بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال وفلاحين

التعتيم على مبالغ تعويضات المضارين يؤكد نية الحكومة انتزاع الأرض

“مطار” “بشتيل” “عمارة” “وراق”.. الحكومة بتاخد ما بتديش!

عزبة المطار، بشتيل، العمارة، مدينة الأمل، الوراق، جزيرة بين البحرين، تلك هي المناطق المعرضة لكوارث الإخلاء القسري بدعوى التطوير والتنمية.

لقد تحول مفهوم التطوير والتنمية بفعل تحرير السوق وتمكين المستثمرين إلى قطار يدهس في طريقه الفقراء والمهمشين، ولا يعرف سوى لغة الاستثمار والأرباح. فمن المقدر أن يصل عدد المضارين من مشروع تطوير شمال الجيزة إلى أكثر من نصف مليون نسمة.

الكارثة الأكبر هي أن الحكومة لا زالت تخبئ تفاصيل مشروع التطوير المزعوم، مهملة الأسئلة العديدة والهواجس التي تطرح نفسها على سكان تلك المناطق. كيف ستتعامل معهم الحكومة؟ هل ستمنحهم مساكن بديلة؟ وفي حالة عدم وجود مساكن بديلة ما هو حجم التعويض المادي الذي سيحصل عليه المضارون وهل سيكون كافيا في ظل ارتفاع أسعار الأراضي وحديد التسليح والاسمنت؟

يعيش السكان هناك حالة من الترقب و القلق فأعمالهم مرتبطة بالمكان فمنهم من يملك محلات أو يعمل في أماكن قريبة، ومع نزول المهندسين بالخرائط ووضع علامات على البيوت يزداد التوتر الذي تحول أحيانا إلى مشاجرات نزلت في إحداها قوات الأمن المركزي .

عاش سكان هذه المناطق لسنوات بدون ماء أو كهرباء في معاناة مريرة تجاهلتها الحكومة، وبعد أن اعترفت بهم ومدت خطوط الماء والكهرباء والتليفونات والمواصلات، لم يكد يهنأ السكان بدخول المرافق حتى أعلنت الحكومة عن عزمها إزالة تلك الأحياء العشوائية لتبيع أراضيها للمستثمرين وتصبح امتدادا طبيعيا لأحياء الصفوة في المهندسين والزمالك.

أما جزر النيل والتي يعيش أهلها على الزراعة والصيد فلم تنج أيضا من المذبحة، ففي 2005 صدر قرار وزاري بتحويلها إلى محمية طبيعية ،مما حول الحياة على هذه الجزر إلى جحيم فلا احد يستطيع أن يبنى ليزوج أبنائه وحتى البيوت التي بنيت قبل القرار لا يستطيع أصحابها إدخال الكهرباء.

وارتبط القرار الوزاري بطمع رجال الأعمال في الاستيلاء على الجزر فكما ارتبط اسم محمد أبو العنين بالقرصاية، ارتبط اسم ساويرس بجزيرة الوراق حيث أعلن عن رغبته في تحويلها إلى جزيرة سياحية.

ووفقا لتصريحات اللواء محمد عبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية، فإن تنفيذ المشروع سيستغرق 4 سنوات علي 6 مراحل، ويبدو أن المرحلة الأولى ستبدأ بالفعل، مع طلب المحافظة من معهد الطيران الموجود على ارض المطار بضرورة الإخلاء مع بداية شهر يوليو، كما تناثرت الأخبار في منطقة العمارة المحاذية لأرض المطار عن أن التعويض لن يتجاوز ال5000 آلاف جنيه عن الغرفة الواحدة.

أما بشتيل فقد حدثت بها عدة حوادث صغيرة توضح مدى تربص الحكومة بالسكان ففي نزاع نشب بين المهندسين والأهالي نزلت قوات الأمن المركزي لترهب السكان، ولتذكرهم بحادثة أقدم وقت إنشاء كوبري المحور عندما اخذ احد المهندسين عينة من تربة ارض زراعية يمتلكها احد سكان المنطقة، الذي اعترض على أي عبث بأرضه، وفى نفس اليوم تم القبض عليه من مباحث امن الدولة وتعذيبه، وظل يعانى من صدمة نفسية أدت إلى وفاته بعد الإفراج عنه بعدة أيام.

ويرفض السكان في بشتيل المشروع المجهول فالجميع ترتبط أعمالهم بالمنطقة، كما لا يثق أحد في أن الحكومة ستقدم أي تعويض مناسب، «الحكومة بتاخد ما بتديش» هكذا قال احد سكان بشتيل.

وفى عزبة المطار والتي تعتبر أكثر المناطق ازدحاما بالسكان وأيضا أكثرها تنظيما في مواجهة المشروع الكارثي فقد تكونت لجنة للتخطيط والمتابعة تقود السكان للتفاوض في حالة الإخلاء حول تعويضات مناسبة أو مساكن بديلة من الوحدات التي سوف تبنى على ارض المطار .

وهناك أبدى أهالي العزبة اعتراضهم وتخوفهم من المشروع، الذي سيدفع ثمنه الغلابة. وعلى الرغم من وجود قيادات طبيعية من أهل المنطقة تتابع تطورات المشروع وتتمسك بحقها في سكن بديل في نفس المنطقة أو على الأقل تعويض مناسب إلا أن المشاكل الطائفية بدأت تطل برأسها هناك وغير خفي دور امن الدولة فيها، فالمنطقة بها نسبة كبيرة من الأقباط وينشط فيها مجموعات من السلفيين، وفى أعقاب عيد القيامة بدأت ألاعيب امن الدولة بالقبض على عدد من الشباب السلفي بدعوى أن احد الأقباط بالمنطقة قام بتقديم بلاغ في خطيب الجامع الذي يكفر الأقباط، مما أدى إلى نشوب نزاعات لم تتطور بعد إلى فتنة طائفية.

وقد نتج عن إعلان الدولة عن مشروع تطوير شمال جيزة أن توقف بيع الأراضي في جميع المناطق المجاورة لأرض المطار، وارتفعت أسعارها حتى وصل سعر متر الأرض إلي ألف جنيه بعد أن كان لا يتعدى 400 جنيه، وبالإضافة إلى ارتفاع سعر الأراضي، لا يستطيع الأهالي إصلاح بيوتهم أو طلائها خوفا من الإزالة القادمة.

كما بدأت الحكومة منذ أكثر من عام للترويج عبر صحافتها عن مدى بشاعة المناطق التي ستزال بوصفها بؤر للمخدرات والإرهاب والجريمة حتى تضمن عدم تعاطف أي جمهور مع السكان، ويبدو أن الحكومة تعتمد على المفاجأة في تنفيذ المشروع فالمطلب الرئيسي لسكان كل المناطق المعرضة للإزالة هو معرفة تفاصيل المشروع متى يبدأ وأي البيوت ستزال وما هو التعويض حتى يستطيعوا تنظيم أنفسهم للدفاع عن أراضيهم وبيوتهم وقوت يومهم .