بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال وفلاحين

قصة هزيمة "الطلاينة" على يد 800 عامل..

طرة الأسمنت تنتصر مجددا!

ينتصر عمال طرة للأسمنت مرة أخرى على شركة «إيطالي شمنت» واتحاد العمال ووزارة القوى العاملة بالمرة.
جاء النصر هذه المرة بعد محاولة الادارة نهب 2.5 مليون جنيه عبر احتساب بدل الاجازات على الأجر الاساسي وليس الشامل، وهو ما فتح النار على خامس أكبر منتج للأسمنت على مستوى العالم.

«..انتصارنا يفتح الباب لانتزاع باقي حقوقنا القانونية، كنسبة ال 10 % من الأرباح، من شركة تجنى الملايين من عرق العمال سنويا.»

الكلام لمحمد رمزى نائب رئيس اللجنة النقابية بشركة أسمنت طرة، والمناسبة: استجابة ادارة الشركة الايطالية لمطالب العمال عقب اعتصامهم لمدة يومين الأسبوع الماضي. ويضيف رمزي أن موافقة الادارة، بناء على فتوى من وزارة القوى العاملة، على صرف بدل الأجازات على الأجر الشامل لن يستفيد به عمال المجموعة الإيطالية التى تضم شركات (حلوان، طرة، القطامية، السويس، المنيا) فقط، ولكن عشرين مليون عامل في مصر .والشركة الإيطالية المتعددة الجنسيات لمن لا يعرف هي خامس أكبر منتج للأسمنت في العالم.

قصة اعتصام

والجولة الجديدة في معركة العمال مع المستثمرين الإيطاليين، الذين اشتروا الشركة منذ ست سنوات، وقعت الشهر الماضي، عندما طالب العمال بصرف بدل الاجازات على الأجر الشامل، الشركة رفضت في البداية، فكتبت اللجنة النقابية المذكرات تلو المذكرات، لكن لا حياة لمن تنادي، توجهت إلى النقابة العامة للبناء والأخشاب ، فإحالتهم إلى وزارة القوى العاملة، دونما إبداء موقف رسمي مؤيد لمطلب العمال القانوني!، وفي وزارة القوى العاملة التقى وفد من اللجنة النقابية بالوزيرة عائشة التى أحالتهم بدورها إلى ناهد العشري وكيل الوزارة التي طلبت منهم مهلة لاستصدار الفتوي، بعد ان أكدت لهم إن موقفهم صعب وغير قانوني!!.

غير إن الوضع بدأ يشتعل في الشركة، التى تنتج 3 مليون طن سنويا، عندما علم العمال بإن الادارة تنوى صرف بدل الاجازات مع مرتب شهر فبراير الماضي على الأجر الأساسي وهو ما يعنى إنها تعتزم سرقة ما يقرب من 2،5 مليون جنية من عرق العمال .

ويقول نقابي ..»هناك حالات سابقة تم صرف فيها بدل الأجازت على الشامل ولدينا حكم قضائي ..غير أن تعنت الادارة فجر الموقف».

وعلى الفور عقدت اللجنة النقابية اجتماعا ساخنا لمناقشة التطورات، لتخلص إلى البدء في تنظيم اعتصام تصاعدي بالشركة ، خاصة بعد أن أصدرت وزارة القوى العاملة فتوى تتضمن أحقية العمال في الصرف على الشامل .

وشهد اليوم الأول اعتصام أعضاء اللجنة النقابية ..أعضاء النقابة باتوا ليلتهم الأولى على الأرض ..في جو شديد البرودة، وبدأوا يعدون العدة لتطوير الموقف. الإدارة من جهتها سعت بكل الطرق الى إجهاض الاعتصام ..عندما استشعرت جدية تهديدات العمال ،فبعد ان كانت ترفع شعار: « ما حدش يقدر يلوى دراعنا..ولعوها» ..بدأت العروض تنهال بداية من اصدار منشور بالصرف على الشامل في حال صدور الفتوى، أو تأجيل الصرف أو غيره، ولكن السهم كان قد نفد.

