بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

المرحلة الأولى للانتخابات العمالية: شطب وتزوير وتدخلات أمنية

انتهت المرحلة الأولى من الانتخابات النقابية العمالية التي جرت يومي 5 و8 نوفمبر، وكما كان متوقعاً فقد شهدت الانتخابات منذ الإعلان عن فتح باب الترشيح مذبحة حقيقية تعرض لها مرشحي المعارضة وحتى المستقلين غير المرغوب فيهم من الإدارات وقيادات الإتحاد العام ووزارة العمل، فدأبت النقابات العامة بالتعاون مع وزارة العمل وأمن الدولة على التدخل بشكل سافر لاستبعاد المرشحين غير المرغوب فيهم بداية من التأخير في إعلان منشور فتح باب الترشيح في مواقع العمل المختلفة ثم امتناع النقابات العامة عن تسليم شهادات الصفة النقابية للمرشحين في الموعد المحدد. ومحاصرة الأمن لمقر الإتحاد العام لنقابات عمال مصر ومنع العمال المرشحين من الدخول لمنعهم من استكمال أوراق الترشيح، هذا بالإضافة إلى حصار مكاتب القوى العاملة بهدف منع المرشحين من تقديم أوراقهم في الوقت المناسب.

وحتى إذا نجح أحد المرشحين في الوصول لمكتب العمل وتقديم أوراقه بعد كل هذه العراقيل، فليس هناك ما يثبت تقديمه للأوراق سوى وصل غير موضح به ما تسلمه موظف القوى العاملة غير واضح الملامح ولا تعرف من خلاله اسم الموظف الموقع، وبدون أي أختام، ثم يأتي الشطب بشكل مباشر من كشوف المرشحين لدواعي أمنية أو بدون دواعي تذكر، وهكذا يتخذ التزوير أشكال عدة من التعقيدات البيروقراطية والتدخلات الأمنية وصولاً إلي التزوير المباشر في صناديق الاقتراع يوم الانتخاب وإعلان النتائج.

شاهدنا هذه الحقيقة في العديد من المواقع العمالية، فقد امتنعت النقابة العامة للسكك الحديدية عن منح شهادات الصفة لأكثر من 50 عامل بحجة أن آخر موعد لمنح الشهادات كان يوم وقفة العيد، كما قامت قوات الأمن بمحاصرة مقر الإتحاد العام لنقابات العمال بشارع الجلاء يوم السبت 28 أكتوبر، وكان آخر يوم في استخراج شهادات الصفة للمرحلة الأولى، وإغلاق أبواب الإتحاد في وجه العمال لمنعهم من استخراج شهادة الصفة، حتى بعد أن نجح العمال في الدخول بعد مشاحنات مع الأمن وأجبروا نقاباتهم العامة على تسليمهم الشهادات، امتنعت نقابات الصناعات الهندسية عن تسليم شهادات الصفة لعشرة من عمال الحديد والصلب بحلوان مما دعاهم إلى الاعتصام بمقر الإتحاد لساعة متأخرة من الليل حتى تم تسليمهم الشهادات، وفى شبين الكوم بمحافظة المنوفية تم محاصرة مكتب القوى العاملة لمنع المرشحين المعارضين من تقديم أوراقهم، واختطاف 6 مرشحين وإخلاء سبيلهم بعد إغلاق باب الترشيح، كما رفضت مديرية القوي العاملة بمركز طلخا تسلم أوراق 40 مرشح من 58 مرشح تقدموا لها لخوض انتخابات اللجنة النقابية للعاملين بشركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء، وذلك لعدم مطابقة شهادة المنظمة النقابية للنموذج المرسل من النقابة العامة، كذلك امتنعت هيئة قناة السويس عن تسليم الأوراق واستيفائها للمرشحين دون موافقة أمنية صريحة، وفي أسيوط تم احتجاز ثلاثة عمال لمنعهم من دخول القوي العاملة ومصادرة أوراق ترشيحهم، كذلك رفضت النقابة العامة للعاملين بالبترول تلقي طلبات ترشيح 300 عامل، وفى المصانع الحربية تم استبعاد 117 مرشح من عمال المصانع الحربية، بعد إعطائهم شهادات العضوية بالنقابة، ثم استبعاد 25 مرشح من مصنع 99 الحربي وحده، كما تم استبعاد 14 مرشح من شركة النصر للسيارات و 11 مرشح من شركة الحديد والصلب بحلوان، وبعض مرشحي شركة السكر بالفيوم، والنقل الخفيف، وفي شركة تليمصر لصناعة الراديو والترانزستور، قامت الإدارة بمنح العمال إجازة يومي السبت والأحد قبل العيد وهو نفس الوقت الذي وضعوا فيه الإعلان عن بداية تجهيز الأوراق لتقديمها للترشيح، وعندما عاد العمال من الإجازة اكتشفوا خديعتهم فنظموا اعتصام دام ليوم كامل انفض بناء علي وعد بتسليمهم الشهادات، ولكن ماذا يفعلون بالشهادات وقد انتهي وقت تقديم الأوراق بمكتب العمل؟؟!!!

