الاشتراكي يرصد معاناة عمال “أطواب” بمصانع الطوب الطفلي بـ”جرزا” و”التبين”

في بادئ الأمر يجب التنويه عن أننا لا نكتب تقريراً عن الأوضاع المزرية لعمال المحلة في ثلاثينيات القرن الماضي مثلا بل عن اكثر من عشرة ألآف عامل من قرية أطواب (إحدى قرى مركز الوسطى بمحافظة بني سويف) والتي تعمل الغالبية العظمى من قاطنيها في مهنة إنتاج الطوب الطفلي من مصانعه في قرية “جرزا” أو في منطقة “التبين بحلوان” منذ اكثر من أربعين عاماً في القريه نفسها وحتى الآنفي و جرزا والتبين. وإلى نظرة موجزة عن ظروف العمل اللا آدمية التي يعمل بها العمال إلى جانب أطفال لم يتجاوزوا الثالثة عشرة من عمرهم بعد.
أولآ : تاريخ العمل بالمنطقة
بدأ أكثر من 6 مصانع بقرية أطواب في إنتاج الطوب الطفلي إعتمادآ على ساكني القريه من الفلاحين وأبنائهم ونقله وتوزيعه بإستخدام القوارب حيث مكان إنشاء المصانع قرب النيل مقابل أجر لا يكفي قوت اليوم بكل معنى الكلمة. تم غلق المصانع الموجودة بالقرية لظروف المنافسة مع المصانع الأحدث في التبين ثم مؤخرآ في قرية جرزا.
ثانيآ : ظروف العمل حاليآ بجرزا وبعض مصانع التبين
يقوم نحو 70 مصنع لإنتاج الطوب الطفلي بالإنتاج في منطقة جرزا يحتاج كل منها إلى 4 ورديات عمل”كلهم من عمال قرية اطواب” في مختلف خطوط الإنتاج بمتوسط 18 عامل بالوردية ينتجون ما متوسطه 750 ألف طوبة خلال 5 ايام عمل بالإسبوع الواحد مقابل 11 جنيه لكل ألف طوبة كمتوسط أجر في مختلف خطوط الإنتاج الثلاث ” خط الخلط وإنتاج الطوب ثم خط حرق الطوب ثم خط تحميل عربات النقل المختصة بنقله وتوزيعه هذا الخط الأخير الذي يعمل به ورديتان إحداها صباحية والأخري مسائية بمتوسط 10 ساعات يومياً للوردية الواحدة “
ولو تحدثنا عن ظروف العمل فحدث ولا حرج حيث يعمل العمال في درجات حرارة تصل إلي أكثر من 50 درجة مئوية، فضلآ عن طبيعة العمل الخطيرة جداً والتي تسبب حتماً الإصابة بالغضروف عند سن لا يتجاوز الأربعين، كل ذلك في غياب تام للتأمين الصحي وكذا غياب اي شكل من أشكال التنظيم النقابي نظرآ لأن غالبية العاملين بالمصانع هم اصلاً من الفلاحين ومن الجدير بالذكر هنا زيادة نسبة التسرب من التعليم في القريه كون العمل بها مجز بالنسبه “للأطفال” الذين يمثلون عبئاً ثقيلاً على الآباء حيث لا يجدوا ما يمنعهم من رفض ذلك طالما إن “الواد بيجيب جنيه للبيت “
كما تعمل نحو 200 ورديه من نفس القرية “اطواب” في نحو 50 مصنع من مصانع الطوب الموجودة بمنطقة التبين بحلوان في ظروف أقسى من تلك التي يعمل بها العاملون في منطقة جرزا كونها تستدعي الإقامة والنوم طوال أيام العمل الخمسة في مصنع الإنتاج والذي لا يوفر أبسط الحقوق الآدميه للعيش كغرف للنوم تحتوي علي أسره بل ينام العاملون في غرفة واحدة مفترشين تحتهم “ملائة ” او “كرتونة” وكذا يتطلب الأمر النزول إلى حلوان للحصول على الطعام والشراب هذا المصنع الذي لا يهتم صاحبه سوى بمص دماء الغلابة من العمال بعدما يقيم مصنعه على أرض تم “سرقتها” من ثروة الشعب مقابل 50 قرشا للمتر في منطقة جرزا ولا يكلفه إنشاء المصنع اكثر من مليون ونصف المليون جنيه ليبيع بعد ذلك الـ1000 طوبه من مصنعه قبل النقل للمستهلك العادي بـ180 جنيه والذي لا تتعدى تكلفته الإجمالية 110 جنيه “” بمتوسط إنتاج إسبوعي 750ألف طوبه “” بما يتيح له إنشاء مصنعاً آخر في أقل من عامين .
يذكر أنه كانت هناك محاولة لإنشاء نقابة مستقلة لعمال عقب الثورة لكنها بائت بالفشل لأسباب عديدة منها عدم قدرة القائمين عليها على تولي مهام الاستمرار في إنشائها وتشجيع العمال على إخراجها للواقع.
هذا غيض من فيض المعاناة التي لن تُحس إلا بالإشتباك ميدانياً مع هؤلاء العمال الذين اعتذر لهم مسبقاً عن فشلي في وصف ما يعانونه .