بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال وفلاحين

رغم التشويه والهجوم:

الأطباء مستمرون في أكبر إضراب في تاريخهم

يدخل اليوم، 6 أكتوبر، إضراب الأطباء الجزئي يومه السادس بدون أي بوادر لحل الأزمة التي فجرها قرار الأطباء في جمعيتهم العمومية 21 سبتمبر ببدء إضراب جزئي مفتوح بداية من الأول من أكتوبر 2012 والأهداف هي:

  1. إقرار قانون تنظيم عمل الهيئات الطبية والمعروف إعلامياً بإسم كادر الأطباء.
  2. زيادة ميزانية الصحة إلى 15% من الميزانية العامة للدولة.
  3. تأمين المستشفيات والأطقم الطبية.

وقد شهد الإضراب نجاحاً ساحقاً من حيث نسبة المستشفيات والمراكز الصحية المشاركة، ومن حيث نسبة الأطباء المشاركين في الإضراب والتي تجاوزت 80% في اليوم الاول و70% في اليومين الثانى والثالث وحتى تعليق الإضراب في اليوم الرابع لصرف الأدوية للمرضى ذوي الأمراض المزمنة وقرارات العلاج على نفقة الدولة كما حدد بروتوكول الإضراب.

“الصحة” تكذب و”الرئاسة” تصمت

وبالرغم من الإنكار الأولي لوزارة الصحة لنجاح الإضراب في اليوم الأول والتقليل من نسب المشاركة فيه لنسبة 4,2% من المستشفيات، إلا أن هذا الإنكار لم يستمر طويلاً فبداية من اليوم الثانى من الإضراب أنقلب التجاهل الى هجوم شرس من قيادات وزارة الصحة ومديريات الصحة ومديري المستشفيات على الأطباء المضربين وتهديدات مبطنة وصريحة ضدهم.

ولعل الاستراتيجية الناجحة التي تبنتها اللجنة العامة للإضراب، والتي عملت على قطع كل الموارد المالية التي تستقطع من المريض المصري محدود الدخل لصالح أساطين وزارة الصحة، والتي قضت بالكشف على جميع الحالات في الاستقبال بالمجان وغلق العيادات الخارجية ومنع قطع التذاكر بمقابل مادي، كانت هي السبب في ذلك التحول في موقف الوزارة؛ فالخسائر التي تجاوزت في أقل التقديرات 25 مليون جنيه مصري، والدعم الشعبي المتصاعد يهددان بتعثر مشروع تحويل الخدمة الطبية إلى سلعة تُباع وتُشترى وتضرب مبدأ اكتفاء المستشفيات المالي ذاتياً على حساب المواطنين في مقتل.

وكان موقف النظام – في ثوبه الإخوانى الجديد – مميزاً؛ فبعد مفاوضات فاشلة للجنة الإضراب مع مستشار الرئاسة للشئون القانونية، المستشار محمد فؤاد جاد الله، قبيل الإضراب، تمسكت فيها اللجنة بمطالب الأطباء ورفضت عروضاً قدمت للتنازل عن الكادر وزيادة الميزانية بدعوى أن الرئيس لا يريد الإسراف في استخدام سلطته التشريعية، اتخذت مؤسسة الرئاسة من الصمت ستاراً لها ولم تخرج بتصريح أو بيان واحد سواء للأطباء أو للرأي العام في تجاهل تام لأكبر إضراب للأطباء على الإطلاق في تاريخهم، وفي موقف يذكرنا كثيراً بنفس تصرفات وأسلوب النظام السابق في تجاهل الأزمات والاحتقانات الاجتماعية.

“الحرية والعدالة” يهاجم الإضراب

وعلى العكس من معظم الأحزاب والمنظمات السياسية والتي ضمت الاشتراكيين الثوريين والتحالف الشعبي والدستور والوسط والكرامة والناصري والمصري الديموقراطي الاجتماعي و6 أبريل وغيرها من الأحزاب والقوى السياسية التي دعمت وأيدت المطالب العادلة لإضراب الأطباء، كان الهجوم والانتقاد للأطباء وتشويه إضرابهم هما الصفة المميزة لحزب الحرية والعدالة الحاكم سواء على صفحات جريدته الرسمية أو على صفحات الإنترنت.

