اللجنة العليا لموظفي البريد.. خطوة مهمة.. ومشوار طويل
شكلت اللجنة العليا لموظفي البريد وفدا لمقابلة رئيس الهيئة يوم 20 يوليو. ونجحت في حشد ما يقرب من 300 موظفاً من تسع محافظات. وعلى مدي الشهرين الماضيين حشدت اللجنة ما يقرب من ألف موظفاً حضروا مؤتمرين في نقابة الصحفيين، لعرض مطالب الموظفين على الرأي العام، إلى جانب إصدارها لأربع بيانات تعبر عن أحلام وأوجاع موظفي البريد.
اللجنة التي تضم تسع محافظات تعد خطوة إيجابية نحو توحيد جهود الموظفين -52 ألف موظف- المنتشرين في كافة أنحاء الجمهورية للمطالبة بحقوقهم، وذلك بعد أن أطلقت محافظة كفر الشيخ الشرارة الأولى لحركة احتجاج البريد بإضرابها، في مايو الماضي.
غير إن نجاح اللجنة في تحقيق أهدافها وانتزاع مطالب الموظفين يستدعى بداية التعرف على الخبرات التي تقدمها التجارب المماثلة الناجحة كالضرائب العقارية. ومن واقع اقترابي من تجربة الضرائب العقارية أود أن أطرح على قيادات حركة البريد مجموعة من الدروس المستفادة علهم يرونها مفيدة، علما بأن لكل تجربة خصوصيتها، فلا توجد روشتة جاهزة تصلح لكل حركة .
أولا :التوسع الرأسي والأفقي
على اللجنة أن تعمل بكل قوتها لكي تتحول لجان المحافظات التسع إلى لجان حقيقية، لها مندوبين في كل مكتب وكل مركز، وهؤلاء المندوبين عليهم أن يختاروا ممثلًا عنهم أو أثنين من المندوبين. وهي خطوة تحققت بالفعل حتى الآن في ثلاث محافظات. ولكنها ينبغي أن تمتد إلى باقي المحافظات، فقاعدية وجماهيرية اللجان، في المحافظات شرط أساسي للنجاح والانتصار، وإلى جانب دلك ينبغي السعي إلى الوصول إلى مناطق جديدة.
ثانيا: القيادة الجماعية
فالفردية هي أس البلاء، وأحد أهم عوامل الفشل، فعلينا أن نتجنبها حتى لا تتحول اللجنة إلى صراعات فردية بين أفراد تفسدهم الفضائيات ووسائل الإعلام، وأن نكون مدركين تماما إن من بيننا من سيكمل المشوار إلى نهايته، وآخرون سيتخلون عنا في منتصف الطريق، وآخرين ستنجح تهديدات أو إغراءات الإدارة في استمالته.
ثالثا: التسلح بالمعرفة
فإدراك مطالبنا وعدالتها أحد أهم شروط النجاح، وعلينا طول الوقت أن نبادر بالاقتراحات والمطالب التي نستطيع الدفاع عنها.
رابعا: النفس الطويل والاستعداد للتضحية
فالمعركة لن يتم حسمها بين يوم وليلة، وعلى القيادة أن تستطيع أن توازن بين رغبات مناطق متقدمة وقوية في التحرك السريع، وبين أهمية التوسع في المحافظات من جهة، وبين أهمية تحقيق مطالب ولو جزئية، عندها سيشعر عمال البريد بأن من يستطيع تحقيق المطالب الصغيرة، يستطيع أن يحقق المطالب الكبيرة، فيلتفوا حول اللجنة.
خامسا: الانتماءات السياسية
موظفو البريد، كالعقارية وغيرهم ، ينتمون إلى تيارات سياسية متباينة بداية من اليسار إلى الإخوان المسلمين مرورا بالوطني، وأعداد واسعة ليست منتمية إلى أي فصيل ، إدراك هده الحقيقة مهم، والأهم أن ندرك أن التباين في الموقف السياسي لا يجب أن ينسينا أبدا وحدة المصلحة والهدف، وإننا ينبغي أن نوظف الانتماءات السياسية لخدمة الحركة وليس العكس.
سادسا: الاستقلالية
لجنة موظفي البريد ينبغي أن تكون لجنة مستقلة عن كافة اللجان والأحزاب السياسية، الموظفون يجتمعوا معا ليأخذوا قراراتهم، وعلى اللجان التي تريد أن تشارك أن تتفاعل عبر جلسات واسعة يحضرها الموظفين وغيرهم، ولكن الاستقلالية شرط مهم حتى لا تضيع معالم اللجنة وتتحول تدريجيا إلى لجنة لها طبيعة مختلفة.
ولكن هدا لا يعنى بطيعة الحال ألا تكون اللجنة منفتحة على كل الراغبين في المساندة والدعم، من لجان عمالية، أو أحزاب سياسية، ولكن ينبغي أن يكون هناك خطا فاصلًا واضحاً بين حركة الموظفين، وبين حركتهم مع اللجان والقوى السياسية.
سابعا: قوة الحركة
لن تكون الحركة واحدة في كافة المحافظات، لوجود ظروف متباينة، فالضرائب العقارية على سبيل المثال كانت قوية في محافظتين فقط في البداية هما الدقهلية والجيزة، ونجحت في حشد خمسة آلاف موظف. وبعدها اندمجت معهم باقي المحافظات على فترات، وكانت آخر محافظة انضمت إليهم هي محافظة القاهرة، رغم إنها المحافظة الأكبر عددا.
وأخيرا وليس أخرا يستطيع موظفو البريد الانتصار في المعركة، وتحسين أوضاعهم المعيشية، ورفع مرتباتهم، كما تم في العقارية، إذا استطاعوا تعبئة خمسة آلاف موظفاً من وسط 52 ألف موظف، يكونوا هم النواة التي ستنجح في جذب غالبية الموظفين حولهم، ويومها فقط يحق لهم أن يأملوا في تشكيل تنظيم نقابي مستقل، فالنقابة تولد من قلب الإضرابات المنتصرة .