وفي اليوم التالي، بداية من الساعة السادسة والنصف صباحا سيطر العمال على الشركة، اعضاء النقابة وقفوا على الأبواب لتعبئة عمال الوردية الأولى وحثهم على الاعتصام والتجمع، تم وضع الواح خشبية لمنع العربات من التوجه إلى المصنع، وبعد ساعتين تم قطع الكهرباء عن ادارة الشركة تماما، وكان مشهد دخول الصحفيين للشركة كافيا للبرهنة على سيطرة العمال على مجريات الأمور، فبمجرد قدوم الصحفيين كانت أفواج من العمال تذهب لاستقبالهم وتدخلهم من البوابات، وسط ذهول رجال الأمن !!..

العمال يتحدثون

«التراب هنا بيتعمل فلوس يا استاذ» والكلام للعامل محمود الذي أضاف: رفض ادارة الشركة صرف حقوقنا في الأرباح وتعطل اتفاقية العمل الجماعية. ويستكمل أحد الفنيين: تقوم سياسة الشركة على التطفيش والمعاش المبكر وهو ما أدى إلي تخفيض عدد العمالة من اربعة الآف في الثمانينات إلى 800 عامل اليوم، وبتنا نعمل ثلاثة أو أربعة أضعاف ما كنا نعمله مقابل زيادات ومزايا لا تتناسب بالمطلق مع الأرباح الخيالية التي يجنيها الملاك الجدد.

وتكثيف الاستغلال لم يكن عنوان الخصخصة فقط بل أمتد إلى محاولات التطفيش والاستعانة بالعقود، فالتعيين الدائم بات أمرا محرما، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد،كما يقول عامل آخر، بل بات الاستعانة بالمقاولين أمرا معتادا ، بحيث يأتي المقاول بـأنفاره ليقوم بالمهمة المطلوبة، وبالتالي لا يكون للشركة أي التزامات تجاه العمالة.

ويقول نقابي بالشركة: التعسف والتفاوت في العطايا بين العمال والفنيين من جهة ورجال الإدارة العليا من طرف آخر معلوما للجميع ، فهناك تفاوت واسع في المزايا يثير غضب العمال ،وطالب الجهات المسئولة بالدولة أن تتدخل لكي تضع حدا لما يعانيه العمال، ويضيف هل معقولا إننا أصبحنا في معارك متواصلة من أجل انتزاع أبسط حقوقنا، فكل شي بات خاضعا للتفاوض، ولا يتم الاستجابة له إلا بعد الاعتصام أو التلويح به. ويتساءل: أين دور الاتحاد العام والنقابة العامة ؟! ويضيف: إننا دائمو عرضة للمخاطر بسبب نقص معدات الأمن الصناعي والحوادث والإصابات التي زادت بشكل كبير الفترة .لافتاً إلي أن الإدارة ترفض احتساب إصابات العمل حتي لا تلتزم بصرف تعويض عنها للعامل المصاب، واتحاد العمال ووزارة القوي العاملة يتجاهلوننا.

ويقول العامل “يونس” :الاستثمار الإيطالي هو أسوأ استثمار جيه في مصر، و لن نتراجع عن المطالبة بحقوقنا في 10 في المائة من الارباح السنوية كما ينص القانون، وسرعة تجديد اتفاقية العمل.

قاضي وجلاد

ويقول العامل «سعيد» :حسين مجاور عضو مجلس الشعب ورئيس الاتحاد العام هو سبب مصيبتنا ووكستنا الحقيقية؛ فليس سرا إنه عضو مجلس ادارة في شركة اسمنت طرة، فكيف يكون قاضي وجلاد في ذات الوقت؟! وأشار عدد واسع من العمال إلى إنهم يعتزمون التضامن مع الدعوى التى رفعها المهندس محمد بدر أمام القضاء الإدارى لإلزام وزيرة القوى العاملة بعزله من منصبه كرئيس اتحاد عمال، لعدم استيفائه شروط الترشيح الواردة فى قانون النقابات، التى تشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس إدارة منظمة نقابية ألا يكون من العاملين المختصين أو المفوضين بممارسة كل أو بعض سلطات صاحب العمل فى القطاع الخاص.

انتصار العمال

وعند منتصف النهار قرر العمال التصعيد فتم وقف شحن عربات الأسمنت المخصص للتصدير، وابلاغ الأمن الصناعي باتخاذ الخطوات الضرورية اللازمة لوقف الانتاج بالشركة تماما. وهنا بدأت الشركة تبدى مرونة فائقة مع مطالب العمال.

