بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال مصر يتضامنون مع غزة

نظموا حملات للتبرع، تظاهروا بالآلاف، وارتدوا الشارات السوداء.. لكن هل يمتد التضامن إلى الاعتصامات والإضرابات؟!

لعبت الطبقة العاملة دورا مهما تاريخيا في التضامن ليس فقط مع الشعب الفلسطيني، ولكن مع شعوب العالم أجمع، ففي عام 1947 اضرب عمال قناة السويس عن تحميل السفن المتوجهة لمساندة الاحتلال الهولندي لاندونيسيا ، وفي السبعينيات اعتصم عمال الحديد والصلب لمنع زيارة مجرم الحرب نافون لمصنعهم، وفي العام الماضي نظم عمال شركة المحلة مظاهرة حاشدة للمطالبة بفك الحصار عن غزة.

وفي ظل صعود الحركة الاجتماعية لم يتخلف العمال عن إظهار تضامنهم مع الشعب الفلسطيني المقاوم بأشكال مختلفة.

بداية من مشاركة آلاف العمال في المظاهرات التي جابت شوارع المدن العمالية الكبرى كالمحلة والإسكندرية وطنطا..انتهاء بمشاركة عشرات الألوف في المصانع في حملات لجمع التبرعات لصالح الشعب الفلسطيني.

حملات جمع التبرعات المصنعية وصلت إلى اللجنة الشعبية لدعم غزة، وإلى الجمعية الشرعية”، و إلى اتحاد الأطباء العرب..وكانت أرقى تعبير حتى الآن عن تحرك العمال كطبقة اجتماعية لمساندة غزة.

ومن ابرز التحركات التي استطاعت «الاشتراكي» رصدها، قيام عمال شركات أسمنت طرة، والحناوي للدخان، والحديد والصلب والسويدي للكابلات وموظفي الضرائب العقارية بجمع جنيهات قليلة لإرسالها إلى أشقائهم المحاصرين بغزة.

ويقول عامل قيادي بشركة أسمنت طرة.. مشاركتنا في إغاثة غزة أقل القليل الذي نستطيع أن نقدمه.. فنحن وهم محاصرون. وأضاف إذا استمر العدوان بالتأكيد لن تتوقف حركتنا عند جمع التبرعات. وتقول عاملة بالحناوي للدخان بدمنهور “نقتطع من أجورنا الهزيلة جنيهات قليلة، دعما وتضامنا فقط لكي نقول للشعب الفلسطيني نحن معكم“.

وفي المحلة الكبرى التي نظم عمالها العام الماضي وقفة حاشدة لنصرة غزة، قررت القيادات العمالية أن يكون مطلب فتح معبر رفح، وطرد السفير الصهيوني علي رأس مطالب الاعتصام المقرر له يوم السبت 10 يناير2009.

ويقول عامل قيادي يساري بالشركة أنه شارك المئات من عمال شركة غزل المحلة في المسيرات الحاشدة التي شهدتها المدينة طيلة الفترة الماضية، مشيرا إلى أن صمود الشعب الفلسطيني منح العمال وقياداتهم قوة خارقة وجعلنا أكثر استعدادا لتحدي إدارة الشركة الباطشة ولكي نسعى لتنظيم اعتصام عمالي كبير ضد سياسات الخصخصة والفساد. وأضاف، “الأمر واضح لدى قطاعات كبيرة من العمال أن النظام الذي يشارك في العدوان الإسرائيلي.. هو ذاته الذي يشرد العمال ويخصخص الشركات.”

لم يقتصر التضامن مع غزة على العمال الصناعيين بل أمتد إلى قطاع الموظفين، حيث أصدرت النقابة العامة المستقلة للضرائب العقارية، 27 ألف موظف، بيانا أعلنت فيه عن تضامنها الكامل مع الشعب البطل. مشيرة إلى أن خبرة معركة الضرائب العقارية تشير بوضوح على أن الحكومة المصرية لن تستجيب لمطالب الشعب المصري إلا بضغط جماهيري كبير”. وفي السياق ذاته نظم موظفو الضرائب العقارية حملات لجمع التبرعات في العديد من المحافظات. وفي أسيوط نظم موظفي التأمين الصحي مؤتمراً طالبوا فيه بطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، وبفتح المعابر.

وكانت ثمرة التبرعات العمالية هي انطلاق أول قافلة عمالية لمساندة الشعب الفلسطيني، لأول مرة منذ فترة طويلة، نظمتها اللجنة الشعبية لدعم غزة الثلاثاء 6 يناير الماضي. وأمتد التضامن كذلك إلى فئات جديدة مثل الممرضات ، حيث ارتدت ممرضات مستشفى الدمرداش الشارات السوداء تعبيرا عن رفضهم لمذابح غزة.وتقول إحدى الممرضات ل «الاشتراكي»: “الآلاف يريدون المشاركة ولكنهم لا يعرفون كيف..نريد تنظيم مظاهرات.. واعتصامات ولكننا نخشى من بطش الأجهزة الإدارية والأمنية”.

ومن جهتهم ..وتضامنا مع غزة رفض مئات الفلاحين في قرية بهوت بمحافظة الدقهلية الاحتفال بانتصارهم التاريخي على عائلة بدراوي، التي انتزعت منهم الأرض بعد معارك دامية ، ويقول فلاح قيادي: ما قمنا به أقل القليل.. مكاننا وسط المقاومة الفلسطينية.. ونطالب بفتح الجهاد فورا”.

ويبقى تساؤل مهم، لماذا لم ترتقى حركة العمال التضامنية إلى مستوى المظاهرات والاعتصامات والإضرابات العمالية رغم الغليان الذي يسود الشارع وصعود الحركة الاجتماعية؟

الإجابة في رأينا تكمن في ضعف حركة العمال التضامنية حتى هذه اللحظة مع بعضهم البعض في قضاياهم المشتركة رغم وجود مبادرات تضامنية في الفترة الماضية. والثاني غياب طليعة عمالية يسارية واسعة تعمل بدأب على ربط المطالب الاقتصادية بالسياسية الوطنية.

والثالث :تتعارض مصالح قيادات تنظيم الأخوان المسلمين الاجتماعية (باعتبارهم أصحاب شركات كبرى) مع نقل الاحتجاجات الجماهيرية إلى المصانع رغم امتلاكهم عضوية مهمة من العمال.

ومما لاشك فيه فإن الضغط الحقيقي على حكومة الحيتان لكي تغير من سياستها المنحازة للصهاينة والأمريكان لن يأت إلا إذا دخلت الطبقة العاملة طرفا في الصراع الدائر ومارست فعل الإضراب والاعتصام ..فهذا هو الدرس الأهم في مناهضة الصهيونية.

ويبقى أن رهاننا على تطور الحركة العمالية ذاتها، ولعب القوى المناضلة الجذرية دورا –قدرا إمكانياتها- في نقل معركة التضامن إلى المصانع والحقول والحواري والأزقة، وذلك دون محاولة القفز على الحركة العمالية وعدم الوضع في الاعتبار مصالح العاملين وما الذي يستطيعون فعله.