بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

العمال والانتخابات.. في النصر للسيارات

تعد شركة النصر للسيارات أحد الشركات العملاقة التى انشئت فى الستينات فى إطار خطة الدولة فى ذلك الوقت للإعتماد على الذات وإنتاج الإجتياجات الأساسية محلياً، وكان من ضمن هذه الإحتياجات إنتاج السيارات، وكانت النصر للسيارات كما يقول عمالها من أحسن الشركات على مستوى مدينة حلوان إن لم يكن على مستوى مصر كلها، نظرا للإرتفاع النسبى للأجور فيها والمزايا التى يتمتع بها العمال، أما اليوم فقد أصاب الشركة ما أصاب بقية الصناعات التقليدية فى مصر من جراء سياسات الخصخصة والمعاش المبكر وغيرها من سياسات التدمير التى تتبعها حكومات رجال الأعمال، حيث تم تقسيم الشركة إلى ثلاث شركات، وتم التخلض من أغلبية عمالها، وتقلص إنتاجها بشكل كبير، ومن ثم إنهار حلم إنتاج سيارة مصرية.

فى الوقت الذى يخوض فيه العمال معركة الإنتخابات النقابية، ماهو حال الشركة اليوم؟ وما هو وضع العمال بها؟ وكيف ينظر العمال للنقابة؟ ثم كيف يرى العمال مستقبل شركتهم وبالتالى مستقبلهم فى ظل الأوضاع الراهنة؟

عن وضع الشركة الحالى يقول العامل أحمد عبد المعطى :” على خلفية تطبيق سياسة الخصخصة ظهر قرار بتقسيم الشركة الأصلية إلى خمس شركات في 18 يونيو 2001. وكان الهدف الأساسي من التقسيم هو إظهار الشركات وكأنها خاسرة. ففي وضع الشركات الكبيرة يتحمل القطاع الناجح خسائر القطاع الخاسر. أما ما فعله قرار التقسيم عمليا فهو جعل الشركات الصغيرة غير قادرة على أن “تكفي نفسها”. وطبعا، كان من ضمن أسباب الخطة تقسيم العمالة ما بين جديدة يسهل التخلص منها في شركات خاسرة وعمالة أقدم توزع في الشركات الرابحة، رأيي أن المصنع في السنوات الماضية كان يقلل من حجم خسائره، وأعتقد أنه سيحقق أرباح في هذا العام. لكن أريد أن أوضح لك أن خسارة المصنع في السنوات القليلة الماضية لم تكن لأي سبب خلاف الديون المتراكمة عليه من مراحل سابقة.”

وعن أحوال العمال فى الشركة اليوم يقول العامل “م.غ”: “تدهور حالة الشركة انعكس بشكل كبير على أوضاع العمال ، على قيمة الأجور وعلى صرفها أصلاً، أيضا يؤثر انخفاض ساعات الإنتاج على الأجور فتصبح أقل، كما يؤدي نقص السيولة إلى تأجيل مواعيد صرف المستحقات على الدوام. قام العمال بأكثر من وقفة احتجاجية في الشهور الماضية بسبب مطالبة العمال بصرف الأجور وبساعات إنتاج إضافية تمكنهم من أخذ الحوافز، كل هذه الأمور دفعت العمال إلى القبول بالمعاش المبكر، فقد كان عدد العمال 13 ألف وهم اليوم 2000 فقط، المشكلة التي تواجه العمال اليوم أنه لم تعد هناك سيولة تمكنهم من اللجوء للمعاش المبكر”.

فى حين يرى أحمد عبد المعطى عكس ذلك حيث يرى أن: “ظروف عمال الشركة من أحسن الظروف العمالية في مصر، فمتوسط الأجور يصل إلى 27 ألف جنيه في السنة. كا يتم تطبيق نظام حوافز جماعية على الشركة ككل تصل إلى مرتب 40 يوم. نحن مثبتين مبدأ الأهرامات الثلاثة: المرتبات تصرف في يوم 29 من الشهر والحافز في يوم 9 والإضافي في 15. هذا فضلا عن حوافز الإنتاج والأرباح. كما يتم صرف كافة المستحقات في المواعيد المحددة دون تأخير”.

وعن موقف النقابة من تقسيم الشركة يقول أحمد عبد المعطى: “عارضت النقابة القرار وقامت اعتصامات كبرى ضده، لكننا لم نتمكن من وقف التقسيم بالرغم من ذلك. وجرى التقسيم على النحو التالي: شركة للنقل البري وشركة لقطع الغيار وشركة للملاكي وشركة للخدمة ما بعد البيع (صيانة) بالاضافة إلى اللوري، بعد عام ونصف على تنفيذ التقسيم وثبوت فشله تم صياغة قرار جديد يضم شركة اللوري وشركة النقل البري وشركة الخدمة ما بعد البيع، لتتكون بذلك الشركة التي أطلق عليها إسم الشركة الهندسية لصناعة السيارات. وبعد ذلك بفترة قصيرة أصبحت الشركة الهندسية تتبع الشركة القابضة للنقل البري في الوقت الذي تتبع فيه شركة النصر الشركة القابضة للصناعات الهندسية والمعدنية. كما تم نقل حوالي 2000 عامل من العمال الأقدم من الشركة الهندسية إلى شركة النصر بغرض تسهيل التخلص من الشركة الهندسية دون قيام مقاومة تذكر”.

