنع بتاعنا ما لوش دعوة بالقوانين، فإحنا لا لينا أجازات، ولا لما بنشتغل يوم الجمعة بيتحسب بأجر مختلف عن الأيام العادية ولا أي حاجة، دا حتي أنا شغال في الشركة من سنة 1982، رحت ما لقيتشي لي إلا تأمينات 14 سنة وبس، لما رحت سألت موظف التأمينات قال لي أنت أتأمن عليك في سنة 1990، 6 شهور وبس، وفصلك وبعد كده أمن عليك من سنة 1996، ودلوقتي بيقول لي تعالي يوم وبطل يوم، وعاوز يقبضني في المدة الأسبوعين 180 جنيه، طيب أنا أعمل بهم أيه وأأكل عيالي من أين؟؟”

وأكمل عامل آخر:” إحنا بنشتغل 8 ساعات بدون ولا خمس دقايق راحة، لو جه لقاني باكل بييجي يشتمني، ولما بنطلع نتكلم معاه بيقول أحمدوا ربنا أني لسة مشغلكم، أنا مش عاوز المصنع ده، و ممكن أقفله وتقعدوا في الشارع، إحنا مش عارفين هوه ده من حقه أنه يعمل كده، والحكومة بتسيبه يعمل كده، يعني هوه ياخدنا لحم ويرمينا عظم، طيب إحنا نروح فين، ولا لمين، هو بيقول لنا أنا عارفكم كويس أنتم مش هتعملوا حاجة، أنتم آخركم تلموا هدومكم وتمشوا!!”

وكانت المقابلة الثانية مع عمال مصنع السامولي، لصاحبه كمال السامولي، والذي أنشئ عام 1956، المصنع ينتج الفوط والبشاكير و يعمل به حوالي 2500 عامل وعاملة، وبه أقسام (نسيج وصباغة وسداء، وتحضيرات ومشغل)، يتم تصدير كل إنتاجه، يعمل العمال به بنظام الورادي 12 ساعة للوردية، هذا ويتقاضي حوالي 50% من العمال أجر لا يتعدي 250 جنيه شهرياً، بينما يتقاضي حوالي 25% من العمال أجر شهري حوالي 750 جنيه، ، ويتقاضي رؤساء الأقسام وعمال النسيج (عمال النسيج حوالي 400 عامل فقط) وفنيو الصباغة واللذين يمثلون أقل من ربع عدد العمال أكثر من 1000 جنيه شهرياً[1].

قام صاحب مؤخرا صاحب المصنع بفصل 6 من عمال النسيج بعد إضراب بدأه عمال النسيج، وأدي لإضراب كل عمال المصنع لمدة ثلاثة أيام، وهو بذلك يكرر نفس السيناريو الذي حدث  في عام 2001، و 2003، وكان شرطه لتحقيق مطالب العمال عام 2001 هو فصل خمسة عمال.

قال علي أحد العمال المفصولين:” بداية المشكلة كانت من حوالي 3 شهور، لما لقيناهم بيوزعوا علينا عقود، وبدأنا نسأل عن القانون 91 المذكور في العقد، وبدأنا نعرف حقوقنا، حقنا في العلاوة الـ 10%، و جواسيس المصنع بلغوه أننا بنسأل علي حقوقنا، وإننا حوالي 30 عامل (من عمال النسيج) كنا في دار الخدمات النقابية، في اليوم التالي لقينا كمال السامولي نازل بالعكاز وبيلف حوالين كل واحد فينا، وكان معاه أحمد الجزار دراعه اليمين، والمهندس جمال مدير النسيج، بعدها غير نظام شغلنا ( كان كل واحد فينا بيشتغل علي ماكنتين، بأجر 400 جنيه أسبوعياً، خلانا نشتغل علي ماكينة واحدة بأجر 250 جنيه)، لما طلع القرار ده كلنا كنا غضبانين، في ساعة الراحة رحنا للمهندس جمال وقلنا له عاوزين نقابل الحاج كمال، ولما قال للحاج كمال طلب يقابل 3 منا، لما قابلناه سب لنا بالدين و شتمنا، ولما سألناه ليه غير نظام الشغل، قال لنا أنه بمزاجه يعمل اللي هوه عاوزه، وخرجنا ودخل غيرنا وعمل معاهم نفس الشئ”

