بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال وفلاحين

حول توقيت الفصل.. وأشياء أخرى

«أطباء بلا حقوق» لقيادات الإضراب: «وقتكم خلص»

فوجئنا الجمعة 10 يناير ببيان فصل وتجميد عضوية مجموعة من الكوادر النقابية المناضلة داخل حركة “أطباء بلا حقوق” من قبل المجموعة المسيطرة على الحركة  . لن أخوض في أسباب هذا الفصل وهذا التجميد فقد وضحه العديد من الزملاء الذين تم فصلهم وأتفق معهم تماما – كعضو سابق في حركة أطباء بلا حقوق – في هذه الأسباب. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن لماذا تم اختيار هذا التوقيت الحرج بالذات لفصل هذه الكوادر من الحركة في وسط إضراب عام للأطباء على مستوى الجمهورية يشاركهم فيه بعض الفئات الأخرى التي تعمل معهم في المستشفيات وتشاركهم نفس المطالب، مثل الصيادلة والأطباء البيطريين وبعض أطباء الأسنان وهيئات تمريض بعض المستشفيات؟! مع أن ما قاموا به وتم ذكره في بيان فصلهم قد حدثت منذ فترة طويلة مر عليها ما يقرب من الشهر!

لماذا لم يتم فصلهم عندما وقعوا على البيان النقابي “كفانا هوانا” الذي يدافع عن الأطباء والذي تدّعي حركة أطباء بلا حقوق الآن أنه بيان سياسي مع أنه من صميم العمل النقابي رغم أنهم وقعوه في شهر نوفمبر؟! لماذا لم يتم فصلهم عندما أعلنوا صراحةً انسحابهم من دعم التحالف الانتخابي الانتهازي المسمى “تيار الاستقلال” – الذي ضم في قوائمه أطباء ممن لهم مصالح مباشرة في استمرار منظومة الصحة بنفس فسادها الحالي لاستفادتهم من هذا الوضع كأصحاب المستشفيات الخاصة والأطباء الذين يشغلون مناصبا إدارية في وزارة الصحة ومديرياتها والذين يتفنون في اضطهاد الأطباء ثم نجد حركة أطباء بلا حقوق تتحالف معهم في انتخابات النقابة تحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت طرد الإخوان من النقابة بغض النظر عمن يتم التحالف معهم من أجل تنفيذ هذه المهمة – مع أنهم أعلنوا هذا الانسحاب في شهر ديسمبر وقبل انتخابات النقابة التي جرت في 13 ديسمبر 2013؟

الإجابات المنطقية لهذه الأسئلة التي تتبادر إلى ذهني، كواحد ممن كانوا يشاركون في حركة الأطباء ويتابعون الوضع عن كثب وكنت عضوا في حركة أطباء بلا حقوق قبل استقالتي منها من شهور عديدة، هي كالتالي:

1- في فترة ما قبل الانتخابات كانت ترفع المجموعة المسيطرة شعار انتهازي وهو “لا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات”، سواء بالدخول في تحالفات انتهازية في قوائمهم المسماة “تيار الاستقلال” لهذا لم يريدوا إعلان هذا الخلاف في وقت الانتخابات حتى لا يؤثر على فرص قوائمهم، أو حتى بتأجيل إعلان فصل هؤلاء “المخربين” كما يطلقون عليهم في الأحاديث الجانبية.. مع أنه معروف جيداً مبدئية ونضالية وكفاحية هذه الكوادر وإخلاصها لحركة الأطباء وترفعهم عن كل ما يراه البعض مكاسب من أجل أن يرسموا طريقا واضحا للنصر.

2- السلوك الذي ينتهجه الآن أغلبية مجلس النقابة العامة، الذي تسيطر عليه أطباء بلا حقوق، هو دعم الإضراب على المستوى الإعلامي مع تركه يموت على الأرض بعدم تنظيمه لأنه لا يتوافق معهم ومع تحالفاتهم الانتخابية.. ولا يتعلل أحد هنا بقلة خبرة هذه المجموعة لأنهم هم من قاموا بتنظيم إضراب عام للأطباء استمر لمدة 82 يوم بدءا من 1 أكتوبر 2012، في فترة حكم مرسي، ويدركون جيدا أهمية تكوين لجان حقيقية للإضراب تنظم الإضراب وتقوده.

