بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال «ايديال ستاندرد».. ومازال النضال مستمرا

لا تزال تداعيات التجربة الوليدة لعمال قوطة للصلب في الإدارة الذاتية مستمرة حتى الآن، فها هم عمال انكوباب يحاصرون مكتب النائب في مطلع شهر يناير  من أجل انتزاع التصديق على قرار وزير القوى العاملة الخاص بتفويض مفوض للشركة لتشغيلها بإدارة ذاتية. أما بالنسبة لعمال ايديال ستاندرد بالعاشر من رمضان، فلم يحتاج الأمر أكثر من مجرد قرار شجاع من نقابة تتمتع بدعم عمال المصنع.

فمنذ أن طالب العمال في مطلع هذا الشهر بحقوقهم المتمثلة في صرف بدل مخاطر 300 جنيه، وتطبيق رصيد الإجازات 28 يوم، طبقاً لقانون العمل بعد 2007، قامت بعدها إدارة المصنع بإغلاق المصنع يوم 3 مارس ومنع دخول أفراد النقابة العامة و تحرير محاضر كيدية ضدهم تتهمه فيها بالبلطجة وكسر بوابة المصنع، وبالفعل أقامت إدارة المصنع دعاوى فصل أمام المحكمة العمالية في بلبيس أيام 2 و3 و4 إبريل.

في اليوم التالي لتصاعد الأزمة، 4 مارس، قرر العمال اتخاذ خطوة تصعيدية بتسيير المصنع تحت الإدارة الذاتية لهم تتقدمهم في ذلك النقابة العامة، وصلت خلالها نسبة الإنتاج إلى 85% وهي النسبة التي لم يصل فيها الإنتاج في عهد الإدارة وقبل تصاعد الأزمة.

لم تستمر التجربة طويلاً، فقررت الإدارة وبمجرد علهما بهذه الخطوة المفاجئة إبلاغ شركة الغاز بضرورة وقف إمداد المصنع بالغاز، وهو ما تم بالفعل.

إن الملاحظ  لتجارب العمال في الإدارة الذاتية هو وجود ثلاثة نقاط بالغة الأهمية:

1- وجود نقابة عمالية على درجة عالية من الوعي والثورية تتقدم الطليعة العمالية وتعبر عن مصالح العمال، بل إنها تساهم في نفس الوقت أيضاً في تطوير هذا الوعي.

2- انتقال العامل من انتصار إلى آخر يساهم بشكل ملحوظ في زيادة ثقته بنفسه، فضلاً عن مراكبة ذلك لوعيه وزيادة سقف مطالبه. ففي كثير من الأحيان يعتبر أول انتصار عمالي يحرزه القطاع العمالي بمثابة بداية دق المسمار الأخير في نعش إدارة المصنع.

3- ابتكار العمال لوسائل جديدة على الساحة العمالية خصوصاً، مثلما فعل عمال ايديال يوم الأربعاء 27 مارس بالوقوف في سلاسل بشرية على طريق مصر الصحراوي لحظة خروج عمال المصانع الأخرى من عملهم، وتكرار تلك السلاسل البشرية في اليوم التالي أما جمعية المستثمرين وقسم أول العاشر، فضلاً عن قيام العمال  بتوزيع بيان يشرح فيه عامل ايديال طبيعة المشكلة التي تواجهه، كل هذا يؤكد بلا أدنى شك أن الرهان على وعي الطبقة العمالية قد بدأ يؤتي ثماره.

قد يتعجب الكثيرون من عدم دخول باقي قطاعات مصانع ايديال استاندرد في أي شكل من أشكال التضامن مع زملائهم في مصانع الخلاطات والصيني والبلاستيك. ولكن إذا عرف السبب بطل العجب؛ فقد لجأت إدارة المصنع إلى سياسة فرق تسد بين عمال المصانع وحتى بين مختلف القطاعات داخل المصنع الواحد، فعلى سبيل المثال يتقاضى عمال مصنع الأكلريك بدل مخاطر 300 جنيه على الرغم من أن المصنع لا يُصنف من ضمن من المصانع الثقيلة، كذلك لم تتوانى إدارة المصنع بالدفع ببعض العناصر العمالية ممن تم  شراء ذممهم أو استغلال سذاجتهم من أجل التحريض وبث الفرقة بين عمال المصانع الأخرى، وإشاعة أن عمال مصنع الخلاطات مأجورين يحركهم أفراد النقابة لمصالح شخصية.

إنه ومع كل معركة عمالية يتم إحرازها على الأرض سواء في ذاك المصنع أو في ذلك القطاع العمالي، فإن تأثيره سيمتد بصورة أو بأخرى، أحاديث العمال مع بعضهم البعض في موقع العمل وفي المقاهي، دور الصحافة العمالية في توضيح وتعميم هذه التجارب الناجحة في مجال الإدارة الذاتية، والمهم أيضاً هو دور النشطاء المهتمين بالحركة العمالية، فهم قريبين من تلك التجارب سواء من حيث الإعاشة أو التحليل، ودورهم لا ينحصر فقط في سرد مجموعة من الأخبار أو نقل الحدث بل بالتحليل لتلك الظاهرة أو هذه التجربة ومواكبة تلك التجارب العمالية الناجحة منها أو الفاشلة.

ما الذي يدفع نقابة عمالية مثل نقابة عمال ايديال ستاندر للدفاع عن حقوق العمال وتبني مطالبهم وهي النقابة التابعة لاتحاد عمال مصر – سيء السمعة. ما الذي يدفعها لذلك سوى أنها تضم بين جنباتها عناصر عمالية على درجة عالية من الثورية؟

أحيانا يعتبر طرح السؤال أهم من مجرد الإجابة عليه، تكفينا فقط المحاولة لفهم ديناميكية الموقف ومدى تعقيده.