سراندو تواجه من جديد
تنظر محكمة أمن الدولة العليا طوارىء بدمنهور يوم 22 يناير الجاري الدعوى رقم 5631 لسنة 2005 المقامة من النيابة العامة ضد محمد عبد العزيز المحامى و26 فلاحا وفلاحة من عزبة سراندو بمحافظة البحيرة.
سراندو هي قرية مناضلة كتبت اسمها بالدم في سجل قرى مصر المناضلة ضد عودة الإقطاع، أو بلغة أخرى ضد تحالف الملاك الكبار (من أمثال نوار في سراندو والفقي في كمشيش والبدراوي في دكرنس) مع رجال الدولة والأمن. فمنذ بداية تطبيق قانون الإصلاح الزراعي المضاد في عام 1997 – ذلك القانون الذي أعطى لملاك الأرض القدامى شرعية قانونية تمكنهم من انتزاع الأرض التي تم تأميمها- والمواجهة الغير متكافئة ما بين الفلاحين في ريف مصر وكبار الملاك المدعومين بالديكتاتورية والفساد، مستمرة بهدف تصفية كل المكاسب الجزئية التي حصل عليها الفلاحون في عهد عبد الناصر.
بدأت المواجهة في عزبة سراندو في يناير 2005 بتلفيق مدعي الملكية صلاح نوار للعديد من القضايا للفلاحين بهدف إرهابهم والضغط عليهم للتنازل عن الأرض. لكن فلاحي العزبة رفضوا الاستسلام وقاموا بتكوين رابطة تدافع عن مصدر قوتهم الوحيد، ألا وهو الأرض التي نجحوا في تسديد أقساطها عبر أكثر من عقد من الزمان.
وفي 4 مارس 2005 احتدمت المواجهة بمداهمة قوات الشرطة للقرية في الساعة الثالثة والنصف بعد منتصف الليل وقبضها على عدد من الفلاحين، منهم محمد الجرف وحمدي الحصرى وإبراهيم أبو كليلة، بدون الإفصاح عن أسباب إلقاء القبض. وبعد ذلك بساعات شن أفراد من عائلة صلاح نوار هجوما مسلحا على القرية وبصحبتهم ما يزيد على 20 فردا من البلطجية المأجورين والمحملين بالأسلحة النارية والمواد الحارقة، وذلك بغرض انتزاع ما يمكن من الأرض وتدمير محاصيل الأراضي التي يتعذر عليهم الاستيلاء عليها. ودارت معركة دامية استمات فيها الفلاحون في الدفاع عن حقهم في الأرض لتنتهي بعد نصف ساعة بانتصار الفلاحين وهروب عائلة نوار والبلطجية ومقتل علاء عبد الوهاب نوار.
وبعد ساعات حضر الضابط محمد عمار ومعه قوات الشرطة وألقى القبض على 8 من الفلاحين و35 من نساء القرية، بغرض الضغط على رجال القرية لتسليم أنفسهم. جدير بالذكر، قيام محمد عمار بالتنكيل بجميع الفلاحين الذين توجهوا إلى قسم الشرطة في الفترة من يناير إلى مارس لعمل محاضر ضد بلطجة عائلة نوار أو فساد موظفي الإصلاح الزراعي وتلفيق التهم ضدهم، تراوحت التهم التي أنسبها إليهم من حرق عربات عائلة نوار إلى أعمال بلطجة انتهاء ابحيازة أسلحة.
كان من بين النساء المقبوض عليهن الشهيدة نفيسة المراكبي التي تم ضربها وتعذيبها بمركز شرطة دمنهور لمدة تجاوزت 10 أيام، لتخرج في 16 مارس مصابة بالشلل وتموت بعد يوم واحد فقط!
واجه الـ 26 فلاح وفلاحة ومعهم المحامي محمد عبد العزيز تهم التجمهر واستعراض القوة وحيازة السلاح وسرقة المزروعات واغتصاب الأرض أمام محكمة دمنهور التي أصدرت حكمها ببراءة جميع المتهمين من التهم المنسوبة إليهم، الأمر الذي فضح تواطؤ الشرطة مع عائلة نوار. لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد. فلا يزال صلاح نوار يريد اغتصاب الأرض من الفلاحين بينما يريد جهاز الشرطة استعادة ماء وجهه. بالتالي، حركت النيابة هذه الدعوى أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارىء من جديد، والدعوى محجوزة للحكم في التاريخ المذكور أعلاه. وفي هذه المرة ، كسابقتها، تستهدف الدعوى ترهيب المتضامنين مع قضية الفلاحين بتوجيه تهمة تدبير التجمهر وتحريض الفلاحين على اغتصاب الحيازة وإتلاف المنقولات المملوكة لأفراد عائلة نوار لمحامي الفلاحين محمد عبد العزيز. كما تستهدف، بالطبع، بتر جذور المقاومة لدى الفلاحين عن طريق توجيه تهم التجمهر في ظل حالة الطوارىء وحيازة أسلحة ومواد حارقة وإتلاف منقولات مملوكة للغير وذلك ضد الـ 26 فلاحا المتهمين في القضية.