تحدوا الأمن والبرد والتعسف
تعليق أطول اعتصام نسائي في تاريخ مصر
قررت أخصائيات التمريض بجامعة المنصورة، اللاتي اعتصمن مدة شهر كامل، تعليق اعتصامهن، لفتح الطريق أمام المفاوضات الجارية، من أجل التوصل إلى صيغة تضمن ندب الأخصائيات إلى مراكز تدريب بالمستشفيات، مع الحفاظ على وضعهن الأدبي والمادي. وقد التقى وفد من الأخصائيات بنائب رئيس جامعة المنصورة، الذي تعهد بالاستجابة لكافة مطالب المعتصمات.
وقد شهدت جامعة المنصورة أحداث مؤسفة بحق 107 من بناتها النابغات، هم أخصائيات تمريض يقومن بتدريب والتدريس لطالبات كلية التمريض، بجامعة المنصورة منذ يوم 7-12-2009، رفضًا لقرار عميدة الكلية دكتورة فردوس عبد الفتاح، وبالتعاون مع رئيس الجامعة الدكتور أحمد بيومي شهاب، بندبهن للعمل بمستشفيات الجامعة (الباطنة- الأورام-الأطفال-مستشفي الجامعة)، للعمل كفنيين تمريض، بعد كانوا جزء من أعضاء هيئة التدريس.
بدأ الأمر بقرار رئيس الجامعة، بتاريخ 23-6-2009، والذي لم يدر عنه الأخصائيات شيئا، حتى تم تفعيله يوم 23-11-2009، حينها حاولت الأخصائيات مقابلة عميدة الكلية عدة مرات، وقوبل طلبهن بالتعالي والرفض، وكذلك كان الحال حين حاولن مقابلة رئيس الجامعة ، مما دفعهن إلى إرسال فاكسات للجهتين السابقتين، لكن بلا جدوى، ثم قررن إرسال فاكسات إلى كل الجهات الحكومية، وحتى مؤسسة الرئاسة، ولم تبد الجامعة أو الكلية أي استجابة، فلجئوا إلى الاعتصام.
بدا الاعتصام بشكل سلمي أمام مبنى كلية التمريض الجديدة، ولكن هذا الشكل الديمقراطي لم يعجب رئيس الجامعة، فقام بإيقاف العمل داخل المبنى، ومنع محاولة تمت من طالبات كلية التمريض للاعتصام داخل المبنى تضامناً مع أساتذتهن، وقام باحتجاز المعتصمات داخل كردون حديدي، وعزلهن تماما عن الجامعة، وأغلق في وجههن دورات المياه المجاورة، وأمر حرس الجامعة بمنع دخول الأغذية والأدوية والبطاطين، رغم وجود 10 أخصائيات حوامل، وكذلك هناك عدد منهن لديه أطفال رضع، كما أمر رئيس الجامعة بقطع الكهرباء والمياه عن مقر اعتصامهن، وأغرق ارض المكان بالمياه، في تصرفات أقل ما توصف به بأنها ممارسات بوليسية، لا تصدر من أستاذ جامعي، مما أدي إلي إجهاض إحداهن بالإضافة، تعرضهن إلي الألفاظ النابية، من قبل الأمن، الذي تصدى لمحاولات الأهالي لتسريب بعض الطعام والدواء إليهن.
وحين سألنا المعتصمات: لماذا جامعة المنصورة بالذات، في حين أن كل الأخصائيات بالجامعات الأخرى لم يتم انتدابهن ورغم اقرار الجميع بحاجة الكلية إلي جهودهن؟
كان الرد (برنامج الجودة والاعتماد)، حيث سبق وطالبت الأخصائيات بحقها في حافز «الجودة»، الذي يطبق علي هذه الكلية بميزانية كبيرة منفصلة عن ميزانية الجامعة، وأن ما يحدث هو عقاب لهن علي تجاوزهن وتقديم إحداهن بلاغ للمركزي للمحاسبات عن الفساد بهذه الميزانية، بالإضافة إلي استثناء 45 منهن من هذه الميزانية، رغم وجودهن داخل أحد اللجان بهذا المشروع، وتوزيع الفتات علي الباقيات (ما بين25 و325 جنيه شهرياً) في حين وصل الدخل الشهري للموظفين ما بين( 5000 جنيه و18000 جنيه)، وما خفي كان أعظم، كل هذا دفعهن للمطالبة بحقوقهن المادية، فكان قرار العقاب.
وقد تفاعلت عدد من القوي السياسية بالمنصورة مع الاعتصام، وقدم نائبان طلب إحاطة بمجلس الشعب، وتحركت الجمعيات الحقوقية لفضح ما يحدث للمعتصمات داخل الجامعة، وتجمع الأهالي عدة مرات أمام بوابة الجامعة الرئيسية، رافعين الشعارات المنددة بالقرار وبرئيس الجامعة، وهتفوا بسقوط رئيس الجامعة، وكل مستبد بهذه البلد، وتشكلت لجنة للإعاشة.
دفعت تلك التحركات رئيس الجامعة إلي تخفيف التضييق الأمني علي المعتصمات، والسماح للطعام والأدوية والبطاطين بالدخول، كما تمت إعادة الكهرباء والمياه، كما قام نائبا من الحزب الوطني بالتفاوض مع المعتصمات بغرض حثهن على فض الاعتصام، وكان ردهن الرفض القاطع.
وأمام مجلس الشعب تم عمل وقفة احتجاجيه للأهالي والمتضامنين من عدد من القوي الوطنية، والمراكز الحقوقية يوم 21-12- 2009، في وقت انعقاد جلسة لجنة التعليم، حيث دخل وفد من المعتصمات للتفاوض مع اللجنة، ولكن ما حدث هو أنه تم تأجيل الجلسة، وبعد ذلك توجهوا مع أعضاء مجلس الشعب المتضامنين إلى مبني وزارة التعليم العالي للقاء وزير التعليم العالي، وهناك وعدهم الوزير بمراكز تدريب ينتدبوا إليها في حال فضوا الاعتصام. وبعض فترة من المفاوضات قررن تعليق الاعتصام.
وقالت إحدى المعتصمات الذين نظموا أطول اعتصام نسائي في مصر، لم نستطع إرغام رئيس الجامعة المتعجرف عن التراجع عن قراره بنقلنا، ولكننا على الأقل ناضلنا من أجل الحصول على اتفاق مكتوب يضمن كافة حقوقنا، ويمنع التلاعب بوضعنا الوظيفي.
وأضافت أخرى إذا لم يلتزم رئيس الجامعة بتعهداته لنا فقد عرفنا طريق انتزاع الحقوق، ولن نستسلم بل سنعود أكثر إصرارا على انتزاع حقوقنا.
يذكر أن الأخصائيات قد نظمن وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء 5 يناير، والتقى وفد منهن مع لجنة التعليم بمجلس الشعب، بحضور وزير التعليم العالي، وبحضور ذويهم، وعدد من ممثلي القوى السياسية واللجان العمالية.