بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

المجرم الحقيقي في قضية سراندو

بعد كتابة هذا المقال اعتصم أكثر من 1500 فلاح بعزبتي سراندو وجرن العزبة وذلك بعد أن أعلنتهم الجمعية الزراعية بقيام عائلة نوار ببيع 70 فدان تمهيدا لطرد الفلاحين. هذا وقد طالب الفلاحون المعتصمون بمقابلة مدير أمن البحيرة وتحدد الموعد في مساء يوم 5 نوفمبر.

كانت محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) جنايات دمنهور في 20 أكتوبر الماضي، على موعد مع فضيحة جديدة لنظام مبارك وطبقته، حيث موعد نظر قضية فلاحي سراندو، والتي حكمت فيها المحكمة غيابياً علي كلاً من مصطفي الجرف ومحمد رجب خليل بالسجن 15 عاماً وعلى أحمد عبد الحميد غلاب وعماد الفقي ومحمد الشناوي، وأبو طالب أبو زينة وجميل عبد المنعم قابيل بالسجن 7 سنوات لكل منهم في القضية رقم 5631 لسنة 2005. هذا وقد كانت التهمة الموجهة إلى الفلاحين بحسب قرار الإحالة إلى المحكمة “التجمهر لأكثر من خمس أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء علي المال والأشخاص، والاشتراك في جريمة ضرب أفضي إلى موت”. علاء نوار، المعتدى عليه، هو أحد أفراد عائلة الإقطاعي صلاح نوار وقد تمت الاستعانة به في التعامل مع الفلاحين بعد أن خرج من السجن مؤخرا على أثر قيامه بقتل أحد أفراد عائلته. وقد وافته المنية أثناء اعتداء صلاح نوار مدعوماً بقوات من الأمن بقيادة رئيس مباحث دمنهور الضابط محمد نوار على الفلاحين في أراضيهم ومحاولة الاستيلاء عليها، وهو المشهد الذي انتهي بقتل بنت سراندو نفيسة المراكبي، وضرب وتعذيب واحتجاز فلاحات سراندو بدون أي سند قانوني.

لابد أن نسأل من يحاكمون فلاحي سراندو بتهمة التجمهر بغرض ارتكاب جرائم الاعتداء على المال والأشخاص، من المعتدي ومن المعتدى عليه؟ هل المعتدي هم الفلاحين الذين كانوا ينامون في بيوتهم واستيقظوا على هجوم جحافل صلاح نوار وعدد ضخم من بلطجيته المأجورين من محافظات الصعيد، أم المعتدي هو من خطط لهرس قمح الفلاحين الذي سقوه بعرقهم طوال العام، وينتظرون حصاده ليتمكنوا من إطعام أولادهم طوال العام؟

هؤلاء الفلاحون يزرعون هذه الأرض منذ أكثر من الخمسين عاما، أي منذ تطبيق قانون الإصلاح الزراعي الذي تم بموجبه توزيع أراضى ملك الدولة على الفلاحين ( حوالي ثلاثة أفدنة لكل فلاح)، واستمر الأهالي في زراعة الأرض ودفع إيجارها لهيئة الإصلاح الزراعي إلى أن ظهر مدعي الملكية وطالب الفلاحين بالأرض بدعوى حصوله على قرار بعودة 5 آلاف فدان إليه ولعائلته، وذلك في نطاق قرى الجورنجى وحافظ والعامرية ونديمة. وقد تمكنت عائلة نوار بالفعل من إجبار عدد من الفلاحين على دفع إيجار لهم بالإضافة إلى الإيجار الذي يدفعونه للإصلاح الزراعي، هذا فضلا عن رسوم الضرائب العقارية التي تتعامل معهم بصفتهم ملاك الأراضي.

أما بالنسبة لتهمة “ضرب أفضى إلى موت” ،فهل توجه هذه التهمة إلى الفلاحين الذين لم يكن أمامهم سوي الدفاع عن أنفسهم وأراضيهم أمام الهجوم البربري من قبل تحالف الإقطاع مع أجهزة الدولة الغاشمة، أم توجه إلى ضابط الشرطة محمد عمار الذي دبر واستخدم أدوات الدولة، التي من المفترض أن تحمي الفلاحين من اعتداء صلاح نوار وأمثاله، لخدمة الإقطاعي. ففي البداية أحضر الفلاحون إلى قسم الشرطة لينصاعوا إلى طلبات صلاح نوار ثم استخدم قوة الشرطة للهجوم على بيوتهم الفقيرة ليلاً وقام بتكسير أبوابها واختطاف الرجال بملابس نومهم، والاعتداء على النساء بالشتائم والضرب، ولم يكتف بكل هذا، بل أنه دبر مع صلاح نوار بعد ذلك محاصرة القرية بجحافل الأمن المركزي، وقطع كل طرق الاتصال بالقرية إلى أن ينتهي صلاح نوار وعصابته الباغية من أداء مهمتهم، التي اعتقدوا أنها ستكون سهلة، وهي حرث أراضي الفلاحين والاستيلاء عليها، الأمر الذي تطور نظرا للبسالة التي أبداها الفلاحون في الدفاع عن أراضيهم إلى الاعتداء السافر عليهم ثم أعقبها بالقبض على الفلاحات وتعذيبهن.

بعد كل هذا إذا كان هناك من يحاكم، فمن يستحق المحاكمة هو محمد عمار الذي يفترض فيه حماية أمن وسلامة وممتلكات الفلاحين، إنه هو من يستحق أن يمثل أمام محكمة تحاسبه على تهم القتل والتعذيب والقبض على الفلاحين والفلاحات بدون وجه حق، وكذلك، صلاح نوار وعصابته التي اعتدت على الفلاحين وقامت بضربهم وحرث أراضيهم محاولة الاستيلاء عليها بدون وجه حق. وأخيراً علينا جميعاً أن نحاكم ونحاسب هذا النظام الفاسد، الذي سدت رائحة فساده وعفنه الأنوف.