ستة أعوام على توقيع اتفاقية الكويز:
ماذا جنى العمال؟

أكثر من 2000 عامل تم فصلهم العام الماضى من شركة أبو السباع للغزل والنسيج التى يملكها اسماعيل أبو السباع أحد خمسة رجال أعمال مستفيدين ماليا من اتفاقية الكويز. بينما هناك أكثر من 400 ألف فرصة عمل وعدت بها الحكومة عند بداية توقيع الاتفاقية. فماذا جنى العمال إذن من اتفاقية الكويز بعد مرور ستة أعوام على توقيعها بين مصر واسرائيل؟ الكويز هو بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة لتصدير المنتجات للسوق الأمريكى، على أن يكون 11% من المنتج هو مكون إسرائيلى. الدعاية الإعلامية الحكومية نادت بالرخاء الاقتصادى عند الدخول للاتفاقية، وفى كل عام يمر على توقيعها يثقل كشف الحساب بأوراق جديدة تتعلق بجدواها ومدى الاستفادة منها. فوفقا للأرقام فإن 25% من صادرات الكويز يستفيد منها خمسة رجال أعمال يطلق عليهم "لوبى الكويز" من بين ما يزيد عن 800 شركة منسوجات لم تصدِر 70% منهم شيئا!! وهو ما يبدو أن المكاسب التى اكتسبها أصحاب العمل بدخولهم صفقات الكويز لم تقتصر على إيجاد أسواق أجنبية جديدة متمثلة بالسوق الأمريكى والمعفى من الضرائب, بل كانت مكاسب سياسية بدخولهم صفقات مع السلطة, تحالفت من خلالها مصالح رجال الأعمال لمضاعفة أرباحهم البنكية, وسعت لتجذير هذا التحالف السياسى الداخلى بتحالف اقتصادى خارجى يتشابك به كل المنتفعين,. أما المصانع الصغيرة فوقعت، على العكس، فى شراكة من الجانبين، فداخليا أصبح غزو المنتجات الصينية بالأسواق المحلية وبأسعارها الرخيصة جانب تنافسى لم تستطع أغلب المصانع التكيف معه مما سبب لها الخسارة، وخارجيا تم رفع الحماية الجمركية عن بعض السلع بموجب اتفاقيات التجارة الحرة، كما تم إلغاء نظام الحصص التصديرية لأمريكا والمتبع قبل الاتفاقية وهو أيضا ما سبب الخسارة. ليظل إذن الاتجاه الإجبارى الذى فرضته الحكومة على الشركات الغير موقعة فى الاتفاقية أن توقع, وهو اتجاه لا يخلو بالتأكيد من صراعات تنافسية مع كبار الحيتان , كما أنه لا يخلو من خسائر مادية ووصمة عار التطبيع مع اسرائيل . انعكس أيضا تأثير الاتفاقية على مصانع الإكسسوارات الصغيرة والتى لم تجد إلا تدمير للسوق المحلى بعد الاعتماد الكلى على استيراد تلك الكماليات من اسرائيل عما يتم انتاجه محليا, فحدث ولا حرج, غلق 50 مصنع منهم على الأقل. كل هذه الأوضاع عمدت إلى كشف عمليات التزوير التى يمارسها النظام بشكل مستمر، فأكذوبة الاستثمارات الأجنبية التى قد تصل إلى عشرة مليارات دولار بحلول خمسة أعوام من توقيع الاتفاقية، لم يصدقها واقع الأرقام حول تحقيق 700 مليون دولار فقط العام الماضى وسط خسائر كبيرة تعرضت لها الشركات والأسواق المحلية، كما لم يصدقها أيضا الواقع العمالى الآن. فما شهده عمال مصنع أبو السباع للمنسوجات من فصل وتشريد واعتقال, كذلك تهرب المالك من دفع الرواتب المستحقة للعمال وحرمانهم من الضمانات الاجتماعية والتأمينات، هو أيضا ما يشهده عمال شركة تراست للمنسوجات القطنية بالسويس من تسريح لأمهر الكفاءات وإغلاق المصنع بعدما كان أحد أهم مصانع المنسوجات القطنية وهو ما يشهده قطاع النسيج ككل. لكن سواء كان المصنع تابعا لأحد المستفيدين من الكويز أو لأصحاب العمل المتعثرين, فالنتائج لم تختلف كثيرا فى صفوف العمال. فالعامل فى ظل الكويز ربما يحصل على أجر أعلى نسبيا من العمال الآخرين، ولكنه فى المقابل يخرج من تحت مظلة التأمين الصحى، ويُجبر العامل على توقيع استمارة 6 وعلى نموذج للاستقالة قبل استلام العمل, فيظل العامل تحت هذا الأسلوب الاحتيالى خائفا من مجرد المطالبة بحقوقه حتى لا ينقطع عمله كمستقيل، وهو ما لا يعطيه الحق فى الحصول على مكافأة خروجه!! وأيضا سواء كان المصنع يربح أو لا يربح، فظروف العمل لا تختلف باستيراد 11% من مكونات المنتج من اسرائيل قد تتضمن مواد خطرة يتنفسها العمال دون توفير الكمامات أو أدوات الوقاية أو حتى توفير العلاج اللازم، مما أدى إلى موت اثنين من عمال شركة سبأ للملابس ببورسعيد بأمراض سرطانية فى ظل عدم الرقابة الحكومية على شحنات اسرائيلية محملة بتلك المواد الخطرة ! إذن فالحكومة التى قررت التطبيع الاقتصادى مع الكيان المحتل قررت أيضا تهميش حقوق العمال وهم الوقود الأساسى للإنتاج, وقررت أيضا حماية التطبيع ومواجهة احتجاجات العمال بالأجهزة الأمنية. وهى الحكومة التى تم اكتسابها لصالح اسرائيل سياسيا بتصدير الغاز الطبيعى بأبخس الأثمان فى وقت توشك به البلاد على حدوث أزمة طاقة، وهى أيضا نفس الحكومة التى عرضت المشاركة فى إطفاء اشتعالات الحرائق التى اندلعت مؤخرا بحيفا اسرائيل، فى حين أن اشتعالات تزوير الانتخابات ماتزال متأججة بالشوارع المصرية، وما كان مهرجان فرح البحر الثقافى والمقام سنويا بالاسكندرية وبمشاركة وفود إسرائيلية إلا امتداد لسلسلة تطبيعية تهدف تعزيز أوضاع المستغلين للشعب. كل هذا يؤكد أن نضال العمال فى صفوفهم بالمصانع لا ينفصل عن نضالهم ضد تآمر حكومى مع محتل صهيونى يضرب مصالح الجماهير العريضة.
اقرأ أيضاً: الكويز.. كذبة من يصدقهاالعصابة الحاكمة وعمال النسيج في مصر