بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال وفلاحين

في الجمعية العمومية غير العادية:

مازال الأطباء يبحثون عن حقوقهم المهدرة بين مطرقة العسكر وسندان الإخوان

أقيمت أمس الجمعة الجمعية العمومية غير العادية لأطباء مصر، في قاعة النقابة العامة للأطباء “دار الحكمة” لمناقشة انتخابات النقابة وكادر الفريق الطبي، وهي الجمعية العمومية المؤجلة من يوم الجمعة الموافق 29 نوفبمر 2013 لعدم اكتمال النصاب القانوني يومها.

كان الوضع غاية في التعقيد في هذه الجمعية العمومية؛ فلم ينقسم الأطباء الانقسام التقليدي الذي كان يحدث في كل جمعية عمومية سابقة – خاصة تلك التي أقيمت في فترة رئاسة مرسي أو فترة وجود مجلس طنطاوي العسكري في الحكم عندما كان الإخوان يعقدون معه الصفقات ويعمدون إلى تهدئة حراك الأطباء بل والتصدي له أحيانا – حيث كان الأطباء ينقسمون إلى فريقين الفريق الأول هو فريق الأطباء الذين ينتمون لتيار الإخوان المسلمين وينقادون خلف مجلس النقابة العامة المعادي لمصالح الأطباء وإصلاح منظومة الصحة بينما الفريق الثاني كان باقي الأطباء من غير الإخوان الذين يبحثون عن حقوقهم ويدافعون عنها في ظل وجود مجلس نقابة متواطئ مع النظام ضد صالح الأطباء، بل كان الانقسام أكثر تعقيدا في هذه الجمعية العمومية الأخيرة في ظل حالة الاستقطاب السياسي الموجودة حاليا والتي امتد أثرها إلى نقابة الأطباء بكل تأكيد؛ فكانت هناك 3 فرق رئيسية: الفريق الأول هم أطباء الإخوان المسلمين وأنصارهم، الفريق الثاني هم أعداء الإخوان المسلمون على طول الخط ومعهم أنصار السيسي والدولة القديمة، بينما الفريق الثالث كان هؤلاء الأطباء الذين يبحثون عن مصالح الأطباء وإصلاح منظومة الصحة بشكل موضوعي بغض النظر عن الاستقطاب السياسي الموجود حاليا.

ومازاد الأمور تعقيدا هو تبدل المواقع من السلطة الآن في ظل الصراع القائم عليها بين الإخوان من جهة والعسكر وأنصارهم من الجهة الأخرى؛ فأطباء الإخوان وخاصة من الشباب الذين كانوا يعمدون إلى تهدئة حراك الأطباء وعرقلة ضغطهم على الدولة من أجل نيل حقوقهم سابقا أثناء وجود الإخوان في السلطة أصبحوا اليوم في حالة تحفز للإضراب للضغط على الدولة حتى لو كان الهدف لذلك سياسي في ظل صراع السلطة القائم وليس لخدمة مصالح الأطباء، بينما الفريق الثاني المؤيد للعسكر والدولة القديمة يريد تهدئة الأمور الآن وعدم الضغط على الدولة عكس مواقف أفراده السابقة التي كانت تدعم الضغط على الدولة من خلال الإضراب أثناء فترة وجود مرسي في الحكم رغم أن حال الأطباء مازال من سيء لأسوأ ومازالت منظومة الصحة المصرية في الحضيض، وعلى الجانب الآخر فإن الفريق الثالث هو الفريق الذي مازال يشعر بمعاناة الأطباء الذي يعملون في منظومة صحة غير آدمية دون الحصول على الحد الأدنى من حقوقهم وهو الفريق الذي لم تتغير مواقفه النقابية بتغير من بالسلطة ومازال هذا الفريق يدعو للضغط على الدولة التي مازالت تسلب الأطباء حقوقهم والتي هي امتداد لدولة مبارك والمجلس العسكري ومرسي؛ تلك الدولة التي لا يشكل لها الإنسان وصحته أي أهمية.

