بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال «الاستثمار» ببورسعيد.. أجور هزيلة وظروف عمل قاسية

في المنطقة الصناعية ببورسعيد، المعروفة بمنطقة “الاستثمار، يعمل ما يقرب من 20 ألف عامل في مصانع تصنيع الملابس الجاهزة في إطار اتفاقية الكويز “التصنيع المشترك مع إسرائيل بضمان التصدير للولايات المتحدة”.

تعاني المنطقة، كغيرها من المناطق الصناعيىة الجديدة في مصر، من تدني الأجور والتضرر الكبير من قانون الاستعباد المسمى قانون العمل لسنة 2003، علاوة على فساد إدارات القوى العاملة وتواطؤها مع رجال الأعمال.

خاض عمال هذه المنطقة العديد من الإضرابات منذ بداية الثورة للمطالبة بتحسين أحوالهم وظروفهم المعيشية، في سبتمبر ونوفمبر 2011، كما شاركوا في العصيان المدني ببورسعيد إبان حكم محمد مرسي، وكانت لهم مسيرات مناهضة لحكم الإخوان على أمل أن الإطاحة بالاخوان ستساهم بشكل أو بآخر في تحسين أحوالهم المعيشية.

ويتقاضى العامل غير المدرب أجرا يتراوح بين 500 إلى 700 جنيه شهريا، بينما يبلغ أجر العامل المدرب بين 700 إلى 900 جنيها كإجمالى راتب شامل، حيث أن الراتب التأميني لا يتجاوز 200 جنيه. ولمواجهة الإضرابات العمالية المتصاعدة للمطالبة بتحسين الأوضاع، شكّل رجال الأعمال في المنطقة ما يُسمى بـ “جمعية المستثمرين” لتوحيد جهودهم ضد العمال.

ولمواجهة هذه الظروف القاسية كان العمال دائما ما يقبلون بالبقاء في المصانع للعمل بأوقات عمل إضافية (أوفرتايم لأربع ساعات مُضافة إلى الساعات السبعة الأساسيين) لرفع مستوى المعيشة قليلا وكبديل للعمل لما لا يقل عن 8 ساعات في أماكان أخرى، حيث أن معظم العمال في هذه المنطقة ليسوا من أبناء بورسعيد ويصعب عليهم ذلك، فكانو يقبلون دائما بالعمل في أوقات الإجازات الأسبوعية والرسمية وأحيانا في الأعياد من أجل توفير الفتات لسداد مصاريف المدارس أو لتحقيق حلم شاب أو فتاة بالزواج في مجتمع يعتبر الزواج صفقة بيع وشراء. فالمرتيات المُشار إليها بالكاد تكفي الطعام والشراب لنصف الشهر مع الارتفاع المتزايد في الأسعار، ليأتي “الأوفرتايم” مهربا للعمال من كل هذه الأعباء.

ارتبط أمل العمال في تحسين أحوالهم منذ بداية الثورة بتطبيق الحد الأدنى للأجور عليهم. ومع وصول أبو عيطة إلى كرسي الوزارة تزايد الأمل وبعد تأكيد الوزارة في عدة مناسبات على تطبيقها للحد الأدنى على المؤسسات الحكومية، تزايد أمل العمال في المساواة في حالة التطبيق، وانتظروا بداية العام 2014 للمطالبة بتللك الزيادة، ليُفاجأوا يوم الجمعة 3 يناير بلافتة علقتها إدارة أكبر مجموعة في المنطقة “مجموعة اللوتس” على البوابة الرئيسية للمنطقة تطلب تعيينات لعمال غير مدربين بمرتب 1075 جنيه شهريا! كان هذا يعني لباقي العمال ارتفاع المرتبات في “اللوتس” وبالتالي المطالبة بالمساواة أصبح فرض عين. وفي صباح اليوم التالي نظم عمال مجموعة “سبأ والنهر الخالد” إضرابا استمر يوما واحدا وانتهى بوعد من إدارة المجموعة بزيادة المرتبات في يناير 2014.

لكن القصة لم تنته عد هذا الحد، ففي صباح الأحد 5 يناير، تفاجئ العاملون بالمنطقة الصناعية بلافتة تحمل “اعتذارا” من إدارة “اللوتس” عن “الخطأ غير المقصود بإعلان زيادة المرتبات”!! وتزامن هذا الاعتذار مع أنباء داخل مجموعة اللوتس عن أن الزيادة لن تزيد عن 100 جنيه عن الأجر الشامل، ولن يُطبق الحد الأدنى.. وبدأ تنفيذ القرارات التالية:

– غلق التعيينات في مصانع الاستثمار في الوقت الحالى.

– تفعيل ما يُسمى بعدم الممانعة (أي ضرورة موافقة مصنعك القديم على تعيينك في مصنع آخر داخل منطقة الاستثمار).

– أما القرار الأخير، وهو أهمهم وأخطرهم، فهو غلق باب “الأوفرتايم” مما يعني تجويع العمال؛ فالمرتبات لا تكفي ولن تكفي حتى لو طُبِقَ الحد الأدنى، فالحد الأدنى يعني أن مرتب الـ 1200 ينبغي أن يواجه ارتفاع الأسعار والإيجارت في الوقت الذي أُغلِقت فيه التعينات والبطالة في أوجها مع الأزمة الاقتصادية المستعرة.

عمال “الاستثمار” الآن بين نارين؛ نار رفض الزيادة الهزيلة ومواجهة الفصل والتجويع، ونارالمواجهة والتي – في أفضل الأحوال – سينتج عنها ارتفاع في مرتب قيمته الفعلية لا تقدر على مواجهة صعوبة المعيشة في ظل الأزمة الحالية.