عام على النصر
بعد أيام قليلة يحتفل موظفو الضرائب العقارية، ومعهم قيادات الطبقة العاملة، وحلفاؤها بالذكرى الأولى لتأسيس أول نقابة مستقلة في مصر منذ ما يزيد على الخمسين عاما. وهو الحدث الذي يمثل علامة فارقة في تاريخ الحركة العمالية، وبل وفي الحياة السياسية.
نقابة الموظفين أحدثت قطعية مع إرث طويل من هيمنة الدولة على النقابات وسيادة منطق «المشهلاتية» في العمل النقابي، ونجحت في ضم 40 ألف موظف ينتشرون في كافة ربوع الوطن لعضويتها، بعد إضراب شارع حسين حجازى العظيم عام 2007 ، لتقدم الأمل لكل عمال مصر في إنتزاع حريتهم النقابية، ليس بالكلام ولا بمشاريع القوانين، ولا بالأماني الطيبة، ولكن بالنضال وسط القواعد العمالية.
النقابة «الوليدة» أثبتت أيضا أن الطبقة العاملة مناضل طليعي من أجل الديمقراطية، فعلى مدى سنوات طويلة بح صوت مثقفي الطبقة الوسطى وكافة القوى السياسية للمطالبة بتأسيس احزاب ونقابات حرة ولكن الطبقة العاملة وحدها استطاعت أن تتحدى قوانين الطوارئ والنقابات العمالية، لتعطي أملا وزخما لكل المناضلين من أجل الحرية والتغيير.
بقاء النقابة المستقلة واستمرارها في مواجهة تحديات اليوم الكثيرة.. يحتاج إلى جانب التفاف كل القوى السياسية والعمالية إلى التمسك بالديمقراطية والعمل القاعدي، والأهم النضال من اجل تأسيس النقابات والروابط واللجان والجمعيات المستقلة في كافة مواقع العمل، إلى جانب خوض معركة تحرير النقابات المهنية.
واليوم ، نحن على موعد مع إحدى هذه المعارك، في الانتخابات التي تشهدها نقابة الصحفيين، وهي النقابة التي شهدت، بالمناسبة، إعلان تأسيس نقابة الضرائب العقارية، حيث يخوض مرشح تيار الأستقلال ضياء رشوان معركة تكسير عظام مع مرشح الحكومة مكرم محمد أحمد، ودلالات المعركة واضحة، لا لبس فيها، فالأول ينحاز إلى الصحفيين والمهنة والانفتاح على قضايا المجتمع، ويقف في خندق مواجهة الخصخصة والحبس والإفقار، والتشريد والتطبيع، والثاني ينتمي إلى نادي رؤساء التحرير ومجالس الإدارات .هؤلاء الذين تحركهم الدولة بـ«الريموت كنترول» وعبرهم يتم إفساد عدد من الصحفيين ليتحولوا إلى ابواق دعاية للعصابة الحاكمة.ونظرة واحدة للهجوم المنظم على محمد البرادعي عقب إعلانه عن موافقته المشروطة للترشيح للرئاسة تكفي وتزيد، هذا فضلا عن تخليهم، بحكم مصالحهم، عن النضال من اجل حقوق الصحفيين، ومن أبرزها الكفاح من أجل إنتزاع كادر جديد للأجور يسمح للمحررين ان يحيوا حياة كريمة .
وفي هذا السياق فإن فوز ضياء رشوان بمنصب نقيب الصحفيين، سيعد بحق خطوة مهمة لإستعادة النقابات المهنية من براثن الحكومة، ولإعادة الأمل في إمكانية التغيير في هذا البلد.