وقد تبلور هذا التعقيد في تركيبة حضور الجمعية العمومية في تباين المواقف من الآراء والقرارات المختلفة أثناء عرضها والتصويت عليها؛ فعلى سبيل المثال الفريق المؤيد للإخوان والفريق الثالث التي يبحث عن حق الطبيب وكرامته طالبوا النقابة باتخاذ خطوات أقوى لسرعة الإفراج عن أطباء الإخوان المحتجزين في سجون السلطة وخاصة النقابيين المنتخبين الذين يعتبرون ممثلين للأطباء وعلى رأسهم الدكتور جمال عبد السلام أمين عام النقابة العامة للأطباء من خلال مخاطبة النائب العام ودعمهم ماديا واجتماعيا وأسريا، وعلى الجانب الآخر كان الأطباء المعارضين للإخوان على طول الخط وأنصار السيسي ضد هذه الخطوة تماما، وقد جاء القرار بعد التصويت بالموافقة على دعم الأطباء المحتجزين وأسرهم. 

أما عند التصويت على موعد انتخابات النقابة المؤجلة فقد حاول أطباء الإخوان تأجيل الانتخابات لأسبوع أو أسبوعين لأن بعض الأطباء المرشحين محتجزين حاليا بينما لم يوافق الفريقان الآخرين لأن الانتخابات مؤجلة بالفعل بشكل غير قانوني وهناك شك في كبير في شرعية القرارات التي تصدر عن مجالس النقابات التي تجتمع رغم أن نصف أعضائها انتهت مدتهم وفقا لقانون النقابة ويجب إجراء الانتخابات في أسرع وقت حتى يعود العمل النقابي للانتظام داخل النقابات، وقد حسم التصويت أن تجرى الانتخابات في موعدها المعلن من مجلس النقابة وهو 13 ديسمبر الجاري.

 وعند اقتراح عرض كادر الفريق الطبي على من يملك رسميا السلطة التشريعية الآن وهو الرئيس عدلي منصور اعترض أطباء الإخوان بشدة بحجة أنه رئيس غير شرعي للبلاد، بينما أيد الفريقان الآخران أي خطوة يمكن أن تحسن أحوال الأطباء.

وعند نقاش سبل الضغط من أجل تحقيق مطالب الأطباء ومنها إضراب الأطباء كان فريق الإخوان مع إضراب سريع في أقرب وقت وهو الأول من يناير المقبل رغم أن هذا يهدد بفشل الإضراب لقرب موعده وصعوبة التجهيز له خاصة أن مجلس النقابة الجديد سوف يتم انتخابه قبلها بأسبوعين فقط وهو ما يمكن أن يضرب حراك الأطباء من أجل حقوقهم في مقتل ويرجعهم سنوات للوراء ولكنهم ينظرون للموضوع من الناحية السياسية كأداة للضغط على السلطة في ظل صراعهم مع العسكر عليها، بينما الفريق المعادي للإخوان على طول الخط ومؤيدو السيسي كانوا ضد الإضراب في هذه الفترة لأن ظروف البلد لا تسمح وغيرها من الجمل المشابهة التي كان يرددها أطباء الإخوان عندما كان مرسي في السلطة! الفريق الثالث كان مع إضراب في الأول من فبراير يتم الترتيب له بشكل جيد حتى يكون أداة حقيقية في أيدي الأطباء يستطيعون الحصول به على حقوقهم المهدرة وهناك مجموعة منهم صوتت بالموافقة على إضراب الأول من يناير لأنهم كانوا يريدون إضرابا للحصول على حقوقهم ولم يتبادر في أذهانهم أزمة ضيق الوقت واحتمالية سوء التنظيم وتم الاستقرار على إضراب جزئي تصاعدي محدود المدة بدءا من الأول من يناير المقبل.

ما عاب الفريق الثالث الذي يبحث عن مصالح الأطباء وإصلاح منظومة الصحة في هذه الجمعية العمومية رغم مبدئية مواقف أفراده هو قلة التنظيم وعدم التنسيق بين أفراده بشكل مسبق للاتفاق على قرارات بعينها يطرحونها بل كانوا رد فعل أثناء الجمعية العمومية وكان كل ما جمعهم هو الوقوف بمدئية أمام كل الأطروحات التي كانت تطرح من على المنصة وهو ما يجب تداركه خلال الفترة المقبلة وبالفعل تُجرى بعض التنسيقات الآن من أجل ذلك حتى لا يستمر ضياع حقوق الأطباء بين مطرقة النظام العسكري القائم الذي يرفض إعطاء الأطباء حقوقهم وإصلاح منظومة الصحة وسندان الإخوان الذين يستخدمون النقابة لعقد الصفقات السياسية معه أحيانا من خلال تهدئة حراك الأطباء من خلالها أو للضغط على النظام لتحقيق مكاسب سياسية لهم أحيانا أخرى دون النظر لصالح الأطباء والمهنة والمنظومة الصحية بشكل حقيقي.