ويقول محمد عبد المنصف رئيس اللجنة النقابية « التقينا بالمدير المسئول ..وابلغنا موافقته على تنفيذ مطالب العمال، ليس فقط في أسمنت طرة ولكن في كل شركات المجموعة» ويضيف عبد المنصف « خضنا اعتصامات عديدة طيلة السنوات الماضية، ونريد ان نفتح صفحة جديدة مع الإدارة شريطة التزامها بحقوق العمال القانونية».

ويقول محمد عبد السلام المحامي والقيادي العمالي: انتصار عمال الأسمنت يفتح الباب امام كل عمال مصر لوقف تلاعب رجال الأعمال بالقانون. ويضيف: رجال الأعمال يصرفون بدل الاجازات على الأجر الأساسي بالمخالفة للقانون وللمنطق ايضا لتكثيف استغلال العمال، ويشير إلى ان تزايد نضال عمال الأسمنت يرجع في المقام الأول إلى إنها صناعة مربحة جداً تحولت إلى يد القطاع الخاص الأجنبي ممثلا في شركات عالمية كبرى، يسعى بقوة لزيادة استغلال العمال، بينما تغض الدولة بأجهزتها ونقاباتها ورئيس اتحادها بصرها عنه ارضاء للاستثمار الأجنبي وتشجيعا له.

المعركة المقبلة

كما يقول العمال، بالضبط، منذ تطبيق قانون 12 لسنة 2003 وكل شي خاضع للتفاوض (الاجور، الحوافز، بدل الاجازات) على عكس الوضع في ظل القطاع العام، ولذا فهناك أهمية كبرى بالنسبة لعمال المجموعة في الفترة المقبلة لتوحيد حركتهم على مستوى الشركات الخمسة ، ولمواجهة مخططات الادارة، لتخفيض عدد العمالة من ناحية، ولإحلال العمالة المؤقتة محل العمالة الدائمة، وهو مخطط يسير ببطء ولكن بثبات.

ولكن الأمر ليس سهلاً، فهناك دور حسين مجاور التخريبي، الذي قد يصل لحل نقابة اسمنت طرة، بأي طريقة، اسوة بما حدث في السويس ،هذا فضلا على ارتفاع متوسط الأجور فى شركات المجموعة (2000)جنيه، وسيادة المنهج النقابي الوسطي، (الاستفادة من كل الأطراف، وعدم التورط في معارك تبدو ليست ذات صلة مباشرة).

المهم اليوم هو توحيد نضال عمال المجموعة على مطلب واحد النص على ال 10 % من الأرباح في الاتفاقية الجماعية المزمع ابرامها قريبا، وكذلك المطالبة بزيادة مهمة في الأجور الأساسية، فمقارنة اجور عمال الأسمنت في الدول الأخرى، بالأجور في مصر، تكشف عن وجود فوارق شاسعة، وهي معركة تستحق بالفعل أن تخاض.

كما إن وضعية عمال المجموعة الإيطالية تؤهلهم للانخراط في معركة استقلال النقابات الدائرة، فهم اصحاب مصلحة مباشرة بحكم الوضع الفعلى لمجاور باعتباره صاحب رأس مال في المجموعة، بالإضافة إلى ما تقدمه لجموع العمال ، ولمعركة الديمقراطية في مصر من فائدة كبرى.

يقول المهندس محمد بدر: تكشف معركة أسمنت طرة عن وضعية التنظيم النقابي الرسمي، بشكل صارخ ، فرئيسه رجل أعمال ومليونير، وهو في خصومة مباشرة مع عمال المجموعة الإيطالية. ويطالب بدر القيادات العمالية بالمجموعة الانضمام إلى الدعوى التي رفعها مطالبا بعزل مجاور باعتبارها مع محاولات موظفي الضرائب لانتزاع تنظيمهم النقابي المستقل خطوة على طريق هدم التنظيم النقابي الموالي للحكومة ورجال الأعمال.

وأخيراً.. ينبغى علينا الدعاية لمطلب تأميم شركات الأسمنت باعتباره الحل الوحيد لمواجهة مافيا الاحتكارات الخاصة والأجنبية التي تضطهد الفقراء والعمال في ذات الوقت ،علما ان مصر توجد بها 12 شركة لإنتاج الأسمنت الرمادي، 7 منها قطاع خاص مصري، و4 قطاع خاص أجنبي، وواحدة فقط قطاع أعمال عام (القومية للأسمنت).