ولم يكتف الإخوان المسلمين بالتشويه الإعلامي لطبيعة إضراب الأطباء الجزئي ومطالبه، ولكنهم أيضاً عمدوا إلى تنظيم قوافل طبية برعاية الجماعة لتعويض النقص الوهمي والمزعوم في الخدمات الصحية بسبب إضراب الأطباء وقامت قيادات الجماعة بوضع خطة للعمل مع مديري المستشفيات وقيادات وزارة الصحة لكسر الإضراب بدعوى تخفيف الضغط على الرئيس مرسي وقاموا بنشر الشائعات والدعاية المضللة عن كون الإضراب مدبر من الجماعات اليسارية والاشتراكية، ولعب رجلهم القوي في نقابة الأطباء، د/ عبد الفتاح رزق صاحب أحد أكبر المراكز الطبية الخاصة بالمعادي، الدور الأكبر في عملية التشويه القذرة لليسار المصري. بينما لعب رجلهم القوي في وزارة الصحة، د/ إبراهيم مصطفى مساعد الوزير لشئون الأزمات والذي تم تعيينه في منصبه بقرار جمهوري بعد دوره الكبير في مشروع العلاج في نقابة الأطباء والذي عاد على الإخوان بفوائد ضخمه وعلاقات متشعبة مع أصحاب المستشفيات الخاصة، لعب الدور الأكبر في التنسيق مع قيادات وزارة الصحة من الفلول.

وبالرغم من الدور المألوف الذي لعبته الكوادر الوسيطة من أطباء الجماعة ككاسرين للإضراب (وهو الدور الذي طالما لعبته كوادر الجماعه في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي) إلا أن من الملاحظ أن الغالبية الساحقة من شباب أطباء الإخوان قد التزموا بقرار الجمعية العمومية للأطباء وشاركوا زملائهم في الالتزام بالإضراب وآلياته.

الأطباء صامدون

وأمام المحاولات التخريبية لكسر الإضراب على يد قيادات إخوانية، كنقيب الجيزة عبد الناصر صقر، وكعضو النقابة العامة أمين قابيل عضو النقابة العامة لأطباء مصر في قيادته لكسر الإضراب بمستشفى السنطه العام وتهديد زملاؤه بالعقاب في حالة الإضراب، والدكتور محمد خطاب أحد أعلام إخوان مدينة كفر الزيات، والدكتور علي بحر الذي كان عضوا سابقا في نقابة أطباء الغربية وهو من قيادات إخوان المحلة مع الأخ الدكتور قطب والأخ الدكتور محمد حفور (من أعلام إخوان المحلة)، ونقيب الدقهلية الدكتور جاد المولى، وقيادات الإخوان في نقابة كفر الشيخ والتي علقت الإضراب بالمخالفة للقانون وغير هؤلاء كثير.. هناك مشاركة ملحوظة في عدة مواقع من جانب شباب أطباء الإخوان الذين صمدوا أمام ضغوط قياداتهم واستمروا في الإضراب وهو ما يعكس بداية لزياده ثقل الاستقطاب الطبقي على حساب الاستقطاب الأيديولوجي، وهو ثقل مرشح للزيادة مع توقعنا بتزايد واحتدام الصراع الطبقي في مصر في الفترة المقبلة.

في النهاية، لا يزال إضراب الأطباء مستمراً وهناك مشاهدات حول تزايد نسبة التضامن والإضراب بين الفئات المعاونة للأطباء البشريين من صيادلة وتمريض وأطباء أسنان وفنيين وغيرهم، كما أن هناك رغبة في الاستمرار بين القطاعات العريضة من الأطباء في الإضراب وتوسيعه ليصبح إضراب مجاني (بمعنى تقديم الخدمة الطبية بالمجان للمرضى)، وهو ما يعني ضرورة دعمنا كاشتركيين ثوريين لهذا الإضراب الحيوي والهام والذي يمس عصب الحق في الصحة والعلاج المجاني بكل قوة، والوقوف مع الأطباء في نفس الخندق ضد سياسات النظام النيوليبرالي في ثوبه الإخواني الجديد.

الحق في الصحة خدمة وليس سلعة.. النصر لإضراب الأطباء ومطالبهم العادلة.