وأكمل عامل آخر:” نزلنا وقفنا المكن، وطالبنا بالرجوع عن قرار النقل، وكمان طالبنا بالعلاوة الـ 10%، وطالبنا بزيادة الأجور في التأمين (التأمين علي أجر ما بين 110-150 شهرياً فقط) وطالبنا بزيادة الأجور)، لما وقفنا المكن الدنيا كلها أتقلبت، محمد الصباغ بتاع مكتب العمل، جه وقعد يتحايل علينا ندور المكن، علشان الوردية اللي داخله لما تيجي تلاقي المكن شغال، قالوا لنا دوروا وإحنا نعمل لكم اللي أنتوا عاوزينه، وقعدوا يضغطوا علينا وياخدوا كل 5 أو 6مننا علي جنب ويحاولوا يأثروا عليهم، وقدروا ينجحوا فعلاً، ولكن بعد ساعة مشي الصباغ من غير ما يعمل لنا حاجة، علشان كده لما الوردية الثانية دخلت المكن كله وقف، هوه كان قطع الميه والكهرباء من الصبح، والناس وهيه جايه كانت جايبه أكل معاها، أحمد الجزار أخده ورماه في الزبالة، ولما زميلنا كامل راح يجيبه ضربوه”

ويكمل عامل آخر:””اللي حصل بالنهار حصل بالليل، جاء الأمن والصباغ، وقالوا لنا طول ما أنتوا واقفين الراجل زعلان، ولما جاء الضابط هيثم الشامي وقلنا له مانعين عننا الأكل، قال وأنتوا قاعدين ليه، قعدنا 3 أيام رغم الحصار، وقتها عملوا محضر ضد 6 عمال مننا بتهمة تحريض العمال، وتعطيل العمل، والنيابة حفظت المحضر، بعد كده فضوا الإضراب بعد ما قدروا يقسمونا، بحيث جزء من العمال وافق علي الطلبات اللي عرضوها علينا (العودة لنظام العمل القديم)، وجزء أتمسك وقال إحنا عاوزين كل طلباتنا”

ويكمل ناصر عامل آخر:” بعد ما رجعنا عمل لـ 30 عامل سجن، في مصنع 3، حط 15 ماكينة، كل 15 عامل في وردية، والوردية 8 ساعات بدل 12 ساعة، من 8 صباحاً حتي الساعة الرابعة (بقية العمال بيشتغلوا 12 ساعة من 7 صباحاً حتي 7 مساء)، وبالشكل ده لا كنا بنشوف زمايلنا ولابيشوفونا، وكمان أجرنا في الأسبوع نزل لـ 80-90 جنيه، واللي مش عاجبه يمشي، واللي يروح يعتذر ويبوس أيده يرجعه للنظام القديم، فضل في الآخر الستة اللي ثبتوا علي موقفهم اللي سبق وقدم بلاغ فيهم، وفصلهم دلوقتي”

وقال علي:” دا غير الضغوط وإحنا في السجن ده، كان ممنوع نروح الحمام أو نشرب إلا بتصريح، قسموا الحمامات علشان ما نقابلشي زملائنا في الحمام، وساعة الراحة كان بينزل باب صاغ علشان ما نشوفشي العمال أو يشوفونا، منع عننا الأجازات والحوافز بكل أنواعها، زميلنا كان بياكل وزور، ودورنا علي الميكانيكي علشان يديله أذن مكتوب يروح يشرب ما لقيناهوش، لو حد فينا راح الحمام ولقي زميل آخر في الحمام يرجع ويروح بعد كده مره تانية”

وتحدث عامل مفصول آخر فقال:” المشكلة أنه فيه موظفين في الحكومة هما اللي مقوينه علشان بيشتغلوا عنده أو بياخدوا أجور شهرية منه، دا غير اللحمة والفوط وغيره،  فأحمد العشري هوه اللي ماسك شئون الأفراد في المصنع، وإحنا عارفين أنه موظف في التأمينات، كمان فيه عزت مفتش التأمينات، هوه ده اللي خلاه يقول لنا أنا فاتح المصنع علشانكم، أنا لو قفلته هدبح 3 عجول، أنا عندي فلوس لو قعدت أكل فيها مش هتخلص، وكمان قال لنا أن أنا عارف أن أنا أعنف إدارة مش في المحلة لوحدها بس في مصر كلها، وكله بالقانون”

 

[1] – غادة طنطاوي، تقرير عن أحوال عمال الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، عن مركز الأرض لحقوق الإنسان، 2008