والجدير بالذكر أن عمال نقابات النقل البرى في 7 محافظات قد حرموا حتى من حق محاولة الترشيح، حيث تم إلغاء الانتخابات بقرار من وزارة القوى واتخاذ قرار بتشكيل لجان إدارية بعد الانتخابات، بحجة وجود مخالفات مالية في هذه النقابات، وكأنهم يتركون النقابيون يفسدون ويسرقون أموال العمال، ثم يعاقبون العمال علي فساد هؤلاء النقابيون بحرمانهم من حقهم في اختيار نقابيين أفضل ممن سرقوا أموالهم، نقابيون يدافعون عن حقوقهم.

انعكس ذلك بشكل مباشر في أكثر من 850 دعوي قضائية أمام القضاء الإداري، وأكثر من 45 بلاغ للنائب العام تقدم بها عمال مرشحين ضد التدخل السافر للأجهزة الأمنية ورفض رؤساء النقابات العامة منح العمال شهادة الصفة.

وعندما لجأ العمال إلي القضاء فقد حُكم بإعادة 165 مرشح حني الآن في الإسكندرية وحدها، ورفضت وزارة القوي العاملة التنفيذ بحجة الاستشكال، وعندما صرح رئيس اللجنة العامة للانتخابات ببني سويف بأنه سوف ينفذ ما يتقدم له به العمال من أحكام قضائية، وفور معرفة أجهزة الأمن بذلك قامت بمحاصرة مديرية القوى العاملة ببني سويف وإلقاء القبض على كل عامل يأتي إلى المديرية لتنفيذ حكمه.

وعلي الرغم من هذا فقد نجح بعض العمال في تنفيذ ما حصلوا عليه من أحكام قضائية، مثل الحكم بعودة 8 من العاملين بالدلتا للصلب بمسطرد إلى كشوف المرشحين، واستطاعوا خوض الانتخابات وفازوا بمقاعد النقابة، كما نجح اثنان من المرشحين عن العاملين بمحافظة القاهرة في العودة بعد الشطب وخوض الانتخابات والفوز بها، كما استطاع أربع مرشحين من شركة السكر بالفيوم والذين شاركوا في اعتصام ضد الإدارة قبل عدة أشهر ووجهوا بعراقيل كثيرة لمنعهم من الترشيح، استطاعوا خوض معركة الانتخابات والفوز بمقاعد النقابة.

هذا وقد أستخدم العمال بجانب اللجوء للقضاء العديد من الطرق النضالية احتجاجاً على أساليب التزوير مثل اعتصام 600 عامل تابعين لنقابتي الصناعات الهندسية والمرافق بسبب عدم منحهم شهادة الصفة، كما اعتصم 45 عامل من عمال هيئة ميناء الإسكندرية لنفس السبب.

وتأتى مرحلة الإدلاء بالأصوات لتؤكد على منطق التزوير الذي تتبعه الدولة وهو ما ظهر بشكل واضح في انتخابات الحديد والصلب في حلوان، حيث تأخر فتح لجان الاقتراع حتى الساعة العاشرة صباحاً، كما تم تغيير المندوبين المشرفين على الصناديق في اللحظات الأخيرة قبل الإدلاء بالأصوات، بأشخاص موالين لمرشحي الإدارة، كما فوجئ العديد من المرشحين صبيحة يوم الانتخاب بعدم وجود أسماءهم في كشوف المرشحين، كذلك تظاهر عدد من المرشحين بشركات البترول والنسيج أمام القوى العاملة بالإسكندرية احتجاجاً على تزوير نتائج الانتخابات لصالح مرشحي الإدارة.

لم يعد هناك شك أن الدولة تسعي بكل ما لديها من قوة للسيطرة على التنظيمات النقابية العمالية لضمان خدمة مصالحها ومصالح رأس المال، ولإجهاض أي إمكانية لوجود تنظيمات عمالية مستقلة تدافع عن حقوق العمال وتصد الهجمة الشرسة التى يتعرضون لها على يد حكومة رجال الأعمال وسياسات الخصخصة والاستغلال، وليكن الدرس الأول من الانتخابات النقابية للدورة الحالية على ضوء الخبرات السابقة والمتكررة من تزوير الانتخابات، هو فضح طبيعة التنظيم النقابي الذي يتشكل بهذه الطريقة، لخدمة مصالح رأس المال وتسهيل استغلال العمال، وليكن الدرس الثاني هو أن الأمل الوحيد في مواجهة الفساد والإستغلال هو حركة العمال الجماعية التي تتشكل من قلبها تنظمياتهم المستقلة والحرة.