أي تغيير نريد؟ ومن يستطيع التغيير؟
العمال في قلب معركة التغيير
ألفا احتجاج، منذ إضراب المحلة 2006، ما بين إضراب واعتصام ووقفة احتجاجية، شارك فيها أكثر من عامل وموظف. يتصاعد نضال الحركة العمالية المصرية الصاعدة، من أجل تحسين شروط العمل، وتحريك الأجور، ومحاولة الصمود ضد سياسات الخصخصة والإفقار، التي بدأت منذ السبعينيات، وتفاقمت آثارها المدمرة منذ منتصف التسعينيات، مع تطبيق سياسات الليبرالية الجديدة، وتفكيك القطاع العام، وتآكل الدعم، ورفع يد الدولة عن الخدمات الأساسية.
والآن، لم يعد هناك من يصدق ما روج له النظام المصري، من وعود بالرخاء بعد تطبيق الخصخصة، وأكاذيب الانتقال السلس، دون أزمات. فوجدنا عمالا يقفون ضد بيع مصانعهم، بل ومن يطالبون بتأميم مصانعهم، وإعادتها للقطاع العام، رأينا الفلاحين يشقون لحودا في أراضيهم، مفضلين الموت عن تركها لقمة سائغة لحفدة الإقطاعيين، الذين استيقظت أرواحهم الشريرة لتعربد مع زبانية الشرطة، حتى العربان في البادية ينذرون بغضب كغضب الإبل، جراء القمع والتهميش. خرج سكان العشش يرفضون الموت في صمت تحت الأنقاض، صرخ المعاقين، ليسمع الجميع أنينهم.
لقد خرج العمال والموظفين والمهنيين، رجالا ونساء، مسلمين وأقباط. لم يكن هؤلاء بحاجة إلى الكتب، والتنظيرات، كي يتطور وعيهم، إلى آفاق، لم يكن أحد يتصورها، على الأقل في المدى القريب. لقد تطور وعيهم، بقدرتهم على النضال والصمود، وتنظيم صفوفهم، وصياغة مطالبهم، والتفاوض من أجل تحقيقها، ومراكمة مكاسب نضالهم، كما أيقنوا حقيقة التحالف بين النظام، وبين عصابة رجال الأعمال، وبين هؤلاء وبين الاستعمار الأمريكي والصهيوني. لم يعد العمال يصرخون في جزر منعزلة، لقد شاهدنا موظفي الضرائب العقارية، يتضامنون مع فلاحين “القرصاية” ضد يد “الجهة السيادية” الخفية، التي أرادت انتزاع اراضيهم لتبيعها إلى الشركة القطرية، ووجدنا عمال المحلة يتضامنون مع عمال طنطا للكتان، وشارك العمال من كافة القطاعات في دعم المقاومة، ماديا ومعنويا، وفضح تواطؤ النظام مع الصهيونية.
إن كانت حركة التغيير الماضية 2005-2006 قد اقتصرت على نخبة السياسيين والشباب المتحمسين الشرفاء، فإن صعود الحركة العمالية يفرض نفسه على الساحة السياسية، وعلى حركة التغيير القادمة. لا يمكن أن تنجح حركة تغيير لا ترتبط بحركة الجماهير، ولا تتبنى مطالبها. قوة الجماهير هي القوة القادرة على التغيير، والتغيير الذي تحتاجه الجماهير، لا يقف عند حد اللجان الانتخابية، والتغيير الشكلي في السلطة، إنه يتخطى ذلك نحو النضال من أجل لقمة العيش، نحو الحق في المسكن والصحة والتعليم، نحو الحق في العمل، وفي العيش بكرامة.
اليوم 3 أبريل، يخرج آلاف العمال، بدعوة من الجنة التحضيرية للعمال، للمطالبة بحد أدنى لأجور 1200جنيه. وفقا لتقارير البنك الدولي، فإن الحد الأدنى للدخل في مصر يتناقص، بالنظر لقوته الشرائية، بالرغم من ازدياد إنتاجية العامل المصري، وازدياد عدد ساعات العمل.
لا مجال للادعاء بعدم وجود موارد، فإن44% من الموازنة العامة تذهب لأجهزة الدولة “السيادية”، و12% في بند “مصروفات أخرى”. بينما الدعم لا يتعدى 6,2%، يذهب نسبة ربع بالمائة للخبز، والباقي في جيوب رجال الأعمال. كما أن مجرد تعديل سعر بيع الغاز لإسرائيل، وإسبانيا والأردن، ورجال الأعمال، إلى السعر الدولي المتداول، سيؤدي إلى توفير25مليار جنيه. ناهيك عن ضرورة تطبيق نظام ضرائب تصاعدي، ونظام عادل للأجور. وبينما تتناثر التصريحات بين رموز النظام، البيروقراطية والرأسمالية، عن حد أدنى للأجور، دون قرارات ملموسة، مما يؤكد أنها غبار يثيره النظام، للتغطية على رفع الدعم كليّة.
إن النقلة النوعية في مطلب الحد الأدنى للأجور، أنه تتخطى المطالب المحدودة، التي تقتصر على أحد مفردات الأجر المتغير، أي على الحوافز أوالأرباح أوالبدلات. كما تخرج عن النطاق الضيق لبعض الفئات، التي تطالب بكوادر خاصة للأجور مثل المدرّسين والمهندسين والأطباء وسائقي السكّة الحديد. مجددا، تُطرح قضية الحد الأدنى للأجور، بعد ان أخفق الحشد لها منذ سنوات قليلة، ولكن، يحدونا الأمل أن التربة أضحت أكثر خصوبة، والجو أصبح أكثر دفئا، لنمو البذرة.