بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

انتصار عمال غزل المحلة ومهام عاجلة للتحرك القادم

جولة أخرى وانتصار جديد يحرزه عمال غزل المحلة في نضالهم المتواصل والذي بدأوه منذ ديسمبر 2006 في اضرابهم الشهير.

المتابع الجيد لتحركات عمال الغزل منذ الإضراب الأول يكتشف أنهم بدأوا معركة من عدة جولات لم تنته بعد؛ فرغم تحقيقهم انتصار أخير تمثل في إقالة رئيس مجلس إدارة الشركة محمود الجبالي وهو الحدث الأبرز و الأهم للعمال في تاريخ نضالاتهم منذ سنوات طويلة وهي أن تجبر التحركات العمالية الدولة علي التخلي عن رجلها رئيس مجلس الإدارة, و هو الشئ الذي سيفتح الباب حتما لانتصارات أخري وإقالات جديدة للمسئولين الفاسدين.

مرت معركة غزل المحلة بعدة محطات شهدت مجموعة من الانتصارات جسدت وعيا عاليا من العمال تجلى في قدرتهم علي التفاوض و معرفة أنسب الأوقات التي يهاجمون فيها الإدارة واتحاد العمال وأي الأوقات تستلزم التراجع التكتيكي والمؤقت للحفاظ على ما تم تحقيقه من انتصارات في الصراع المتواصل مع الإدارة.

أحد القيادات العمالية لاضرابي ديسمبر 2006 وسبتمبر 2007 يؤكد ذلك بالقول “قاطرة الانتصارات بدأت بانتصارنا في الاضراب الأول إلي أن وصلت الآن لإقالة الرجل الذي خرب الشركة ونهبها.. محمود الجبالي, قطار الانتصارات هذا تحرك و لن يتوقف …لا يستطيع أحد إيقافه”، ويضيف العامل “القرارات الأخيرة للجمعية العمومية للشركة ليست آخر المطاف، لكننا نعرف متي نطلب ومتي نكتفي بما حققناه، وعلي أي حال لن يكون تحقيق مطالب اضراب سبتمبر الأخير نهاية المطاف…صحيح اقالة الجبالي و صرف 135 يوما كأرباح مطالب رفضها رئيس الوزراء ووزير الاستثمار ورئيس اتحاد العمال ووزيرة القوي العاملة واعتبروه مطلب غير شرعي ومبالغ فيه وقالوا إن عمال المحلة قد غرهم تراجع الحكومة أمامهم في الاضراب الماضي و قاموا بتهديدنا بعدم الالتفات لمطالبنا, كل هذا تم التراجع عنه عندما أظهر العمال رغبتهم واصرارهم علي تحقيق كل المطالب التي رفعوها، صحيح كل هذا انتصار ساحق لنا، لكنه ليس الاخير و نعد بذلك”.

قيادي عمالي آخر بغزل المحلة يؤكد ما ذكره زميله و يضيف عليه “هذه الانتصارات دارت و لن يستطيع أي مسئول ايقافها، فات أوان ذلك, فالعمال وقياداتهم الطبيعية كونت خبرات في كيفية التعامل مع المفاوض الحكومي والرسمي, و ما سبق وانخدع به بعض زملائنا أثناء تفاوضهم مع ممثلي الاتحاد لم يعد ينطلي عليهم و علي باقي زملائنا, فما حدث مساء اليوم الرابع للاضراب عندما اقترح أحد الزملاء تعليق الاعتصام مقابل وعود جادة بالحل، أكبر دليل علي الوعي العمالي عندما رفض المعتصمون العرض المقدم إليهم وأصروا علي مواصلة الاعتصام داخل الشركة والاضراب الكامل عن العمل دون التعامل مع هذا الزميل بعنف”.

