العلاوة الاجتماعية
الجدل الدائر حول العلاوة الاجتماعية، أياً كانت نتيجته، لا يحمل سوى رسالة واحدة للطبقة العاملة، وهي أن الإضراب هو الحل، لقد تطلع الكثيرون إلى ما سيعلنه مبارك في خطابه، في المسرحية السنوية، لكن المسرحية انتهت هذا العام بهروب البطل، من على خشبه المسرح، دون إجابة على السؤال، الذي أنعقد على ألسنة الجميع، ألا و هو نسبة العلاوة الاجتماعية. بعدها انخفض سقف التوقعات مع مناقشات مجلس الشعب إلى 5%، وسط توتر مكتوم في أوساط العمال، وحفل في الأوساط النقابية.
ثم بدأت التطلعات إلى تدخل الرئيس “شخصياً” لرفع النسبة التي أقرها مجلس الشعب من 5% إلى 10% أو 15%.
ومهما كانت النتيجة فهي هزيلة، قياساً بأوضاع الدخل والأجور في مصر، أو قياساً بالدعم، الذي تقدمه الدولة لرجال الأعمال والرأسمالية، في شكل إعفاءات ضريبية، وجمركية، وأراضي مجانية، وكذلك الدعم المباشر.
الأهم أن النتيجة ستكون هزيلة، ومتواضعة جداً بالقياس إلى ما استطاع العمال تحقيقه عن طريق الإضراب، والاحتجاج، لقد استطاع موظفو الضرائب العقاري رفع دخلهم بنسبة تزيد على 300%، بفضل نضالهم، ورفع عمال المحلة، وعمال الغزل والنسيج قيمة الوجبة، بالإضافة إلى زيادة الحوافز، حجم المكاسب التي حققها العمال عن طريق الإضراب، تفوق قيمة العلاوة الاجتماعية عدة مرات
التجربة تعلمنا أن ما يستطيع العمال انتزاعه بنضالهم أكثر بكثير مما يأتي بالمناشدة، والتسول، على أعتاب السيد الرئيس.
ليست الأرباح، والحوافز، والوجبة، والكادر الخاص، فحسب، هي ما يستطيع العمال الحصول عليها، بالنضال، فالنضال حقق الكثير، حيث نجحت لحركة العمالية انتزاع حق الإضراب، وحق تأسيس نقابات مستقلة. ودخل العمال المعادلة السياسية، والاجتماعية، في مصر، لكن نظام مبارك لم يعي الدرس جيداً، فالنظام الذي تنازل أمام إضرابات العمال، وأضطر للجلوس للتفاوض معهم، وتخلى عن مقولته الأثيرة، “محدش يلوي دراع الحكومة”.
يقف النظام اليوم ليعرض مساومة رديئة، على العلاوة الاجتماعية، رغم أن العلاوة السابقة كانت بنسبة 30%، إلا أنها لم تهدئ الاضطرابات العمالية، كما كان يتمنى النظام، بعد الموجة لارتفاع الأسعار، التالية للعلاوة. يأتي الترام اليوم يقول أن نسبة 5% كافية بسبب الأزمة الاقتصادية.
يعد اختبار النظام لمدى جدية الطبقة العاملة هو أخطر ما يقوم النظام على نفسه. لأن العمال تعلموا على مدار الثلاث سنوات الماضية، أن ما يمكن انتزاعه أكبر مما يمكن منحة.
إن اليأس من العلاوة الاجتماعية حقيقة سينتج عنها باباً واسعاً للنضال من أجل الحد الأدنى للأجور.