ارفع ارفع في الأسعار.. بكره الفقرا يجيبوا نهار
مع بداية 2008 قررت الحكومة أن تقدم هدية جديدة للشعب المصري استكمالا لعطاياها التي لا تنتهي، فكان رفع أسعار المازوت، وألحقت هذا بتصريحات عن نيتها رفع أسعار عدد من السلع الأخرى من بينها البنزين، أي أن الحكومة لم تكتف بما رفعته من أسعار على مدار الفترة الماضية وأرادت أن تؤكد أنها ماضية في طريقها ولن يردعها شيء حتى لو جاع هذا الشعب بأكمله وسكن العراء، وهذا بالضبط ما تتجه إليه الأغلبية العظمى من المصريين. فالعام الماضي شهد ارتفاعا غير طبيعي للأسعار جعل إمكانية الحياة في حد ذاتها شبه مستحيلة. وبينما انخفض سعر الدولار استمرت الأسعار في الارتفاع في تحدي لأي منطق أو عقل.
الأمر يبدو وكأن هذه الحكومة تعيش في بلد آخر وتحكم شعبا آخر، فأي عاقل يرى ما وصلت إليه الأسعار من ارتفاع والأجور من تدني لا يمكن أن يفهم كيف تفكر هذه الحكومة، حكومة رجال الأعمال ولجنة السياسات ضربت عرض الحائط بكل قوانين المنطق والعقل التي تحكم أي نظام مهما كان توحشه، فهناك حد أقصى من الضغط لا يمكن تجاوزه و إلا انفجرت الأمور، ولكن حكومتنا الرشيدة مدفوعة برغبة غير مسبوقة في الربح تتجاهل كل هذا وتستمر في محاولة نهب كل ما يمكن أن تصل إليه يداها.
لكن هل يمكن أن تستمر نار الأسعار في حرق أبدان المصريين بدون رد فعل.. هل يمكن أن يستمر المواطن المصري عاجزا عن شراء رغيف الخبز.. والدواء .. ناهيك عن الملبس والمسكن بدون رد فعل، يبدو من الصعب تخيل هذا، خاصة وأن عمال وفلاحي وموظفي وطلبة هذا الشعب قد بدءوا بالفعل في التحرك احتجاجا على تردي أوضاعهم وعدم قدرتهم على العيش، فما نشهده الآن من تصاعد في الاحتجاجات الاجتماعية أمر غير مفصول عن ارتفاع الأسعار، الذي بات يمثل ضغطا شديدا لا يمكن تحمله.
مما لا شك فيه، لعب ارتفاع الأسعار دورا هاما في تصاعد الاحتجاجات في العام الماضي، ومع الزيادات الجديدة والمحتملة بالتأكيد ستتأجج هذه الاحتجاجات أكثر وأكثر. وتظل القدرة مواجهة هذه الهجمة الشرسة رهنا بتوحيد كل القوى، وربما تكون الخطوة الأولى على هذا الطريق هي حملة تضم الجميع من أجل رفع الأجور ومواجهة غول الأسعار.