بعض قيادات غزل المحلة تعتبر الانتصار الأخير والذي تم تحقيقه باقالة الجبالي قد تم تفخيخه عن طريق إلهاء العمال في تكوين جمعية لنقل العمال من و إلي الشركة، هذا الاقتراح الذي تقدم به العمال ووافق عليه حسين مجاور بسرعة غريبة و قرر تخصيص مليون جنيه لتنفيذه تم -حسب ما يراه اكثر من قيادة عمالية بالشركة- لتوريط مجموعة من القيادات العمالية في تفصيلات صغيرة مثل الحديث عن رفض الشئون الاجتماعية لاشهار الجمعية تحت مسمى جمعية تعاونية لنقل العمال ووجوب تغيير هذا المسمي و إضافة بعض الأنشطة الاجتماعية الأخرى إليها. هذا الأمر الذي يراه هؤلاء القادة العماليون وسيلة لصرف انتباه العمال إلي مثل هذه الأمور الصغيرة و غرس بذور الشقاق علي رئاسة الجمعية و تشكيل مجلس إدارتها عن طريق جمعية عمومية وصل عدد المشتركين فيها إلي الآن نحو 600 عامل. هذه التعقيدات و الدهاليز القانونية والاجرائية قد تؤدي في النهاية إلي الانشغال طوال الوقت بمشاكل قانونية, و لذلك يري بعض القادة العماليون أن المهم هو الموافقة عل انشاء الجمعية، لكن يتوجب علي باقي القيادات ترك التفصيلات القانونية للمحامين و التفصيلات الهندسية لأهل الخبرة في هذا المجال.

ما يلفت الانتباه في وجهة النظر تلك هي أنها تعد تحذيرا من أن الحكومة قد تغير تكتيك و أسلوب المواجهة مع العمال، وهو ما يفرض علي القادة العماليين تحديا يتمثل في تنبيه باقي زملائهم لمثل هذه المحاولات، فالخصم الذي يواجهه العمال لا يستسلم بسهولة و يغير من أساليبه، فإذا ثبت فشل مواجهة العمال بالعنف تارة والمفاوضات تارة أخري، فما الذي يمنع من تجرية أسلوب الإلهاء و ضرب قيادات الشركة بعضهم البعض, وهذا هو الشئ الخطير والذي قد يؤدي في النهاية الي انفجار الوضع بين العمال، وهو ما لا يريده العمال وقياداتهم بالطبع.

كان عمال غزل المحلة قد قرروا العودة للاضراب مرة أخرى 3 ديسمبر الماضي في حال تأجيل تنفيذ مطالبهم, إلا أن الحكومة قررت الرضوخ سريعا لكل مطالب اضراب سبتمبر بعد أن تعلمت من درس الاضراب و الاعتصام لستة أيام متواصلة، لكن الشواهد الحالية تؤكد أن الحكومة قررت تعديل أسلوبها في المواجهة مع العمال وهو ما يعني أن مواجهة أخرى بين العمال والادارة قادما من جديد, والمطلوب من القيادات الطبيعية التي برزت خلال الإضرابين الأخيرين صياغة وتطوير مجموعة جديدة من المطالب و محاولة دفع الحركة داخل المصنع لتبني قضايا ومطالب أكثر تطورا و تقدما مثل إعادة إحياء المطالبة بإسقاط اللجنة النقابية بالكامل وانتخاب القيادات التي برزت خلال التحركات الأخيرة للشركة و السعي لتكوين رابطة لعمال الغزل و النسيج في مصر، وانتخاب لجان مندوبين بهدف توسيع قاعدة المشاركة العمالية في إدارة وتوجيه ومراقبة عمل اللجنة النقابية حتي لو كانت لجنة نقابية مختارة من قبل العمال ومعبرة عن إرادتهم، و تبني مطلب الوصول لأجر أساسي عادل ويصل العمال إلي خط الفقر (1200 جنيه شهريا).

بمثل هذه المطالب وغيرها يستطيع القادة العماليون حشد الرأي العام داخل الشركة عليها وتبنيها لتصبح علي جدول أعمال المصنع في أي تحرك قادم وفي حال نجاح القيادات العمالية في هذه المهمة.