بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عائشة أبو صمادة نقابية بالفطرة.. تناضل في كل الظروف

أغلب الظن ان عائشة ابو صمادة لن تحتفل ولعلها لن تتذكر حتى يوم المرأة العالمي، فلا هي على صلة بالصالونات الفارهة ولا أبطالها المشاهير من نشطاء قضايا المرأة.. لكن أمثالها- وامثالها وحدهم – من عنهم تصاغ الأعياد.

فبالبحث في دفاتر عائشة نجدها عضو اللجنة النقابية التي لم تستجيب لاغراءات هذا المنصب كما فعل العديد ممن اتيحت لهم فرصة الصعود إليه، ولكنها فضلت المطالبة بحق كل عامل وعاملة بشركة الحناوي للدخان.

هي العاملة التي فصلت تعسفياً قبل تكرار الحادثة مع ثلاثة وثلاثون من العاملات الأخريات ومع ذلك استمرت في كفاحها حتي عودة جميع العاملات بالشركة دونها ، و ربة الأسرة والحاملة لمسئولية عائلة كاملة دون أن تتزوج لكي ترعى خمسة أشقاء ووالديها، وتوفر لهم قوتهم اليومي وتنفق علي أشقائها الصغار في التعليم وتجهز البنات للزواج.

فمنذ سنوات شبابها الأولي لم تتوقف عن الكفاح أو النضال لحظة واحدة مضحية بحلمها في الحصول علي التعليم الجامعي ، فضلا عن نشأتها الريفية والتي كانت تتسم بضيق فرص العمل ، وبالتوازي لكفاحها من أجل أسرتها الصغيرة كان هناك كفاح آخر داخل شركة الحناوي بالدفاع عن حقوق العمال في أجور عادلة ليبرز دورها كقيادة عمالية طبيعية دون أن يلقنها أحد هذا الدور لتضرب المثل بوقفتها الصلبة فى وجه جشع صاحب العمل.

بدأ كفاحها بعد انتخابها عضو باللجنة النقابية للشركة التى خاضت انتخاباتها بالرغم من محاولات حثيثة من مباحث امن الدولة وصاحب المصنع لعرقلة ترشيحها، إلا أن ارادة العمال بها كانت أقوى.

من لحظة انضمامها تحدَّت ادارة الشركة واللجنة النقابية الموالية لها مطالبة بحد أدني لأجور العمال ومن أجل انتزاع مستحقاتهم المالية التي نهبتها ادارة الشركة لسنوات طويلة، وخاضت معهم الاضرابات، وطافت معهم طرقات المحاكم حتي يحصلوا علي حقوقهم ، وفي الوقت الذي تقاعس فيه باقي أعضاء اللجنة عن مساندتها ومساندة العمال.

وفضلا عن التزام اللجنة الصمت تجاه أداء الادارة ضد العمال, بدأوا في تنفيذ مخطط الشركة والوزارة للإطاحة بها من عضوية اللجنة بعدما رفضت مقترحات الوزارة في المفاوضات.

لم يستغرق الامر طويلا حتى قررت النقابة العامة للعاملين بالصناعات الغذائية بتجميد عضويتها من التنظيم النقابي كله بدعوى تحدثها مع وسائل الاعلام عن تواطؤ اللجنة النقابية بالشركة مع الادارة ضد مصالح العمال. كان قرار التجميد قد أصدر قبل قرار الشركة بفصلها تعسفياً بأيام قليلة حتى لا يقال “فصل نقابية تعسفياً”.

في واقع الأمر الدعوى التي أعلنتها النقابة العامة عن دعوة عائشة لسحب الثقة من اللجنة النقابية كانت صحيحة، فعائشة كانت تتحدث ببديهية “اللجنة النقابية لابد وأن تمارس دورها الأصلي وهو الدفاع عن حقوق العمال، وعندما يصل الأمر لتواطؤ اللجنة النقابية مع الادارة يكون الواجب هو سحب الثقة منها” هذا على الرغم من كل الاغراءات التي عرضت عليها بوصفها عضو مجلس ادارة هذه اللجنة.

وفي الوقت الذى أصدر رئيس مجلس ادارة الشركة قرار بحق ثلاثة عاملات من المساندين لعائشة :اذ نقل عاملتين للاسكندرية ,وفصلت ثالثة. كانت الضربة موجهة بالأساس ضد عائشة لقطع اتصالها بالعمال ومحاصرة تأثيرها فيهم فضلا عن قطع مصدر رزقها ورزق أهلها .

علي الرغم من صدمتها وادراكها بما سيترتب عليه الأمر، الا ان خطوة واحدة للخلف لم تخطوها عائشة وانما زادها القرار حماسا واصرارا علي المضي قدما على طريق الحركة العمالية فى الشركة . فبدأ اتصال عائشة بالصحفيين ومن ثم خروج كفاح عمال مصنع الحناوى للنور، كما لجأت للقضاء لاسترداد الحق المنهوب.

عادت ثلاثة وثلاثين عاملة لوظائفهن ولكن عائشة وحدها ظلت مستبعدة من مصنع قضت فيه نصف عمرها ,فى البلدة الريفية التى لا تفسح المجال واسعا لعمل النساء. هذا يوضح مدى المفارقة الغريبة في قصة عاملتنا المكافحة، على الرغم من فصلها من التنظيم النقابي ومن ادارة الشركة، الا انها ظلت تمارس دورها النقابي في كل الأحوال، وهي عاملة بالشركة، أيضا وهي مفصولة منها.

وصل شعور طلعت الحناوى صاحب الشركة نفسه بالخطر الذى تجسده عائشة، التي استمرت في دورها القيادى فى الحركة العمالية بالشركة، للحد الذي أرسل معه اثنين من سائقيه لبيتها لتهديدها مباشرة.

كلهن نساء على أى حال :منهن من تجسد تحققها فى منصب تقلدته كوزيرة للقوى العاملة والهجرة مسئولة عن 15 مليون عامل- كما هو حال عائشة عبد الهادى التي لا تجد غضاضة من التفاخر بانتمائها لصفوف العمال – تدين باستمرار احتجاجاتهم واضراباتهم وتغض الطرف عن فصل العمال وتشريدهم. فهي تهيمن على الانتخابات العمالية فى الوقت الذى تتحدث فيه عن ضرورة استقلال التنظيم النقابي.

وأخرى تفرض نفسها فرضا على الحركة النسوية المصرية عبرالمجلس القومى للأمومة والطفولة كسوزان مبارك وهى التى ما كانت لتقف امام الكاميرات مدافعة عن حقوق المرأة المصرية الا من خلال قسيمة زواج قيدت فيها اسمها بجانب صاحب الضربة الجوية فصارت السيدة الأولى..

نساء من هذا النوع نجحن باقتدار فى جلب اللعنات على قضايا حرية المرأة بكلمات لا يفهمها سوي أمثالهم .واخريات كعائشة ابو صمادة مارسن حريتهن وانتزعنها عبر نضال طبقى لا يعرف عن النساء الا شراكتهن مع الكادحين.