الوزير “الثائر” وإضراب الأطباء
يمضى اليوم ما يقارب الشهرين على تولى الوزير “الثورى” د/ عمرو حلمى لوزاره الصحة، و بالرغم من ذلك أستمر الاطباء فى تنفيذ إضراب جزئى – هو الثالث فى هذا العام – من يوم السبت 10 سبتمبر و لمده 3 أيام. ثم تلى ذلك إضرابات كلية فى بعض المستشفيات و المحافظات.
يبدو هذا غريباً للكثيرون حيث ان الوزير الجديد ” القادم من التحرير” قد تم تعيينه بعد طرح أسمه بواسطه أطباء بلا حقوق و إئتلاف القوى المطالبه بحقوق الاطباء و هما القوتان الأساسيتان فى حركه الاطباء الإحتجاجيه حالياً و تكونت منهما اللجنه العليا المنظمه للإضرابين السابقين.
ولكن قد تزول الغرابة إذا ما علمنا أن أول مطلب للقوتان فى الإضرابات السابقة كان إقالة الوزير التابع للحزب الوطنى د/أشرف حاتم و تطهير وزاره الصحه من القيادات الفاسده و المنفذه للسياسات الصحيه الفاشله طوال عقود و التى كانت تمهد الأرضية لخصخصه القطاع الصحى الحكومى بشكل أو بأخر وتحاول تغيير وضع المصريين من مواطنين لهم الحق فى العلاج الى زبائن لا يتلقون الخدمه الا بقدر ما يدفعون.
ساهمت سياسات الخصخصه الفاشلة فى تحويل المستشفيات الحكومية الى خرابات بمعنى الكلمه يعانى فيها المواطن من الإهمال و نقص الخدمات، و كان لإنحدار الوضع الصحى و الإنسانى للمواطن المصرى دور فى إنحدار وضع الطبيب و الممرض و الفنى اللذين يقدمون له هذه الخدمات بالتبعية، و صارت الهجره إلى امريكا وأوروبا او العمل فى الخليج هى المخرج الوحيد للاطباء من هذا الإنحدار الشديد فى مستوياتهم الإقتصاديه و الأجتماعية.
اليوم و بعد الثوره و بعد مشاركة الاطباء فى أحداثها اليومية فى المستشفيات الميدانية وفى المستشفيات العامة وإختلاطهم بالشهداء اللذين ماتوا على إيديهم و بالجرحى اللذين أستخلصوا الرصاص و الحديد من اجسادهم، يرفض الاطباء المشاركه فى هذه المؤامرة على صحة الشعب المصرى ويرفضون الإستمرار فى هذه التمثيلية السخيفة التى تدعى فيها الحكومة الإهتمام بصحة المواطن المصرى، إن ميزانية للصحة لا تصل إلى 4% من ميزانية الدولة هى مأساة مستمرة حتى الان ومؤامرة على صحة هذا الشعب الثائر. ان إنعدام الأمن فى المستشفيات للمرضى والأطباء والتمريض وتحويل المستشفيات الى ساحات للقتال والثأر بينما تقف قوات الشرطة فى موقف المتفرجين فى الوقت الذى تكثف فيه الداخلية قواتها لحراسة مباريات الكرة وقمع المتظاهرين و حراسة صينية التحرير لهو دليل على أن النظام لايزال قائماً ولايزال يضحك فى وجوهنا ولايزال يعاقبنا على قيامنا بالثوره ضده.
لاتزال قيادات وزاره الصحة الفاسدة فى مواقعها ولاتزال سياساتها قائمة ولايزال المرضى المصريين الفقراء فى معاناة يومية يفقدون صحتهم ببطء ويموتون فى صمت.
د/ عمرو حلمى وزير الصحة ….التطهير مطلبنا لا ينبع من مجرد غريزة الانتقام من رموز العهد البائد و لكن لأنه يحتوى على دلالات اجتماعية و اقتصادية و سياسية فى غاية الاهمية، فالديكتاتورية قبل ان تكون نظام سياسى شمولى يستند على اداة قمعية “جهاز الشرطة”، فهو أيضا يستند على تركيبة اجتماعية واقتصادية فى غاية التعقيد تمتد جذورها من اكبر مؤسسة فى البلد ” مؤسسة الرئاسة ” إلى أصغر وحدة صحية او مستشفى او شركة ولذا لم يكن غريب على الثوار المصريين الذين طالما هتفوا بسقوط النظام ان تستمر حركتهم بعد الاطاحة بالديكتاتور مبارك، فمطالب مثل اختيار قادة او عمداء الجامعات و جعل اختيارهم بالانتخاب بدلا من التعيين وتغيير الوزراء و رؤساء الشركات و المصانع و المستشفيات الفاسدين و عملاء النظام السابق هى مطالب فى صُلب الحركه الثورية، وهي الضمان الأساسى لإكتمال التخلص من مؤسسات السيطرة الناعمة للديكتاتورية من المنبع، إعتماداً على معرفة ودرايه العاملين بكل منشأه بالفاسدين وبعملاء النظام السابق فيها.
د/ عمرو حلمى …. إن كنت غير قادر أو غير راغب فى القيام بهذه المهمه فأطباء مصر الشرفاء لن يهدءوا حتى القيام بها , و هم قادرين أن يستمروا فى الثوره و الاحتجاج لتحقيق مطالبهم و الإطاحه بكل من يقف ضد تحقيقها , فكما تغير ثلاته وزراء للصحه فى أقل من عام نحن قادرون على تغيير الرابع حتى و إن كان يرتدى قناع الثوريه المصطنع.
الى الشعب المصرى الثائر العظيم …. اطباء مصر أبناء هذا الوطن لن يختاروا الحلول السهلة كالهجرة للخارج او العمل للخليج بعد اليوم، و لن يمصوا دماء هذا الشعب فى العيادات الخاصة، و لن يسكتوا بعد اليوم على معاناة المرضى فى المستشفيات الحكومية.
الصحة و الحق فى الحياه هى الاولوية الأولى لأى شعب و لن نتنازل عن هذا الحق لاهلنا وشعبنا العظيم… ندعوكم جميعاً لمسانده إضرابنا.
د/ محمد شفيق
عضو أطباء بلا حقوق
عضو الإئتلاف الرسمى للأطباء