بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

قراءة في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء

انتهت انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بفوز ساحق لقائمة الاستقلال والمدعومة من حركة أطباء بلا حقوق، وخسارة قائمة أطباء من أجل مصر المدعومة من جماعة الإخوان المسلمين لمعظم مقاعد النقابة العامة والنقابات الفرعية.

وبهذه النتيجة تنتهي فعليا سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على نقابة الأطباء، هذه السيطرة التي بدأت منذ منتصف الثمانينات، وامتدت خلال فترة تجميد الانتخابات من بعد قانون 100 لسنة 1993 بعد توافق الإخوان مع نظام مبارك، حيث احتفظ بمقعد النقيب ممثل الحزب الوطني ونقيب الأطباء سيء السمعة الدكتور حمدي السيد، وتم ترك أغلبية مقاعد مجلس النقابة العامة والفرعيات ولجان النقابة المختلفة في يد جماعة الإخوان كمتنفس سياسى لهم وبديل عن عدم توافر منبر سياسي لهم.

وبنظرة تحليلية سريعة على نتائج الانتخابات الأولية، والتي لم نحصل عليها بشكل كامل حتى الآن، يمكننا استنتاج الآتي:

1- تقلَّصت نسبة المشاركة في الانتخابات هذا العام كثيرا عن الانتخابات السابقة في 2011، فقد تراوحت نسبة المشاركة حول 19 ألف طبيب تقريباً على مستوى الجمهورية، وهي نسبة تقارب الثلثين من نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة والتي تراوحت المشاركة فيها ما بين 25 – 30 ألف طبيب.

2- غلب على الانتخابات الاستقطاب السياسي الحاد بين التيار المدني الممثَّل في قائمة الاستقلال، وتيار جماعة الإخوان المسلمين الممثَّلة في قائمة أطباء من أجل مصر، وغاب التنافس النقابي والمهني بشكل يكاد يكون كامل.

3-  بالرغم من التاريخ النقابي البارز لأطباء بلا حقوق، إلا أن تغيُّر خطها السياسي في الشهور الأخيرة وتكوينها لجبهة نقابية على غرار جبهة الإنقاذ تضمنت التحالف مع الأحزاب اليسارية والليبرالية المدنية، والتنسيق مع أصحاب المناصب الإدارية والمصالح الاستثمارية في مجال الصحة وبعض أنصار النظام القديم، والتنسيق للحشد بشكل طائفي في مواجهة تنظيم الإخوان المسلمين، كل ذلك أدى لخسائر فادحة داخل الحركة، فقد ظهر تيار مناويء لهذه التوجهات الجديدة الغريبة على الخط العام للحركة، وتبلور هذا في سحب العديد من كوادر الحركة (معظمهم من الاشتراكيين الثوريين) لدعمهم لتيار الاستقلال قبيل الانتخابات مباشرة، بعد شهور من الشقاق والتطاحن الداخلي.

4- أظهرت النتائج الأولية كذلك حجم الخسارة الذي مُنيت به الحركة في عدد من أهم مرتكزاتها الأساسية بالمحافظات، فخسارة مقاعد النقابة الفرعية في الغربية والدقهلية بالكامل – حيث يتركز أكبر عدد من عضوية الحركة وأكثرها نشاطا – كان دليلا على طغيان الاستقطاب السياسي على أية اعتبارات نقابية.

5- دلالة أخرى ذات أهمية بالغة تتعلق بنسب التصويت داخل قائمة الاستقلال نفسها، فقد حصل أعضاء القائمة العامة لتيار الاستقلال على عدد أصوات على مستوى الجمهورية يكاد يكون متطابقا إلى درجة مذهلة، وهو بعكس الاختلاف في التصويتات داخل نفس القائمة منذ عامين في انتخابات 2011، والذي وصل إلى فارق يزيد عن 4 آلاف صوت بين مرشحيها، وكان هذا الفارق يعكس وقتها الاختلاف في مدى النشاط النقابي للمرشح.
وبهذا التغيُّر الجديد تصبح قائمة الاستقلال مثل قائمة الإخوان في التطابق التنظيمي المذهل في التصويتات بين كل مرشحيها، وهو ما يؤكد على الاستقطاب السياسي مرة أخرى.

6-  الأغرب أن الكوادر النقابية ذات التاريخ الطويل مثل الدكتور رشوان شعبان، أحد المتحدثين الرسميين باسم أطباء بلا حقوق، قد حصل على عدد من الأصوات أقل من زميله في القائمة الدكتور أسامة عبد الحي الأقل في النشاط والشهرة في المجال النقابي، (أسامة عبد الحي حصل على 10802 صوت، ورشوان شعبان حصل على 10329 صوت)، وبالمثل كان من الغريب التساوي في عدد الأصوات بين الدكتورة ريهام إكرام الأقل في التاريخ النقابي والشهرة عن الكادر المتمرس القديم الدكتور محسن عزام (حصل محسن عزام على 10494 صوتا، وكذلك ريهام إكرام 10494 صوت)، وجميعهم ينتمون لقائمة تيار الاستقلال، وهو ما يؤكد للمرة العاشرة على انعدام أي أثر للعمل النقابي في وجه الاستقطاب السياسي والطائفي الكاسح.

في النهاية يواجه مجلس النقابة الجديد، وأياً كانت الظروف والملابسات التي أدت به للانتصار، وضعاً صعباً، فنفس الجمعية العمومية التي أقرَّت موعد الانتخابات أقرَّت أيضاً موعدا للإضراب في الأول من يناير القادم، بهدف الضغط على الحكومة لتطبيق كادر المهن الطبية، ورفض مقترحات وزارة الصحة بالزيادات الهزيلة في الحوافز، وفي ظل توازنات هشة ومصالح متضاربة في قائمة الاستقلال، وضعف في الحركة الاحتجاجية الطبية الاجتماعية، وانقسام سياسي حاد بين الأطباء (ساهمت اختيارات حركة أطباء بلا حقوق الأخيرة في تصعيده)، تبدو الأمور في غاية الصعوبة للأطباء وللقاطنين الجدد في دار الحكمة.