بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

الانفجار القادم.. قادم

الإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات تزداد ومرشحة للازدياد والاتساع يوما بعد يوم. ويمكنك كل يوم أن تتنبأ باندلاع إضراب هنا واعتصام هناك. بدون أي جهد أو عناء، فالأمر لم يعد مرتبط بإرادة حزب أو تنظيم. يعني لا تحريض ولا بطيخ.. لدرجة أن الحكومة وأجهزتها الأمنية كفت مؤخرا عن الإعلان عن أن هذا الاعتصام أو ذاك الإضراب تقف ورائه جماعة أو حزب أو تنظيم. وعبارة القلة المندسة كفت الحكومة نفسها عن تردادها. واستقر في أذهاننا جميعا حكاما ومحكومين أن الفاعل الدائم لهذه الإضرابات والاحتجاجات هو الحكومة ذاتها وطبقتها التي توحشت وانسعرت. الإيجابي في الأمر أنها كلما حاولت النيل من فئة أو طبقة هبت لمواجهتها. ميل جديد لدي المجتمع لرفض الأمر الواقع عبر الناس حاجز السلبية واللامبالاة والخوف من الحكومة وبطشها. انتقلوا من موقع الانسحاب إلى مواقع الهجوم.. الانتقال الجديد من المجتمع من حالة الشكوى المكتومة والشعور بالظلم إلى حالة مواجهة الظلم ومقاومته وفضحه ورفضه.. الحالة الجديدة التي ينتقل إليها المجتمع مرشحة لأحد مسارين:-

المسار الأول: أن تتصاعد الاحتجاجات وتنتشر ويأتي الانفجار القادم غير المنظم ليحرق الأخضر واليابس ويدمر البقية الباقية من ثروات هذا الشعب التي لم تنهب بعد. وتعصف بالحكومة والمعارضة معا وتضع البلاد علي شفا حرب أهلية نشم رائحتها في النار التي تفور وتخبو بلا أي حساب. في ظل غياب وضعف قوى التقدم في المجتمع. هذه الحالة ترشح الانفجار القادم لحالة من حالات الفوضى العارمة والتي لا يستطيع أحد أن يتنبأ بما يعقبها بعد أن تضع الفوضى أوزارها. هل يعقبها حكم فاشي أكثر فاشية من الفاشية القائمة؟ هل يعقبها جنرال جامح يعتلي الوطن المحترق ليفرض النظام والهدوء دون أي رؤية للبناء؟ هل يعقبها احتلال أجنبي يسارع لتأمين هذه المنطقة الهامة في العالم لصالح أطماعه الاستعمارية؟ هل يعاود ذات الحلف الطبقي الحاكم تنظيم صفوفه ويعاود فرض سيطرته علي الأوضاع ليخضعها من جديد لأطماعه ويعيد تكرار تجربة 18 و19 يناير التي أعقبها مزيد من الاستبداد والسيطرة والنهب والاستغلال لثروات هذا البلاد؟ احتمال الفوضى العارمة بعد الانفجار القادم قائم وهو في ذات الوقت يفتح كافة احتمالات الخراب والارتداد والعودة للخلف، بل وإهدار نضالات وعذابات وشقى عمر أجيال من الحركة الوطنية المصرية.. احتمال قائم ويطرح نفسه.

المسار الثاني: أن ينمو في هذا الوطن وليد جديد يتطلع إلى المستقبل الآتي خلال عام. ويكون هذا الوليد حلفا وطنيا يحمل في جيناته الصفات الوراثية للحركة الوطنية المصرية، ذو أبعاد تحررية تستجيب لتحدي التبعية المفروضة علي بلادنا، وأبعاد اجتماعية تستجيب لتحدي الإفقار والفاقة التي يعانيها أغلبية شعبنا، وأبعاد توحيدية لوطن أريد له أن يتمزق إربا حتى يسهل قضمه وهضمه بسهولة من القوي الاستعمارية في أوسخ مراحل تطورها.

هذا الوليد ينمو جنبا إلى جنب مع قوى الاحتجاج الاجتماعي الشريف يدرسها ويرقبها ولا يركبها. يقدم لها المبادرات والحلول ولا يتعالى عليها. يسبقها بخطوة واحدة ولا يسابقها بآلاف الأميال يقدم نفسه لها كمعاون بدلا من أن يشطح بعيدا بعيدا خارج سربها ليغرد وحده. وبدلا من أن يهرب منها محلقا في الأسقف العالية والشعارات المفارقة يندمج فيها لتندمج فيه ليتم التلقيح الطبيعي في آتون الرفض الاجتماعي وعلى نار ووهج الحركة الوطنية الشريفة. هذه الرؤية سيقف ضدها أطفال أنابيب الحركة الوطنية الذين يصرون علي أنانيتهم وذاتيتهم. إنهم لا يرون في هذا العالم إلا أنفسهم. إنهم يتصورون أن العالم ما هو إلا صدى لأفكارهم وعبقرياتهم. كما يرفضون أي تعاطي مع المتغيرات التي تشهدها الأوطان أنهم كائنات فوق الأوطان. يحلقون في عالم الأفكار لا ينظرون إلا إلى سمائهم. تراهم مرفوعي الرأس ولم يحرروا شبرا واحدا في وطن محتل ومستباح وشعب يستذل كل يوم. إن حفرة بسيطة على الأرض كفيلة بطرحهم على ظهورهم وكسر رقابهم التي لا تعرف إلا النظر لأعلى.

هذا الوليد الجديد لم يولد بعد. توجد محاولات لولادة قيصرية أراها ستؤدي إلي مواليد مبتسرين. وليس وليدا واحدا جميلا.

فهيا معا نتهيأ لهذا الميلاد..

فأجمل أطفال العالم لم يولد بعد.

طفلنا الجميل لا يعيش علي المحاليل بل يتغذى عبر حبل سري مربوط بهذا الوطن وبعارقيه.. فعرق العمال والفلاحين هو أكسير الحياة لهذا الوليد. فليفتح الباب لحوار بناء حول هذا المولود وإلا فلننتظر قدوم الطوفان المجهول.