مجلس النقابة العامة للأطباء حتى الآن – ورغم نجاح الإضراب في يومي 1 يناير و8 يناير 2013 غير المتوقع – لم يدعو لاجتماع لمجلس النقابة لحسم شكل الإضراب في الفترة المقبلة رغم تساؤل الآلاف من أطباء مصر الذين شاركوا في الإضراب خلال اليومين المحددين عن شكل الإضراب وآلية التصعيد. والأنكى أن هناك أعضاء من مجلس النقابة العامة، مثل الدكتور عمرو الشورى (وهو من ضمن المجموعة المفصولة من أطباء بلا حقوق)، يحاولون الدعوة لمثل هذا الاجتماع في أسرع وقت لبحث الإضراب وشكله وطريقة تصعيده، وهو ما لم يلقى صدى حتى اللحظة من المجموعة المسيطرة على المجلس.

ولأن المجموعة المسيطرة على المجلس بدأت تلاحظ قيام هؤلاء الأطباء، الذين تم فصلهم أو تجميد عضويتهم من الحركة، بتوجيه النقد العلني لها بشكل مباشر أو بمحاولات الضغط بشكل غير مباشر خلال الفترة الماضية من أجل الاهتمام بالإضراب، فقامت بفصلهم حتى تظهر انتقادات هذه الكوادر النقابية لتراخي مجلس النقابة العامة الذي تسيطر عليه حركة أطباء بلا حقوق كأنها رد فعل “شخصي” على طردهم وليس انتقادات موضوعية لأداء مجلس النقابة الذي حاد عن الطريق الذي انتخبه لأجله الاطباء.. أي أنهم يريدون أن يظهر الأمر على أنه “خناقة شخصية” وليست “معركة موضوعية” هامة من أجل حركة الأطباء بين طرفين أحدهما ما زال على المبادئ السليمة وآخر حاد عنها.

الأمر الأهم هو أن المجموعة المسيطرة على حركة أطباء بلا حقوق إن كانت ترى وقت الانتخابات أنه لا مجال لفتح موضوع مثل هذا لأنه من الممكن أن يؤثر على رأي الاطباء في قائمة الاستقلال أو في المشاركة في الانتخابات نفسه،ا وهي الانتخابات التي تقدسها المجموعة المسيطرة، فإن هذه المجموعة نفسها الآن، ولمعارضتها لإضراب الأطباء في هذا الوقت، ولعدم قدرتها ولا رغبتها في قيادته وتنظيمه على الأرض، ومع نجاح الإضراب في المستشفيات، ومع عدم شجاعة هذه المجموعة بالقدر الكافي لإعلان موقف أغلبية أفرادها المعادي للإضراب بشكل صريح، ولفشل تكتيك ترك الإضراب يموت على الأرض، فإنهم الآن يتجهون لتكتيك آخر وهو افتعال أزمة بينهم وبين المجموعة التي تقود الإضراب لهز ثقة الأطباء في أنفسهم وفيمن يقودون الإضراب على الأرض، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تقويض الإضراب وإنهائه دون تحقيق النتائج المبتغاه، رغم ما قد يؤديه هذا من إصابة الأطباء بالإحباط.. لنرى المحصلة الآن؛ بدلا من تحديد خطوات التصعيد لإضراب الأطباء من قبل حركة أطباء بلا حقوق التي تسيطر على مجلس النقابة العامة، نجدهم يقومون بفصل الكوادر النقابية التي تنظم وتقود الإضراب في المحافظات!

زملائي الذين تم فصلهم أو جُمّدَت عضويتهم من حركة أطباء بلا حقوق، إنه لفخرٌ لكم أن يحدث هذا معكم الآن، الأطباء على الأرض يعرفون نضالكم وكفاحيتكم من أجل حقوق الأطباء وإصلاح منظومة الصحة، ويدركون أيضا مدى مبدئيتكم وصدقكم وإخلاصكم لقضيتكم.. لا تندموا على أي مجهود بذلتموه من أجل إصلاح “بلا حقوق” من الداخل حتى اللحظة الأخيرة، حتى وإن فشلت هذه الجهود فيكفيكم شرف المحاولة وتكفيكم المثابرة حتى آخر لحظة، وهو ما لم أستطع أن أتحمله مثلكم بعدما فقدت الأمل في الحركة واستقلت منذ ما يزيد عن الثمانية أشهر.

زملائي الأعزاء أطباء مصر، لا تنزعجوا مما حدث ويحدث ولا تنشغلوا بالمهاترات والخناقات التي يفعتلها البعض للإلهاء عن المعارك الحقيقية. ولتعلموا أن السبيل إلى النصر لا تكفي له النوايا الحسنة؛ فلا مفر من تنظيم صفوفنا وفهم حقيقة ما يحدث حولنا من كل الأطراف حتى نبني خططنا إلى تحقيق أهدافنا وإلى النصر، ولتتذكروا أن حصاد ما زرعتموه لن تجنوه إلا أذا أكملتم ما بدأتموه بعزم ومثابرة.. ولن أجد أفضل من هذا الشعار لأختم به مقالي: “عاش كفاح أطباء مصر”.