وعن إحتمالات خصخصة الشركة يرى العامل “م.غ” أن الشركة “تعاني من أزمة سيولة وأزمة مواد إنتاج تاريخية، بدأت بصدور قرار التقسيم، لأن قرار التقسيم استهدف تصفية هذه الشركات وخصخصتها. وتوقف إمداد المصنع بالمواد الخام التي تمكنه من الإنتاج وبالتالي انعدمت السيولة، وهذه الشركة هى التي قامت بإنتاج كافة أتوبيسات النقل العام في مصر والتي تعمل حتى الآن وتتحمل عبء نقل الناس، أسطول النقل اليوم متهالك لأن الشركة تكاد تكون توقفت عن إنتاج قطع الغيار الخاصة بالأتوبيسات فضلا عن الصيانة، يلجأ النقل العام اليوم إلى أتوبيسات شركات غبور وقسطور اللي “مبيتشلش حد”، هذا بهدف خصخصة المصنع، فقد كان من الممكن أن يتم تزويد المصنع بالمواد التي تمكنه من الإنتاج وبالتالي يصبح قادرا على تلبية احتياجات الدولة، إحنا بنكتفي بالإنتاج لشركة شرق الدلتا والمصانع التابعة للشركة القابضة وهذا بمقابل ضعيف. فالإتفاقات تقضي بأن نقوم ببيع الأتوبيسات بسعر زهيد لا يمكننا من تحقيق أي فائض، فجزء من نشاط الشركة قائم على التخديم على الشركات القابضة الأخرى ولذلك فنحن لا ندر أي أرباح”.

“تستخدم الأتوبيسات الموجودة في الأسطول في نقل عمال الشركة القابضة التي نتبعها وشركات قابضة أخرى، دون توفير الصيانة اللازمة لهذه الأتوبيسات، هذا الأسطول الموجود في المصنع والمتهالك يستخدم أكثر من نصفه في التأجير لشركات أخرى بغرض الحصول على أرباح، وده له انعكاسات سلبية جدا على العمال اللى بيتم نقلهم عن طريق هذا الأسطول، أولاًُ لأن خروج العمال يكون في موعد ثابت وعدد الأتوبيسات المستخدم قليل، ثانيا، الأتوبيسات لا تتمتع بأي مستوى من الصيانة، لذلك يتم تكديس العمال في الأتوبيسات الأمر الذي يسبب خطورة على حياتهم. على سبيل المثال في شهر رمضان الحالي لجأنا إلى عمل محاضر في ضد الشركة بسبب هذا الموضوع. هذه المشكلة لا يعاني منها عمال شركتنا فقط، بل وعمال شركة النصر وسائر الشركات القابضة الأخرى.”

فى حين يرى أحمد عبد المعطى أن : “المصنع ده ” آخره 7 سنوات، لأن الشركة وقفت جميع التعيينات من سنة 86. بالتالي، الغالبية العظمى من العمال هم من كبار السن، حتى العمالة المنقولة من الشركة الهندسية تم إختيارهم من كبار السن أيضا، الحكومة لا تحتاج لخصخصة هذا المصنع من الأصل لأن العمال أمامهم سنوات معدودة، المصنع “خلصان خلصان”، وحيفضل للحكومة الأرض والأصول التي ستجلب لها الملايين، أيضا، تجري الآن تصفية أقسام معينة من المصنع، مثل قسم إنتاج قطع الغيار والمكبوسات وهندسة العدد، بالرغم من أن هذه القطاعات تتمتع بعمالة على درجة عالية من المهارة والخبرة. تتم هذه التصفية عن طريق “التغليس” وتعقيد إجراءات الطلبيات المقدمة للشركة لدفع المستهلك إلى اللجوء إلى شركات أخرى منافسة كشركة غبور مثلا. أيضا، ساهم الفصل ما بين الشركات القابضة لشركة النصر والشركة الهندسية، في تعامل الشركة الهندسية مع الشركات المنافسة لنا، فنحن ننتج بشكل أساسي عربية شاهين وعربية 128 وفلوريدا، لكننا نواجه مشكلة أن أهم ما ننتج وهي شاهين، سيتم وقف طراز إنتاجها في سنة 2008. إنتاج شاهين مرتبط بعقود مع شركة تركية والشركة دى تعمل الآن على إنتاح طراز جديد، بالتالي الشركة اليوم تحاول الوصول إلى توكيل سيارة صيني لتشغيل المصنع.

وعن البرنامج الانتخابي الذي طرحه العاملان، الذان أدرنا معهما هذا الحوار خلال معركة الانتخابات النقابية، فقد اشترك العاملين فى قبولهما لبرنامج عمال من أجل التغيير كخط عام مع الأخذ فى الإعتبار لخصوصية المصنع فيقول أحمد عبد المعطى: “أنا عضو التنظيم النقابي لمدة دورتين، وقد تم التآمر علي في عام 96 بسبب معارضتي لقرار التقسيم ورفضي للخصخصة، برنامجي في هذه الدورة هو البرنامج الشامل لعمال من أجل التغيير، لكن لكل مصنع ظروفه الداخلية والنوعية وقد ركز برنامجي على ذلك، على سبيل المثال، طالبت في هذه الدورة بحق العمال في الحصول على وجبة ورفع أرباح العمال الدورية من 12 إلى 13 شهر، بالإضافة الى مطلب صرف بدل إنتقال للعمال نظرا لظروف النقل السيئة المتوفرة حاليا للعمال، وقد قمت بصياغة ورقة بعنوان “الاختيار”.